العدد: 9404
7-8-2019
على الرغم من عدم وعينا آنذاك بمعنى الصداقة، أو عدم إدراكنا لأهمية ومكانة الآخر في حياتنا، إلا أنّ لكلّ منا أصدقاء مميزين، رافقونا منذ عهد طفولتنا الأولى، أصدقاء احتلوا مساحة الذاكرة النقية التي لا تخربها علاقات المصالح وعالم الماديات، هم أشخاص يقيمون في عمق الذاكرة الأولى، يُسترجعون في كثير من الأحيان، نستقبلهم بابتسامة وأمنيات للعودة معهم، لمواصلة اللعب في المدرسة، أو في الحيّ القديم، أو لإكمال مسيرة الأحلام والأمنيات التي خططت وجهتنا في الحياة بعيداً عنهم، وفي هذا الاستطلاع تتجول صحيفة (الوحدة) في ذاكرة الطفولة، وتستلهم من مساحاتها إشراقاتٍ من الحنين لأيام جميلة زينت مواقف حياتنا، وطوتنا في جنباتها بكثير من المحبة والألفة بيننا وبين أصدقاء كانوا بحق مثالاً للوفاء والإخلاص، وعنواناً لأجمل العلاقات الإنسانية وأنقاها..
* السيد الياس عساف، مهندس قال: صداقة الطفولة واحدة من الصداقات التي نتذكرها بمزيد من الفرح والحنين والأماني، فرح لمجرد الاحتفاء بهذه الصداقة وسنوات عمرها، وحنين إلى مواقفها وذكرياتها، والأماني بعودتها مجدداً بعيداً عن المصالح والأنانية، أما اليوم فإن الصداقة بين الأطفال تنشأ عندما تكون هناك صداقة بين الآباء أو مجال مشترك أو الانسجام في اللعب، لكن مع ذلك تبقى صداقات تحكمها البراءة في التعامل، وفي معظم الأحيان تمتد هذه الصداقات وتدوم طويلاً وتكون صداقة حقيقية تستمر مع مشوار الحياة.
* السيدة فاتن ديب، مديرة مدرسة قالت: بما أننا نعيش في مجتمع له قوانينه وعاداته، فإننا نلاحظ أن هناك علاقات مفروضة على الأطفال، مثل علاقتهم بأسرتهم، ولكن يفترض أن تكون الصداقة لديهم علاقة اختيارية مبنية على الثقة والاهتمام المتبادل، والمشاركة الصادقة في مواقف الحياة المختلفة، وهذا ما أترجمه على أرض الواقع مع أطفالي، فالصداقة تعلمهم معنى التعاون والعمل الجماعي، وكذلك تنمي روح المنافسة الإيجابية بينهم، وتدفعهم إلى الأمام، فهي مهمة جداً للأطفال، ومتعددة المزايا بشرط أن تنمو على أرض سليمة.
* السيدة ايمان نصار، مرشدة اجتماعية قالت: لا يمكن للإنسان أن يعيش بعيداً عن مجتمعه، ومن هنا يمكننا القول بأن للصداقة الدور الحيوي والفعال في حياة الطفل، فهي تنمي شخصيته، وتبعده عن العزلة التي قد تحوله إلى شخصية هشة، لذلك يجب علينا كأهل تشجيع الصداقات بين الأطفال، لأن عزلهم عن محيطهم يمنعهم من النمو الطبيعي والسليم، لكن مع ذلك يجب على الأهل معرفة أصدقاء أطفالهم، ومتابعة سلوكياتهم، ومنعهم من تقليدهم لأصدقائهم مثلاً في العنف أو الألفاظ غير المهذبة وغير ذلك من التصرفات السلبية التي تنعكس بدورها على أطفالنا، وأنا أحتفظ بأصدقاء أعتز بهم وبصداقتهم منذ طفولتي، وكثيراً ما يسألني أطفالي عن كيفية الاحتفاظ بهذه الصداقات حتى اليوم ودائماً تكون الإجابة: بأن الأساس المتين لأي صداقة هو الاحترام المتبادل والمشاركة الوجدانية والمحبة البعيدة عن
الأشياء المادية في الحياة
* الصديقة مرام يونس، الصف الثامن قالت: كُثر هم الأطفال الذين نقابلهم في المدرسة، أو في الحي، أو في اجتماعات العائلة، أو في غير ذلك من الأماكن والمناسبات منهم من يتحول إلى صديق حقيقي، وربما تمتد الصداقة معه إلى الأبد، وهذا ما أتمناه مع صديقتي سندس التي نتقاسم معاً الكثير من المواقف النبيلة والمشاركة الصادقة التي تتخطى مقاعد الدراسة إلى الظروف الحياتية التي تواجهنا في المنزل وهذا ما سيساهم مستقبلاً بدوام هذه الصداقة.
* الصديق أيهم بدور، الصف السابع قال: بدأت صداقتي مع ابن الجيران في ساحة الحي التي نستثمرها في أوقات فراغنا كملعب لكرة القدم التي نحبها وها هي السنة الرابعة تمر على صداقتنا بكثير من التفاهم والمشاركة في جميع الظروف، حتى أننا كنا السبب في تعارف أهلنا وزياراتهم العائلية وأتمنى أن تستمر هذه الصداقة طويلاً لأنها من العلاقات السامية في المجتمع.
بقي للقول
لاشك أننا نحتفظ في حياتنا بالعديد من المعارف والأصدقاء، لكن لأصدقاء الطفولة مكانة مختلفة في خزان ذاكرتنا، فلقد جمعتنا بهم أيام البراءة والفرح والأمنيات،
وقضينا بصحبتهم أجمل الأوقات، فهم من شاركونا حلو الحياة ومرها، وكانوا بحق منبعاً للوفاء والإخلاص، فلنحرص على تشجيع أطفالنا لبناء مثل هذه العلاقات السامية في حياتهم لتلقي بظلها الجميل على دروبهم وتكون السند القوي والملجأ الآمن الذي يلجؤون إليه عندما تشتد الحياة عليهم فيخرجون بعزيمة أقوى لمتابعة مشوارهم الطويل في المستقبل.
فدوى مقوص