العـــــدد 9397
الاثنين 29 تموز 2019
بأنامله الذهبية وسواعده الجبارة قام الأستاذ أحمد الزوزو ببناء قلعته الرائعة في جبلة ولا يزال مستمراً حتى اللحظة، استحضر فيها ثقافات الماضي وحضاراته وجعل منها أرشيفاً عمرانياً ليجمع داخل القلعة عدة نماذج عمرانية كل نموذج يعود لمرحلة معينة ( الفينيقية، البيزنطية، المملوكية، الصليبية، الإسلامية ) وكلها حضارات مرت على مدينة جبلة.
وكان البدء في بناء هذه القلعة قبل 40 عاماً حيث جاءت فكرة بنائها عندما كان الاستاذ أحمد الزوزو ماراً بجانب (دير) في مدينة جبلة يملكه أحد أصدقائه، فوجد حجارة هذا الدير مهدمة ومرميةً على جانب الطريق مما أثار حفيظته فاقترب من صاحبه وشرح له عن أهمية تلك الحجارة وما تمثله من حضارات وأن عملية الهدم تنمّ عن جهل ثقافي ووضح له ضرورة الحفاظ عليها.
كان الدير قديماً جداً يعود للفترة الصليبية وهو بناءٌ يتميز بالرشاقة لكن جزءاً كبيراً من غرفه كان قد تهدّم ولأن صديقه لم تكن لديه القناعة بضرورة ترميمه والحفاظ عليه قرر الاستاذ احمد الحفاظ على حجارته وإعادة بنائها بنفس الأسلوب الصليبي الذي بنيت عليه وقام بنقلها إلى أرضه المطلة على البحر، وبدأ البناء وكانت أول غرفة بناها على الطريقة الصليبية.
ثم أصبح كل ما تهدم منزل قديم في مدينة جبلة يشتري حجارته ويعيد بناءها على نفس الطريقة التي تمثلها لذلك تجد داخل القلعة عدة نماذج عمرانية كل نموذج يعود لمرحلة معينة ( الفينيقية، البيزنطية، المملوكية، الصليبية، الإسلامية)
وكل يوم يأتي المبدع الزوزو لقلعته يضع سيجارته في فمه ويصفن، يتمعن يضع تصوراً في رأسه وينهض للعمل دون كلل أو ملل، يحمل الحجرة تلو الأخرى دون أن يرفّ له جفن وكأنه شاب في العشرين من العمر.
فهو جامعي درس الحقوق والجغرافية واستفاد كثيراً من دراسته للجغرافية، وهو يتحدث عن هذه الفائدة بالقول:(الجغرافية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتاريخ وهي تساعدني على معرفة المناطق التي عاش فيها الإنسان).
القلعة عبارة عن بناءين منفصلين كل بناء مؤلف من طابقين تكثر في الطابق الثاني النوافذ وتنعدم الشرفات بينما الطابق الأول عبارة عن مجموعة غرف وكلّ غرفة تمثل حضارة معينة سواء في أرضيتها أو جدرانها أو حتى سقفها الذي رسم عليه الزوزو بريشته شكلاً فنياً جميلاً له علاقة بالحركة لا بالسكون حيث نجد العاصفة البحرية حاضرةً في لوحته.
ويشرح الزوزو لنا عن تفاصيل قلعته بالقول: (نجد فيها الإيوان البيزنطي وهو بالنسبة للبيزنطيين عبارة عن مصيف فيه ثلاث درجات يجلسون عليها ويزرعون أمامها حديقة ،أمّا السقف فكانوا يرسمون عليه منظر طبيعي: غابة، وادي، رياح، بحر، هذا المنظر له بعد نفسي على الإنسان ويساعده على عدم الشعور بالملل.
الجدير بالذكر أن القلعة تقع على كورنيش مدينة جبلة، وهي تطل على البحر مباشرةً ومحاطة من جهته بسور حجري وبإمكان أي شخص زيارتها والتمتع بمنظرها متى شاء.
نسيم صبح