العدد: 9400
1-8-2019
كما الجبال الراسخات في عقولنا، والأساطير الشامخات في وجداننا، كجدائل النور التي تؤذّن للكون بالنهوض للحياة من جديد، كذلك هم رجال الضياء، رجال العزة والكرامة، أصحاب الجباه الطهر والوجوه السمر، رجال الجيش العربي السوري.
أمامهم وحدهم يعجز اللسان والبيان عن وصف بطولاتهم التي أذهلت العالم، وغيّرت مجرى التاريخ.
هم وحدهم الذين حوّلوا الأسطورة إلى واقع، وهم الذين أقسموا وعاهدوا الله والوطن أن يبذلوا كل غال ونفيس في سبيل تحرير الأرض والحفاظ على كل ذرة من ترابها المقدس، في يوم عيدهم تشرفنا بلقاء بعض الجبابرة منهم، هؤلاء الذين زيّنوا جباهنا بالعز والفخار والشرف الرفيع، وهم الذين علّمونا وعلّموا أبناءنا أن لا حب يعلو على حب الوطن أو حتى يدانيه، وهم الذين قرنوا القول بالفعل، وجسّدوا قيمة الكرم والسخاء على حقيقتها عندما قدموا أجزاء من أجسادهم وعبق دمائهم، فأعطوا بلا حدود، بلا ثمن، بلا تردد، ليحيا الوطن بأكمله، وأعادوا نبض الحياة من جديد في يباس قلوبنا، وحياتهم مسيرة مستمرة من العطاء اللا محدود.
* الجريح البطل الملازم أول مرهج ميهوب سليمان قال: أنا من قرية (الخوارات) في صلنفة، تعرضت خمس مرات للإصابة، أولها في حمص في معركة بابا عمرو، وثلاث منها بداريا، وكانت الخامسة هي الأخطر على الإطلاق بمعركة مرج السلطان في الغوطة الشرقية حيث بترت خلالها ساقي اليمنى من تحت الركبة، كما تعرضت ساقي اليسرى لأذية شاملة، وأضاف: سُرحت مرتين خلال الإصابات السابقة، الأولى بنسبة ٤٠% والثانية بنسبة ٤٥% إلا أنني ولعشقي اللا متناهي للجيش والشهادة والدفاع عن تراب الوطن وبالإرادة والتصميم عدت للالتحاق مرة ثالثة بقطعتي في الحرس الجمهوري، وحينها تعرضت للإصابة الأخيرة البليغة والذي سُرحت للمرة الثالثة بسببها، وحصلت بموجبها على نسبة عجز ٨٠%
وأضاف: خلال سنوات عملي في الجيش أدركت معنى أن العمل عبادة، وتمنيت أن أمضي طيلة أيامي فيه، فالجيش العربي السوري جيش مقدس، وقد عاهدته منذ بداية مسيرتي معه أنه لن يشهد مني جبناً أو تراجعاً، ولن يعرف الخوف طريقه إلي أبداً، ولذلك دافعت عنه بكل روح قتالية، وخضت أشرس المعارك ليعيش الجميع بأمان وسلام، وإن توقفت أنا مرغماً فرفاق السلاح سيتابعون المهمة ليلقنوا أعداء الله والوطن هؤلاء الذين لن ينالوا من صمودنا وعزيمتنا درساً لن ينسوه أبداً.
* أما الجريح البطل راكان علي فاضل من قرية القطربية فقد قال: منذ بداية طفولتي وحلمي الوحيد أن أكون ضابطاً في الجيش العربي السوري، وقد عملت جاهداً وحققت الحلم، وفي بداية الحرب اللعينة أخبرت نفسي بأنه حان دور ردّ الدين لبلادي التي أعطتني بلا حدود، حان الوقت ليظهر خفافيش الليل على حقيقتها، وكانت كل خدمتي في قلب سورية في محافظة حمص، والتي حاول المسلحون حينها أن يطعنوا بخنجرهم المسموم هذا القلب بكل ما يملكون من قوة، لكن جيش العزّ تصدى لهم ولكل جبروتهم، وقد أصبت أثناء هذه المعارك في ٢٠١٢ بأكثر من طلق ناري في منطقة الحوض، وقد أدت إصابتي إلى تفتت عظام الحوض مع أذية بالعصب الوركي والعصب الشظوي وحصلت على نسبة إصابة ٥٠ % وما زلت أتعالج إلى الآن حيث أجريت عشر عمليات جراحية إحداها كان فيها أكثر من ١٥٠ قطبة ورفضت التسريح لأنني ما زلت قادراً على العطاء وعلى الدفاع عن وطني، وما زلت إلى الآن على رأس عملي، وسأعلم ولديّ (حمزة وغدير) أن الوطن هو الأسمى والأبقى و هو مصدر الأمان للجميع، وأنه يستحق كل الحب والولاء، وحتى أكون فاعلاً في مكان وجودي ولا أكون عبئاً على أحد غيرت اختصاصي من مدرعات إلى الشؤون الإدارية، وخضعت لدورة لمدة أربعة أشهر تخرجت منها بمرتبة أولى، وأضاف للجيش العربي السوري قاهر الأعداء كل الحب والولاء، وبفضله سننتصر ونحيا بأمان لأننا ندفع الموت عن وطننا وعن الحياة، وندافع عنه بالدماء والأجساد كما الرصاص تماماً، ولن نركع ولن ننحني أمام اعتداءاتهم السافرة، لن نساوم ولن نفرط أو نتنازل عن دماء شهدائنا الأبرار ولا عن ذرة من ترابنا المخضب بدمائهم، وكل الأيام مكللة بالنصر في حياة كل فرد من أفراد الجيش العربي السوري.
* الجريح البطل كرم معروف أسعد من قرية جرماتي قال: كانت إصابتي في منطقة المنصورة في محافظة إدلب في الشهر الثامن من العام ٢٠١٥، وتعرضت لبتر ساقيّ الاثنتين وقال: كلنا مشاريع شهادة ليبقى الوطن معززاً مكرماً، وحافزنا دائماً كلام السيد الرئيس القائد العام للجيش والقوات المسلحة عندما قال: (كرامتنا أقوى من جيوشهم وإرهابهم) حيث إن الجيش الذي صمد كل هذه السنوات وبأقسى ظروف الحرب لن يضعف أبداً، صمود العزيمة والهمة العالية لإلحاق الهزيمة والعار بأعدائنا لم يكن من ضمن حسابات أعدائنا وكل الدول العظمى، ونحن تربينا على درب الشهادة والعزة والايمان بجيش متماسك قوي وأسطوري، وأضاف كرم البطل: عيد الجيش يعني عيد كل الشعب حيث لا توجد عائلة ولا بيت إلا وفيها أكثر من ابن أو أخ يخدم بالجيش العربي السوري، عيد الجيش عيد مقدس، عيد الأساطير التي لم نسمع عنها إلا في الكتب ولكن على يد أبطالنا رأينا الحقائق على أرض الواقع أكثر وأكبر من أية أسطورة قرأنا عنها وخاصة في زمن الغدر والخيانة.
* وعبّر الجريح البطل نصر ياسر قاسم من قرية كلماخو والذي خطف والده وشقيقه الأكبر أمام عينيه ولم يتجاوز عمره خمسة عشر عاماً ومن ثم التحق بالجيش بعد فترة لأنه رفض أن يترك مكاناً فارغاً قد يدخل منه المسلحون ويدخلون الحزن إلى قلب أسر أخرى كما أحزنوا قلب أسرته، وشارك على صغر سنه بالمعارك بقلب أسد لا يهاب الموت ومن ثم تعرض لإصابة بليغة بترت ساقه خلالها، وأضاف نصر البطل: الجيش وحده من يحفظ كرامتنا وعزتنا ووحده من يحمي حياتنا وأماننا ووحده القادر بإرادته وصموده على تغيير عالمنا إلى جميل مهما غاصت الصعوبات بحياتنا وغصنا بها، وطننا يستحق كل الحب والتضحية منا، وجيشنا هو السبيل إلى ذلك وسنبقى متمسكين به ملتفين حوله وما بدأناه سيكمله أبناؤنا كما أكملنا طريق آبائنا، كل الحب والاحترام والتقدير لحراس الفجر وصانعي النصر في عيدهم الأغلى.
* الجريح البطل عمران جميل جبيلي من قرية رويسة بدرية، متطوع بالجيش العربي السوري وشارك مع كتيبته في غالبية المعارك في المحافظات السورية من حمص إلى ريف اللاذقية للغوطة الشرقية والغربية إلى درعا، وقال: بعد الانتهاء من تحرير الغوطة الغربية والقنيطرة بدأت عملية الغوطة الشرقية وعند وصولنا إلى حدود دوما أصبت في المعارك الدائرة حول محيط دوما وكانت إصابتي شديدة في اليد اليمنى مع شظايا بكافة أنحاء الجسد وأجريت عدة عمليات ليدي وما زلت أحتاج إلى مزيد من العلاج والعمليات كوني أعجز عن استخدام يدي حتى الآن، وما زلت على رأس عملي، ولن أتراجع عن مهمتي حتى تحرير كامل بقاع سورية، وأعايد نفسي، وأعايد جيشي البطل، وأتمنى النصر المؤزر في كل خطوة، ووعداً منا على تحقيق هذه الأمنية ولو اضطررنا لتحقيقها بتقديم الأرواح والدماء رخيصة فداء للوطن.
* الجريح البطل أحمد علي حربا أيضاً من قرية رويسة بدرية وحيد والديه والذي فضل الدفاع عن الوطن والقتال في سبيل نصرته ونصر أصدقائه الذين التحقوا بالجيش عن الجلوس والتنظير دون عمل يرجى منه الخير وقد أصيب إصابة بليغة في ساقه قيدت حركته ومنعته من المشاركة مع زملائه لأكثر من عامين لكنه عاد الآن والتحق مع رفاق السلاح رغم الألم الذي يعاني منه، وقال أحمد: لن نستكين ولن نركع ولن نضعف لأننا نملك الحق الساطع وسيكون النصر حليفنا ودماء شهدائنا لن تذهب سدى فهم الذين صنعوا تاريخ البطولة في الزمن الحاضر وسطروا صفحاته بالدم القاني وكتبوا بدمائهم أول تاريخ مشرق مشرف، فكل الحب والاحترام لكل فرد من أفراد الجيش العربي السوري والقوات الرديفة التي سطرت أروع ملاحم البطولة في كل ساحات وميادين القتال.
وأخيراً كل الحب والتقدير لهؤلاء الأبطال الذين أدوا الأمانة على أحسن وجه وحافظوا على وطنهم برموش أعينهم وكانوا أسوداً حقيقين في ساحات الوغى وعلموا الكون بأسره دروساً لن تنسى في الشجاعة والبطولة والفداء، ونقول لهم: أنتم لحياتنا نحن السوريين العيد وفي يوم عيدكم سلام الله عليكم وجعلكم دائماً بألف خير.
سناء ديب