العـــــدد 9400
1 آب 2019
تبحر الكلمات، تسافرن تبعد، تحوِّم في فضاءاتٍ ملونةٍ، تتساقط حبقاً وطيوّناً، تحط على أفنانٍ مترعةٍ اخضراراً، تتسامق فيما بينها، تود كل واحدة منها أن تزيل الغشاوة عن دروبٍ تعودت أن تنهض بسالكيها، فراحت تموِّج الأنغام في حداءٍ متواصل.
كان الصباح ينبعث على شفاه الشروق، وأحلامي عرباتٌ يتوهجن تحت أنفاس الشمس محملة بجدائل من ياسمين وسوسنات، ورأيتني ألوب كدوري يتنزه تحت وجه الريح بحثاً عن حبة قمح مشلوحة فوق أرصفة بيادر نُكرم حاصديها.
لا أدري كيف رحت أتبدد في فرحي، بعد أن خلعت سراويل السأم وأترعت آخر كأس نبيذ كنت قد عتّقته زمناً وشلحت خلفي أمسي ورحت أموِّج على الدروب، وقد مضت في نشوة الابتسامة سعادتي وبلّل وجنيتها ندى الصباح فراح يزدهي في خطواتها النهار.
ذات حيرةٍ- سأل صديقٌ صديقه:
* هل تستطيع أن ترى الله؟
** أنا لا أعبد رباً لا أراه..
* وأينه الآن؟ أرني إياه..
** لا تدركه الأبصار وهو يدركها، وإنه أقرب إليك من حبل الوريد..
* وهل يغفر لنا أخطاءنا؟
** وسعت رحمته السموات والأرض، وإن الله يغفر الذنوب جميعاً إلا أن يُشرك به.
* يعني أستطيع ارتكاب المعاصي معتمداً على غفرانه.
** ليس الأمر كما تذهب وإنه شديد العقاب.
* وماذا عن غفرانه الذي ذكرت؟
** وهل تتوقع منه أن يخلق خلقاً ويفلتهم من عقابهم؟ ماذا يحدث عندها، ولكأنك لم تسمع قوله: (وهديناه النجدين)؟
* بلى سمعت..
** إذاً.. أنت من يحدد الثواب والعقاب.
على مفترق الغيم راحت أيامي تصهل وذكريات يطوّقن خصر السنين تحت شجرة التوت وضعتني أمي بعد أن ألقت عن ظهرها أكداس من كان يوماً دافئاً كما أخبرتني أمي بعد عمر، فشباط (اللّباط) لا يخبئ شمسه.
سيف الدين الراعي