جمــــارك تربـــوية …!

العدد: 9396 

 الأحد-28-7-2019

 

 

كان أول باب يصادفنا مكتوباً عليه مكتب المدير، المراجعون كانوا وقوفاً رغم وجود (طقم كنبيات)، بدت عليهم علامات الحاجة وردودهم كانت تطغى عليها علامات الترجي كمن يلاحق الأمل في ضباب اليأس، وقفتهم بتلك الطريقة المزعنة استرعت انتباهنا وشدتنا كي نتابع الأحاديث، اثنان من الجالسين على المكاتب بكل فوقيتهم لم يقولوا للمراجعين أن يجلسوا، انشغلوا تماماً بطرح الأسئلة التفصيلية عن سبب طلب زيارة المدير وبأي شيء ولماذا وما القضية وما قرابتك من صاحب المشكلة، كسيل جارف يندفق من فم الواحد منهم كالطلقات، وفي تسع وتسعين بالمئة من الحالات (التي كانت أمام أعينن) تم الإيعاز بصرامة لطالب المقابلة بتقديم طلب خطي كي ينظر فيه لاحقاً، في حالات كان الترجي سيد الموقف ولكن لا شيء ينفع، حين أدرنا بنظرنا يميناً وجدت غرفة أخرى كتب عليها أيضاً مكتب المدير، وأيضاً كان هناك شخص وحيد على مكتبه بكل أبهته الظاهرة لدرجة أننا توقعنا أن يكون هو المدير وبابه مفتوح للجميع، توجهنا إليه وعرفنا بأنفسنا، (مرحبا نحن من جريدة الوحدة ونريد طرح بعض الأسئلة الواردة إلى جريدتنا بخصوص….) وقبل أن نكمل كان الجواب: انتظر خارجاً، وللصراحة فإننا لم نفاجئ بتلك الطريقة أبداً وخصوصاً بعد كمّ أسئلته التي كان يطرحها كزملائه بسلاسة على إحدى المراجعات، عدنا إلى الغرفة الأولى وانتظرنا حتى نظر أحدهم إلينا وسألنا ما الغاية من طلب الزيارة فعرفناه بأنفسنا مجدداً وأوضحنا مقصدنا لنضطر لاحقاً للإجابة وبالتفصيل الممل على أسئلته التي تمحورت عمن تقدم بالشكوى لنا ولماذا وكيف وأين وصار يزيد من أسئلته حين جلسنا على الكرسي دون أمر منه، وحين رفضنا الرد نهائياً وقلنا له أننا نريد الإجابة من المدير شخصياً لم يخف امتعاضه وصمته بعدها كان أشد من كلامه، دقائق ثم دخلنا لغرفة ثالثة اصطحبنا إليها شخص رابع وقابلنا الأستاذ علي شحود مدير تربية طرطوس.
س – وردتنا عدة اتصالات من أهالي لطلاب يريدون استعادة الهواتف النقالة (موبايلات) لأبنائهم التي ضبطت في حالات غش ورفضتم إعادتها بحجة أنها حولت أصولاً للوزارة؟
ج – نعم مثلها مثل أي وسيلة غش أخرى كالمصغرات والأوراق (الروشيتات) كلها ترسل أصولاً إلى الوزارة.
س – هل يستعيدها الأهالي في حال راجعوا الوزارة وخصوصاً أن بعضها ثمنه بمئات الآلاف؟
ج – هذه مصادرات ولا يمكن استعادتها حسب تعميم الوزارة.
س – ما عدد حالات الغش بالموبايل التي حدثت هذا العام؟
ج – الحالات بالمجمل كانت بحدود المئة وخمسة عشر منها تقريباً كانت باستخدام الموبايل وعقوبتها الرسوب وحرمان الطالب من التقدم للامتحان لدورتين متتاليتين.
س – اشتكى بعض الطلاب أنهم لم يغشوا وكان الموبايل مغلقاً في جيوبهم فقط؟
ج – مجرد وجود الموبايل بحوزتهم داخل المركز هو مخالفة بغض النظر إذا استخدمه أم لا.
بعدها كانت هناك دردشة سريعة تلخصت في أن الطالب الذي يغش (أو مجرد نسي الموبايل معه) قد نال عقويته التربوية بالرسوب في امتحانه وبالحرمان لاحقاً فما المبرر لمصادرة موبايله وهل يحق للتربية المصادرة (كالجمارك) وبأي قانون يحدث هذا وهل هو منصف ومدروس، كان الجواب بأنه مدروس جداً كعقوبة رادعة لكي يتعلم الطالب ألا يخالف الأنظمة وألا يغش.
بعد خروجنا من المكتب وقعنا في حيرة من أمرنا بما سنجيب أهالي الطلاب بعد هذه (الجمارك التربوية) … عوضكم على الله.

كنان وقاف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار