الوحدة- د. رفيف هلال
كثير من الآباء والأمهات يعتقدون أن تكرار الطلبات هو الطريق الوحيد لضبط سلوك أطفالهم، لكن الحقيقة أن هذا التكرار غالباً لا يؤدي إلا إلى الإحباط لكلا الطرفين. تجد الأم تقول الشيء نفسه في كل وقت، بينما الطفل يواصل التصرف بعكس ما يُطلب منه، فتبدأ دائرة الصراخ والتهديد، وتنتهي الأم منهكة والطفل مثقلاً بالمشاعر السلبية.
“رنا”، وهي أم لثلاثة أطفال، كانت تروي لصديقتها “ندى” معاناتها:
“أخبر ابني عشر مرات ألا يترك حقيبته في الصالة، وفي كل مرة أجدها في المكان نفسه!”
ابتسمت “ندى” وقالت: “جربي أن تطلبي منه بطريقة مختلفة: بدلاً من (لا تترك حقيبتك هنا)، قولي “ضع حقيبتك في غرفتك”. ستفاجئين بالنتيجة.”
السر في إعادة صياغة الرسالة، العقل الباطن، خاصة لدى الأطفال، لا يتعامل مع النفي بنفس منطقنا نحن الكبار. فعندما تقول الأم “لا تسكب العصير”، ما يسجله دماغ الطفل غالباً هو كلمة “اسكب العصير”! ولهذا نجد أن السلوك يتكرر رغم التحذيرات.
أمثلة على التحويل الإيجابي، جرّب أن تستبدل العبارات السلبية ببدائل إيجابية: بدلاً من “لا تتأخر عن النوم” قل: “حان وقت النوم الآن”. بدلاً من “لا تلمس الزر” قل: “اترك الزر كما هو”. بدلاً من “لا تصرخ في البيت” قل: “تحدث بصوت هادئ”. بدلاً من “لا تترك طعامك” قل: “تناول طعامك حتى تشبع”.
“ملك”، وهي مدرّسة روضة، جربت هذا الأسلوب مع تلاميذها، وتقول: “في البداية اعتقدت أن الأمر مجرد تغيير كلمات، لكن لاحظت أن الأطفال صاروا يستجيبون أسرع، وكأنهم فهموا الرسالة بوضوح أكبر.”
لماذا ينجح هذا الأسلوب؟
الجملة الإيجابية تخبر الطفل مباشرة بما يجب فعله بدلاً من تركه يفسرها بنفسه.
الأسلوب الإيجابي يجعل الطفل يشعر بأن هناك طلباً يمكن تحقيقه، لا مجرد أمر بالابتعاد عن شيء.
تعزيز الثقة عندما نركز على ما نريده من الطفل، نمنحه شعوراً بأننا نتوقع منه النجاح، لا الفشل.
في النهاية، تغيير طريقة تواصلك مع طفلك ليس ترفاً تربوياً، بل أداة قوية تساعدك على بناء علاقة قائمة على الاحترام والتفاهم. فالكلمات ليست مجرد أصوات، إنها مفاتيح تفتح أو تغلق قلوب وعقول أطفالنا.