الأمهات السوريات خنساوات العصر

العدد: 9286

6-2-2019

لا زالت المرأة السورية تربّي بيد وتبني باليد الأخرى، مازالت تحمل راية عشتار وجوليا دومنا وزنوبيا وخولة والخنساء، هي البطل الذي يصنع التاريخ، هي تصنع الأبطال والمفكرين الذين يحرفون البوصلة بالاتجاه الصحيح، وكلما كانت هذه المرأة التي هي الأم والزوجة والأخت مذخّرة بالعقيدة والإيمان وتراث الأجداد وحب الوطن، كلما كان أولئك الأبطال صنّاع التاريخ أكثر قدرة على المواجهة والصمود وأكثر وعياً ونفاذ بصيرة ورؤية واضحة، وفي عصرنا الحديث من صنع الأبطال هي المرأة الأم التي عملت في الأرض بصبر كبير لتؤمن لابنها ثمن الكتاب وتكلفة الدراسة، تحكي الخطوط في كفيها عن مئات أيام الشقاء وتقرأ حول عينيها سهر الليالي، هي الأم التي ربط الله على قلبها وهي ترسل ابنها إلى الكليات العسكرية وساحات المعركة، هي الزوجة التي تحملت وتتحمل عبء تربية الأطفال ومشاق الحياة لوحدها في غياب زوجها سواء كان غائباً لعدة شهور أو ربما قضى شهيداً أو جريحاً وأصبح أمامها عاجزاً عن الحركة تتحمل مسؤولية علاجه إلى جانب مسؤولية أطفالها الآخرين، هي الأم التي تردع ابنها عن الانخراط في المؤامرات والخيانات ضد بلاده رغم كل المغريات التي مده بها أعداء الوطن.

ليست السوريات مربيات وحسب بل إنهن مقاومات محاربات هن خنساوات العصر وقامات السنديان الضاربات جذورهن في أعماق الأرض، إنهن مثال للصبر والعزيمة والعطاء ترسمن لابنائهن لوحة التاريخ المشرف والكرامة وعلامات النصر والفرح على صفحات الكون كله فلو كانت إرادة الأم واهية واستعدادها ضعيفاً لأصاب ابنها الوهن والضعف والخذلان.
تلك هي الأم السورية المقاومة البطلة التي عملت وصمدت وقاومت الإرهاب وتحول ضعفها إلى معدن من أصلب الأنواع عندما استشعرت الخطر حملت البندقية وصعدت الجبال لتقاتل بجرأة وشجاعة الرجال، لقد حققت المرأة في سورية مكانة مرموقة وجعلت سورية في طليعة الدول المتحضرة لأن الحضارة في هذا العصر تقاس بمدى مشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية والعسكرية، وبنظرة سريعة إلى المدارس والجامعات نجد نسبة المعلمات الإناث تفوق نسبة المعلمين والنسبة الكبيرة من الكادر التعليمي هنّ إناث وإذا مددنا النظر قليلاً آلاف الخريجات من مختلف الاختصاصات العلمية والأدبية وحتى في المجالات الصعبة هناك مشاركة للمرأة في الجيش والشرطة ويفوق ذلك استعدادها الدخول في السلطة التشريعية والتنفيذية في الدولة ويفوق ذلك اللجان التطوعية التي اتخذت طابعاً إنسانياً، تعمل بشكل طوعي على متابعة أمور الجرحى وذوي الشهداء والعائلات المنكوبة وتصل إلى قلوب صانعي المجد، تلك المناطق التي سبقن إليها الرجال والتي من الصعب الدخول إليها وهي القلوب الجريحة التي تحتاج إلى حنان المرأة وإرادتها القوية.
نحن خلقنا للحياة، قادرون أن نغرق الأمم بالعطاء، والأم السورية عنوان متجذر بتاريخ أمتنا ووهج للخلود رسمت على صفحات الكون أبواب فرح ونصر نستنبت منه زرعاً وربيعاً.

 كفى كنعان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار