الإســــكافي لم يعد حافياً.. انتشار واسع للمهنة وفوضى أسعارها تستوجب الضبط والتنظيم

العــــــــــــــدد 6398

الثلاثـــــــاء 30 تموز 2019

 

استعادت مهنة الإسكافي نشاطها بعد تراجعها لفترة من الزمن، حيث وجدت المهنة في غلاء أسعار الأحذية في الأسواق المحلية فرصة ذهبية لعودتها، والإسكافي قديماً هو من امتهن صناعة الأحذية اليدوية، وقد ظهرت هذه المهنة في الثقافة الشعبية بأشكال مختلفة، واليوم يعرف الإسكافي بـ (مصلّح الأحذية) فهذه المهنة تعد من المهن التي يعلّمها الأجداد للآباء ويورثونها لأبنائهم وأحفادهم وهي من المهن التي رأسمالها موهبة وعتاد بسيط وشيء من الصبر والعزيمة.
مبالغ مالية لا تناسب واقع العمل
وأمام كل هذا وذاك فإن مهنة تصليح الأحذية شهدت في ظل السنوات الأخيرة إقبالاً كبيراً من قبل المواطنين نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار الأحذية بشكل عام الرجالية تقول أروي منصور: انتشرت محلات تصليح الأحذية بسرعة كبيرة في كافة الأحياء والشوارع حيث بات أغلب الناس وفي ظل ارتفاع الأسعار يلجؤون إلى تصليح أحذيتهم القديمة نتيجة لعجزهم عن شراء الجديدة وهو ما جعل أصحاب هذه المهن يعمدون إلى رفع أسعار تصليح الأحذية بشكل كبير، وأكدت بأن هذه المهنة لا تخضع لأي ضوابط قانونية فكل محل يفرض السعر الذي يريده فهذه المحلات تتقاضى سعراً يوازي نصف سعر الحذاء الجديد أثناء إصلاحه، وبسبب هذا الارتفاع والغلاء في تصليح الأحذية انتشرت المحلات في كل مكان علماً بأن هذه المهنة لا تحتاج إلى عناء ومشقة كما كانت سابقاً بسبب تطور الآلات التي تساعد في عملية تصليح الأحذية.
* حسام إبراهيم: في ظل ارتفاع الأسعار بشكل كبير ومنها الأحذية استعادت هذه المهنة نشاطها ولكن فلتان أجرة تصليح الأحذية وعدم إخضاعها لقوانين حماية المستهلك أدى إلى ذلك، فهل يعقل أن يكلف تصليح حذاء أكثر من /1000 -2000/ ليرة لتغيير نعل أو كعب أو ما شابه ذلك وأرخص تصليح حذاء يكلف حوالي /400 -700/ ليرة حسب مصلّح الحذاء والزبون فلماذا هذه المهنة المهمة لا توجد لها ضوابط عمل وأسعار رائجة، فمن الملاحظ بأن هذه المحلات خارجة عن نطاق دوريات حماية المستهلك لذلك فإن أصحابها يفرضون مبالغ لا تتناسب مع واقع العمل وتكاليفه الحقيقية.
ضيق الحال دفعهم لاحترافها
مما لاشك فيه تعتبر مهنة الإسكافي أو مصلح الأحذية من المهن التقليدية التي تنتشر في الوقت الحالي لأسباب متعددة فسابقاً كانت حصراً على الطاعنين في السن واليوم من الملاحظ بأن هذه المهنة تتركز على الشباب الذين دفعهم ضيق الحال إلى احترافها كما أفادنا الكثير من أصحاب المحلات الذين التقيناهم والذين استطاعوا إحياءها وتغيير مفهوم الناس عنها والذي كان ينظر إليها بنظرة ساخرة ونافرة لتصبح مقبولة وتلاقى بالإعجاب والإطراء.
حيث يعتبر الإسكافي أبو محمد بأن هذه المهنة التي ورثها عن والده هي مهنة شاقة وتفرض علينا التعامل مع الأحذية القديمة والمهترئة التي تحمل الجراثيم والأوساخ ومع كل هذا أحببت هذه المهنة وشعرت بأهميتها وبت أعيش اللحظة الصعبة مع مهنتي في مواجهة تحديات الواقع، وتابع بأنه يبدأ عمله في الساعة الثامنة صباحاً وحتى العاشرة مساء بسبب أعباء الحياة التي أجبرتني أن أعمل طيلة هذه الساعات ليكسب لقمة عيشه وعيش أولاده.
ويسرد أبو خالد لنا الوقائع حول هذه المهنة فقال: بالرغم من قسوة واقعنا العام وهجمة التجار بالأحذية العصرية الرخيصة التي غمرت المحلات والأسواق فنحن مضطرين بأن نقوم بإصلاح كافة الأحذية المهترئة بوسائلنا المتعددة ونعتمد على مهنة إصلاح الأحذية حيث نعاني من قلة الدخل المادي وعدم قدرتنا على مزاولة مهنة بديلة خصوصاً أن من يزاول هذه المهنة في الأغلب هو من قليلو التحصيل العلمي مع وجود قلة من المتعلمين الذين يعملون في المهنة لصعوبة المعيشة، كما وأن المكوث لساعات طويلة على الكرسي يؤدي إلى الإصابة بأمراض مختلفة كالديسك ووجع المفاصل.
وبدوره يقول أحمد عمار صاحب محل لتصليح الأحذية: إنها مهنة متعبة فالمواطن لا يقدر صنعتنا، كما أنه ما يدفع لنا من أجرة تصليح لا تغطي المصاريف اليومية وآجار المحل والتبعات الأخرى من رسوم كهرباء وماء ونظافة ومواد أخرى نستعين بها لتصليح الأحذية فهناك من يناقش بأجرة تصليح الأحذية ومنهم من لا يناقش، في حين أن الكثير من الزبائن يصرون على التفاوض حول الأمر، وتابع: نحن نعيش يومنا بين المسامير والأحذية والمواد اللاصقة والمطرقة والسندان ومكنة الخياطة، فنحن لا نفارق فردة الحذاء على مدار النهار ونتعرض أثناء عملنا لحوادث كثيرة تختلف باختلاف نوعية الشخص والعمل.
دور الجهات المعنية
وحول واقع هذه المهنة ومع زيادة أعداد مزاولي مهنة الإسكافي هناك شكاوى من خلال الجولة التي قمنا بها بأن هذه المحلات تفرض مبالغ مالية لا تتناسب مع واقع العمل فلم يلحظ المواطن أية لوائح تحدد سعر تصليح الحذاء وهذه المهن خارجة عن نطاق دوريات حماية المستهلك فهي لا تخضع لضوابط قانونية، في حين يقول مزاولو هذه المهنة الذين التقيناهم بأن هناك مصاريف كثيرة تتطلب مزاولة هذه المهنة من مواد خاصة للإصلاح ومسامير وآجار محل و..و.. إلخ.
وجواباً على ذلك حدثنا المهندس إياد جديد مدير مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك الآتي: تعتمد مهنة الإسكافي من ناحية تقاضي الأجور على مستوى الخدمة المقدمة من تصليح الأحذية فعندما يشعر المستهلك بالغبن نتيجة لارتفاع الأسعار يتقدم بمعروض إلى مديرية التجارة وحماية المستهلك لدراستها وتحويلها إلى الجمعية الحرفية المختصة حتى يتم تقدير السعر من خلال مندوب من الجمعية مسؤول عن ذلك وعلى ضوئه نقوم باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
وأضاف جديد: تعتبر محلات تصليح الأحذية مثلها كمثل المحلات التجارية الأخرى حيث يقع على عاتقها قوانين حماية المستهلك كون تلك المحال تخص شريحة واسعة من المواطنين الذين يقومون بإصلاح الأحذية بشكل عام.
وبدوره أكد السيد جهاد برو رئيس الاتحاد العام للحرفيين: مهنة الإسكافي مهنة عريقة اكتسبها الكثير من المواطنين من أجل العمل وقد تطورت هذه المهنة خلال السنوات الأخيرة الماضية، حيث انتشرت هذه المهنة في مختلف الأحياء والمناطق والقرى وتوسعت خدماتها بشكل عام، وأوضح برو بأن مهنة الإسكافي تتعلق أيضاً بالورشات التي تقوم بصناعة الأحذية سواء أكانت الرجالية أو النسائية أو الولادية.
وأكد برو بأن هذه المهنة تخضع لأسس وضوابط حيث هناك 26 جمعية تقوم بصناعة الأحذية وليس لها علاقة بالتصليح وجميعها مسجل بقيود لدى اتحاد الحرفيين في اللاذقية.وأشار برو إلى وجود نوعين من العشوائية في مهنة تصليح الأحذية حالياً وذلك بسبب دخول الكثير من المواطنين المهجرين واستئجار محلات للعمل بهذه المهنة فمثلها مثل أي عمل تجاري تخضع للقوانين والشكاوى بما أن المستهلك يقوم بدفع كافة المترتبات المالية جراء أداء الخدمة.
كما يوجد لدينا مندوب لمناقشة آليات العمل والشكاوى والتسعيرة بالتعاون مع حماية المستهلك لتحديد التسعيرة.
وانطلاقاً من ذلك وحول كل ما تم الحديث عنه حول مهنة الاسكافي أفاد برو: نحن كاتحاد حرفيين مستعدين للتعاون مع حماية المستهلك والجهات المهنية بهذا الشأن لتقديم دراسة حول العمل والكلفة الحقيقية من حبكة وإصلاح وإصدار لوائح أسعار نظامية.
أخيراً، الإسكافي مهنة ضرورية في ظل ارتفاع أسعار الأحذية الذي أدى إلى زيادة في أعداد مزاوليها حيث يتزاحم الناس اليوم أمام هذه المحلات بشكل ملفت للنظر بعد أن أصبحت هذه المهنة ضرورية لا عيب فيها وهو الأمر الذي يستدعي وضع ضوابط لتنظيمها.

بثينة منى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار