قـــــــــروض اليـــــــــوم…صاحب القرض مديــــــــــــون.. والكفيل مهمــوم

العدد: 9399

 الأربعاء 31-7-2019

 

بعد طول انتظار فتحت مصارفنا المتخومة بالأموال باب قروضها المشهورة وتغنّى بعضها أمام الإعلام بمقدار السيولة التي تمتلكها, ودبّ شعور بالأمان والاطمئنان عند موظفي الدخل المحدود بأن الفرج قد بان وأضحى إلى زوال ليصطدم بواقع الحال بعد كثرة الهرج والمرج بتلك القروض غير الميسرة, وليس الحديث هنا عن أصحاب قروض الفعاليات الاقتصادية والسياحية التي تعطي نتائجها وحصادها ويتم تغطية أقساطها من مدخولها ذاته رغم وجود بعض الشروط الصعبة التي تنتاب منح هذه القروض لعدم قبول المحلات التجارية كضمانة للقروض الإنمائية بل إن الحديث عن قروض الدخل المحدود التي يتوجب على من يريد الحصول عليها اقتطاع ما يزيد عن الراتب من خلال مجموع رواتب الكفلاء فمن أين يعيش باقي الشهر؟!

موظفون: رواتبنا خجولة وأقساط بنوكنا غير حنــــــــونة

 

 

هل من جواب يا سادة؟ 

فمثلاً قرض شراء عقار جاهز لم يكتمل (سكن) من المصرف العقاري يصل إلى /5/ ملايين ليرة ومدته /5/ سنوات ويحتاج لدخل مجموع رواتب بقيمة 268675 ليرة (كضمانة) بقسط شهري يصل إلى 107470 ليرة سورية فقط، فهل من موظف يحمل هذا المبلغ شهرياً بحاجة إلى قرض سكني؟ لا أعتقد!.
الرواتب خجولة والأقساط مربكة
ومن خلال تجربة بعض المقترضين والموظفين وهمومهم حيال هذا الموضوع كان لنا اللقاءات الآتية المهندس غسان يقول: حالياً لا يوجد أي قرض يناسبني كموظف راتبي لا يتجاوز 40 ألف ليرة وقد سألت عن قرض المليون ليرة سورية لدى التسليف الشعبي كان قسطه يصل لحوالي 20 ألف وأنا لدي طفلان كيف أعيلهما بـ20 ألف في زحمة ارتفاع الأسعار فأنا بـ 40 ألف ليرة أجد نفسي مخنوقاً دائماً فما بالك بـ20 ألف ليرة فقط.
السيدة ديمة .م تقول: لا يمكن أن أعيد تجربة القروض مرة أخرى في حياتي علماً أنني سحبت قرضي منذ 2010 -2011 وكانت الأحوال من حيث الأسعار أفضل من اليوم ورغم ذلك عانيت الأمرين حتى انتهيت من دفع أقساطه.
الموظف هشام .ع ، يقول: لكي أتمكن من سحب قرض /5/ ملايين (قرض السكن) لدى المصرف العقاري لابد من رفع راتبي إلى أكثر من 100 ألف ليرة، وبالتالي لا أحتاج إلى كفلاء لأن هذا القرض لمدة 15 سنة يحتاج إلى دخل رواتب بقيمة 146025 ليرة سورية وبقسط شهري58410 ليرة سورية وهنا قد أتمكن من دفع القسط وإكمال باقي الشهر بكرامة..
أحد الكفلاء الذين التقيناهم يقول: كل يوم أخشى أن يخصم من راتبي فلماذا لا ترفع الرواتب ويضمن البنك حقه من خلال المقترض ذاته, ويتابع بعد أن كفلت صديقي أصبح راتبي يحسب أقل إذا ما فكرت بقرض آخر وقد لا أُمنح لأن راتبي قليل إلاّ إذا حاولت جمع عدد من الكفلاء, فنحن بكفيل واحد نجد معاناة كبيرة، فكيف بعدد منهم؟!

 

الموظف سامر. م، يقول: لماذا لا تخفض نسبة التمويل من 60 بالمئة إلى 50 بالمئة مقابل تخفيض الدخل المالي المطلوب من المقترض والكفلاء من أجل الحصول على القرض فهناك حلول كثيرة فلماذا التعجيز في منح القروض؟ ولمن هي موجهة ؟هل هي لأصحاب المنشآت والفعاليات الذين هم قادرون على دفع أقساطهم في حين نعجز نحن كأصحاب الدخل المحدود من سحب قرض مليون أو خمسة ملايين ليرة.
السيدة ريم موظفة، تقول: لقد بحثت عن كفيل واحد ولم أجد وهذا حق مشروع لهم ولكنني مضطرة جداً لقرض، فلا راتبي يسعفني في سحب القرض ولا كفلاء يقبلون فلا أعلم لماذا أعلنوا عن هذه القروض المزيفة والوهمية فهي ليست لنا أصحاب الدخل المحدود.
وأجمع أكثر من التقيناهم أن أغلب القروض لا تناسب مدخولهم الشهري إضافة إلى اصطدامهم بعدد الكفلاء ليغطي أي قرض يحتاجون والقسم الكبير اشتكى من ارتفاع تكلفة إعداد أوراق القرض التي قد تصل إلى 150 ألف ليرة سورية في حين وجدنا البعض منهم قد بدأ بقرض السيريا كارد نظراً لقسطه الصغير مقارنة مع غيره من القروض ولكن قيمته لا تتجاوز 500 ألف ليرة سورية فماذا تقدم أو تؤخر، وفوائده تقلّ عند دفع كل قسط شهري.
ماذا تقول إدارة أحد المصارف؟
ومن خلال التواصل مع أحد مديري المصارف أكد أن البنك جهة تمويلية والمشكلة تكمن بالمقترض من خلال مدخوله الذي لا يغطي القسط الشهري ولا حتى قسم منه وهنا الحديث عن أصحاب الدخل المحدود ولكن نجدها ميسرة عند أصحاب المهن والفعاليات الاقتصادية التي تعد قادرة على تغطية أقساط القرض من خلال مدخولها الذي سحبت القرض من أجله.
رأي اقتصادي
وعند أهل الاقتصاد رأي مختلف وكان لابد من التطرق إليه ومعرفة ما سرّ تخمة المصارف السورية وقروضها غير الميسرة وضماناتها المعقدة؟ يقول الدكتور سنان علي ديب رئيس جمعية العلوم الاقتصادية في اللاذقية:
من المؤكد أن هناك أموالاً طائلة محتفظ بها في المصارف السورية وتفوق هذه المبالغ وفق التقديرات 2600 مليار ليرة سورية وسط سياسات إقراض متحفظة والبعض قد ينظر لها من باب ضعف السياسات المصرفية هذا يكون بالظروف الطبيعية ولكن انعكاسات السياسة المصرفية تؤثر على كل المؤشرات الاقتصادية وفي الأزمات تختلف السياسة المصرفية بنواحي التحكم بأمور كثيرة كالتحكم بالطلب على السلع والتحكم بالتضخم وتوجيه القروض بما يحقق انطلاقة اقتصادية آخذاً بالاعتبار زيادة الضمانات للتحصيل الموثوق ولقد عانت المصارف من تحصيل الديون ووصلت القروض المتعثرة نحو 280 ملياراً ومعاناة كبيرة من القروض الوهمية واستخدام القروض لغير الغاية التي أعطيت لها, وتابع د. ديب: اليوم القدرة الشرائية للمواطن محدودة وبالتالي القدرة على الوفاء بالأقساط ضعيفة بما يقيد المصارف على حجم القرض وحجم الأقساط الشهرية بالتوازي مع التحكم بالطلب على السلع والمنتجات والخدمات, وبالتالي تركز الإقراض الحقيقي لمشاريع منتجة أغلب توجهها صغيرة ومتوسطة لزيادة الطاقة الإنتاجية ضمن مطارح مخطط لها ومدروسة.
في الختام
العامل المشترك بين مصارفنا الحكومية هو التعجيز في منح القروض من خلال الضمانات التي تطلبها أو عدد الكفلاء والأقساط الشهرية المطلوبة من رواتب تكافح منذ بداية الشهر لعشرة أيام فقط ، فكيف لها أن تفي بقرض قيمته مليون ليرة سورية وأكثر، هنا الحديث عن المصارف الحكومية فلا داعي للتطرق إلى المصارف الخاصة وضماناتها.

تغريد زيود 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار