حجـــارة صــــافون.. من رحــــم الألــم ولــد هــذا الفــن

العدد: 9287
7-2-2019

 واجه الكثير من النقد في البداية، وقوبل بكثير من الحب في النهاية، فليس كل من وضع حجرين فوق بعضهما أصبح فناناً.

للحجر أبجدية أبدعها جبل (صافون) الأوغاريتي وزوجته سما أورنينا التي التقيناها مؤخراً وجمعنا الحوار الآتي..

* كيف اكتشفت سماهر محمود تلك الفنانة الساكنة في داخلها؟

** عندما كنت صغيرة كنت أعشق الطبيعة بألوانها، أمضي أغلب أوقاتي في الطبيعة، أرسم بالطين والحجر وأجمع الزهور من الطبيعة لأزيّن بها المنزل الذي رسمته بيدي، كما قلت من تراب الأرض والماء كنت أصنع العديد من اللوحات أنا وأبناء قريتي. 

عندما كبرت قليلاً كتبت الخواطر واحتفظت بها لنفسي، كنت أشعر أن في داخلي فنان، أراقب عمّي عندما يرسم وقد شدّتني الريشة والألوان ولكن للأسف لم أعش الطفولة كما أرغب، كانت الحياة صعبة.
* «مدام» النحات نزار علي بدر، الوصف الذي رافق لقاءاتك، ماذا اكتسبت من نزار الفنان؟
** اكتسبت من الفنان نزار التحدي والإصرار بالرغم من النقد الذي واجهه أصر على متابعة الطريق وتنفيذ أفكاره.
* حياة السلحفاة تعجبني… إنها قدوتي، مقولة عرفت عنك، ما قصتها؟
** السلحفاة قدوتي في الحياة لأنها حكيمة صبورة ملتصقة في بيتها، بطيئة وتصل إلى هدفها مهما طال الوقت وأنا أتمثل خطاها.
* على الرغم من النجاح الذي لاقته حجارة (صافون) فقد تعرضت أيضاً لنقد البعض باعتبارها ليست فناً تشكيلياً وإنما فن تطبيقي سهل، بم تردين على هؤلاء؟
** فن حجارة (صافون) فن جديد اكتشفه الفنان نزار ولا يحق لأي شخص أن ينقده نقداً غير هادف، دعينا نقول: إن هذا الفن فن تطبيقي، أنا معك ولكن من يحق له أن ينقده هو ذاك الذي لامس الحجارة وحولها إلى قصة ورسالة وصلت إلى عمق كل إنسان، إن حجارة صافون هي السهل الممتنع أي أنها سهلة بالنظر ولكن لا أحد يستطيع أن يرسم ويقدم الحجارة بكل رموزها الغنية إلا بإشراف نزار الفنان المبتكر لهذا الفن، يكفي أنه تحدث عن آلام الناس بلغة خاصة وصلت بالحجارة كأبجدية ثانية خرجت من أوغاريت، تحدثت الحجارة عن واقع الحال في كل مكان وعن الحزن والفرح، كانت الرسالة الأعمق والأصدق والأسرع للمتلقي وأظن هذا الفن ليس كباقي الفنون لأنه مجرد ما وضعنا أعيننا على اللوحة نفهمها.
* من يحفز أصابعك على الإبداع أكثر؟ مشهد مؤلم على شاشة التلفاز أم موقف يومي أم كلمات معبرة من شخص ما؟
** كل الأشياء المحيطة بي تحفزني على الرسم، واقع الحياة، الحزن، الفرح، الحرب والألم، أمّ الشهيد، فقدان المحبة بين الناس أيضاً يؤثر بي، الخيانة وكل الحالات التي تمر في حياتي تؤثر بي إلى حد كبير، أدوّن حالاتي في حجارتي أو على أوراقي.
* لديك تجربة جميلة في كتابة الشعر ما القاسم المشترك بين شعرك وحجارة صافون؟
** الرسم والشعر توءمان لا يمكن فصلهما عن بعض يكملان بعضهما، في البداية كتبت الخواطر واحتفظت بها لنفسي، ساعدتني بالهروب كباقي النساء إلى عالم أحلم به ولو أنها كانت حبراً على ورق، كنت أتنفس من خلال كتاباتي وكان القلم صديقي يواسيني، كنت أحب الرسم فرسمت شعراً على ورق وبعدها حققت غايتي في الرسم على الحجارة، الحجارة عشقتها من خلال الفنان نزار جعلني أحبها لدرجة كنت أبحث عنها وفكّ رموزها.
* يقول النحات بابلو بيكاسو: من العبقرية استخدام المادة الخام وتحويلها إلى قطعة فنية، هل تفكرين في تغيير موادك الخام من حجر إلى أشياء أخرى وإن فعلتِ ماذا تفضلين؟
** حصى البحر ورماله لا تحتاج للإضافات، الفنان نزار يريدها على ما هي عليه وإلا تحولت لموضوع آخر، نحن نتحدث عن حجارة صافون، إن أضفنا أشياء أخرى سنبتعد عن هيكلية الحجارة وألوانها وتعابيرها، الفكرة تنبض من الحجارة، توحي لنا ونحن نقوم بالتشكيل وتحويلها إلى لوحة جميلة.
* لكل فنان رسالة وقضية يؤمن بها ويناضل لأجلها، ما هي قضيتكِ أو رسالتكِ التي تسعين لإيصالها؟
** أظن رسالتي وصلت، رسمت وجعي ووجع كل إنسان في هذا البلد، كانت رسالتي وطنية عاطفية، أنا عاشقة لتراب سورية وأفتخر بهويّتي، أحببت أن أعلّم عدداً كبيراً من الأطفال ولكن للأسف لا أستطيع بسبب الظروف المحيطة بي، ودائماً أدعو الأمهات أن يخبرن أولادهن عن هذا الفن لعلهم يتعلمون منه أو ربما على الأقل يتعرفون على الحجارة التي خرجت من رحم أوغاريت من شواطئ اللاذقية، يتعرفون على جبل صافون، على ألوان الحجارة والهدف أن يحبوا حجارة الوطن.
* ما المعوقات التي تقف في طريق المرأة المبدعة في مجتمعنا وتؤخرها برأيك؟
** هناك معوقات كثيرة في حياتي وحياة بعض النساء، قلة المال والفراغ الذي لا أملكه، في البدايات كنت أعشق مهنة التعليم ولكن للأسف الظروف لم تساعدني على إكمال دراستي، واليوم أيضاً المعوقات هي ذاتها، تثبيت العمل يحتاج للمال، وأيضاً العائلة تأخذ من وقتي واهتمامي الأكبر وهذا يجعلني مقصرة في فنّي، وحضور المعارض أيضاً ومشاركة الفنانين، أنا مقصرة بحق نفسي وفني.

نور نديم عمران

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار