العـــــدد 9408
الثلاثـــــــاء 20 آب 2019
رموز وأشكال ولوحات زاخرة بالمشاعر التعبيرية بمنطق عقلاني، باحثاً عن جمالية اللمسة المدروسة، وحرفية الحركة لإضفاء العفوية والبساطة على قطعة خشب أو صخرة لتصبح منحوتةَ، وتحويلها للوجود الفعلي في بيئة فنية، واكتشاف الواقع الحقيقي من خلال تنظيم المظهر الحسي ليستقر معناه.. الفنان خليل محمود إبراهيم التقيناه ليحدثنا عن مسيرته الفنية فقال:
بدأت مسيرتي مع الفن باكراً، أنا والفن توءمان، لا أفارقه ولا يفارقني أبداً، هو شغلي، أعمل به منذ الطفولة قبل أن أدخل المدرسة، وقبل أن أتعلم وأفهم الحروف، كنت أشعر أني أفسّر الأشياء بشكلها، وطبيعتها، وعندما أخبروني بأنني سأذهب إلى المدرسة لأتعلم القراءة رسمت خطاً طويلاً على الأرض بإصبعي، وكأنني رسمت طريقي الذي يجب أن أسير عليه، سعادة كبرى غمرتني عندما أحضر لي والدي أقلاماً وألواناً وكرتوناً وقال: ارسم ما تشاء وكانت الانطلاقة في الفن.
أولى لوحاتي كانت وجه أبي وأمي بمنديلها الحرير ثم زهرة وكنت أقصد بها أمي، ومن بعدها أصبح والدي يجمع رسوماتي ويعلقها على جدران الغرفة ليراها الناس جميعاً، وأصبحت المثل الأعلى بين الأطفال.
مفرداتي في الحياة الصبر والهدوء، وكذلك الصمت والابتعاد عن الضجيج والوحدة مع ما أحب، وإلهامي الوحيد هي القلادة التي وضعت في عنقي وولدت معي بالفطرة، عندما يفكر الإنسان جيداً بصبر وتأنٍ ينجح عمله شرط أن يكون عاشقاً ومغرماً بما يريد أن يفعله ويسعى دائماً لتحقيقه، العمل بعيداً عن الناس جميل جداً، ولكن العمل بالقرب منهم أجمل بكثير يعطي الدافع للعطاء والإبداع وتبسيط الأمور وتزيينها لما يسر العين برؤيتها.
أما بالنسبة لخصوصية الأماكن، فلكل مكان أعمل به ميزة خاصة، وهذا ما يظهر في أعمالي ومنحوتاتي سواءً الخشبية أو المصنوعة من الحجر.
مشاريعي التي كنت أحلم بها منذ الصغر وحتى أيام الشباب ما زالت في غيبوبة لأنني لم أتلق الدعم والمساعدة لإحيائها وجعلها ترى النور وليس لدي دخل مادي إلا الراتب الذي بالكاد يكفي لقمة العيش مع عائلتي.
أقمت معارض إفرادية واشتركت في معارض جماعية في كل سنة ثلاثة معارض تبناها الاتحاد العام للنقابات والإدارة السياسية وخاصة في المتحف الحربي بدمشق وكان لي معرض دائم في مدخل مبنى الاتحاد العام للفلاحين، وفي مدينة جبلة أقمت أكثر من ثلاثة معارض في صالة ومشغل الأستاذ عامر علي للفنون وآخر معرض تبناه المركز الثقافي العربي بجبلة، كما كانت لي مشاركة في الهواء الطلق على كورنيش جبلة.
لي منحوتات خشبية مقتناة من قبل الإدارة في المتحف الحربي ومنحوتات حجر بازلت في متحف دير عطية أما المشروع الفريد من نوعه، والذي أريد أن أتحدث عنه هو الرسم بالخشب على الخشب أي الرسم بأعواد الكبريت، وهو إبداع فكري وفني حرفي بنفس الوقت وشاركت بهذا العمل المميز بمعرض في دمشق وحسب تقديراتي استخدمت أكثر من ثلاثين ألف عود وحمل عنوان: (إنتاجات عامل عربي سوري) وحينها لم أجد من يشجع أو يهتم وبحثت في نفسي عن أسباب لرفع من مستويات هذا الفن.
أنا لا أعمل من أجل المال فقط رغم حاجتي الماسة إليه، وأغلب أعمالي من أجل شيء في داخلي أريد إيصاله من خلال هذه القطع الخشبية التي أحولها إلى رسائل فنية مزركشة ولكل منها قصة ورمز ولا يوجد في قاموس حياتي شيء مستحيل عندما نريد نفعل، والشيء الثاني هو قتل الفراغ في حياتي.
الفن في مقدمة الرقي للحضارات ومن خلال نرى جماليةً وإشراقة ًفكرية ونحن الآن بأمس الحاجة للتوثيق والتعظيم لأننا قادمون على الانتصارات الكبرى على الكون الذي يعمل ضدنا وهدفه تدمير وهدم المنارة والحضارة يجب علينا جميعاً أن نعيد كل شيء كما كان وأجمل ما يكون وتمجيد البطولات وهي عبارة عن سلسلة من الفنون والآداب والعلوم.
أتمنى أن يجد الفنان باباً، بل كوةً صغيرة توفر له ما يحتاجه وإيصال الفن إلى جميع دول العالم.
معينة أحمد جرعة