الوحدة- ميساء رزق
لا شك أن انطلاق الحملة الوطنية “النظافة ثقافة” تحت شعار “سوريا بيتنا الكبير” يمثل خطوة هامة نحو استعادة الروح الوطنية والحس المجتمعي العميق، حيث تتجاوز حدود الأفراد لتشمل مختلف محافظات الجمهورية العربية السورية، بتنسيق بين الجهات الحكومية والمجتمع الأهلي، لتحمل في طياتها رسالة واضحة بأن سوريا ليست مجرد أرض، بل هي بيت كبير يجمعنا، ويتطلب منا جميعاً أفراداً ومؤسسات الحفاظ عليه وتنظيفه.
إن مشاركة الوزارات ومؤسسات الدولة جنباً إلى جنب مع الفرق التطوعية والمبادرات الأهلية، يعكس وعياً متزايداً بأهمية تضافر الجهود لتحقيق التغيير المنشود، فوزارة الثقافة من خلال تبنيها لهذه الحملة تؤكد على الدور المحوري للثقافة في تشكيل السلوكيات والقيم، حيث تسعى لترسيخ ثقافة النظافة كجزء لا يتجزأ من الانتماء للوطن، وكأساس لبناء “سوريا الجديدة” التي نطمح إليها جميعاً.
إن المشاركة الفاعلة والكثيفة في هذه الحملة وبالتوقيت الواحد تبرز الطبيعة الشمولية للحملة، كلٌ في مجال اختصاصه، لتعمل على تنظيف مواقعنا الأثرية التي تمثل جزءاً من تاريخنا وهويتنا، والحدائق العامة التي هي متنفسنا، والساحات الرئيسية التي تشهد على نبض الحياة.
الأمر لا يقتصر على مجرد حملة تنظيف جسدية، بل هي في جوهرها حملة لغرس الثقافة، ثقافة تعني أن النظافة ليست مسؤولية عامل النظافة وحده، بل هي مسؤولية كل فرد منا، أن نحافظ على شوارعنا نظيفة، وأن نضع القمامة في أماكنها المخصصة، وأن نعتني بالحدائق والمساحات الخضراء، بتعبير صادق عن حبنا لوطننا وولائنا له.
إن شعار “سوريا بيتنا الكبير” ليس مجرد عبارة رنانة، بل هو دعوة للتفكير الجماعي والشعور بالمسؤولية المشتركة، فعندما ننظر إلى سوريا كبيت لنا، فإننا ندرك الحاجة الماسة للحفاظ عليه، وتزيينه، وجعله مكاناً لائقاً للعيش، يليق بتاريخه العريق وحضارته العريقة.
وفي ظل التحديات التي مرت بها سوريا، تبرز مثل هذه الحملات كدليل على قدرة الشعب السوري على النهوض مجدداً، والبدء في إعادة البناء، ليس فقط على المستوى المادي، بل على المستوى الثقافي والسلوكي أيضاً، ونجاح هذه الحملة يعتمد في النهاية على استمرارية الجهود، وتحويل هذا الشعور المؤقت بالنظافة إلى سلوك دائم، وعادة متجذرة في حياتنا اليومية.
“النظافة ثقافة”، واليوم في كل مكان من سوريا تبدأ هذه الثقافة بالتشكل، لتؤكد أن شعب سوريا حتى في أصعب الظروف لا يزال يحمل في قلبه حب الوطن، وقيمة الجمال، ورغبة صادقة في بناء مستقبل أنظف وأجمل.