العدد: 9396
الأحد-28-7-2019
ها.. أسْقي همومي دمعة الدُجى وأتحرَّق وجْداً، أيَّامي تلوك خبْزَ شقاءاتي، والممطراتُ تُراكضني.
في يدي باقةٌ من دمعٍ، ودمي نفْحةُ زنبقةٍ عاشقة، الريح تسكنني في غدوِّها والإياب، وغراب البين يكرج على دروبي.
غبشٌ يخنق رؤياي، ومرافئ الضوء التي كانتْ تهديني طريقي غادرها الومْضُ، ليلي نجومُهُ ضائعات، وزورقي لا يحمل إلاَّ الوجع.
******
خَبَتِ البسمةُ من على شفتيَّ، ونزحت زقزقاتُ العصافير من على نافذتي، ونأت دندنات.
كبرتْ ساحةُ حزْني واستعْصَتْ في قلمي الكلمات، وذاك المقهى الذي كان يملؤني قهْقهةً قد دفق قهْقهته في خاصرتي.
******
يكبر حزني، يزداد نموَّاً، ولا شيء في فمي سوى صديد الكلمات..
ركام الماضي، ووحل أيَّامي، وجهامةُ غدي دروبٌ تشقَّقتْ على حوافيها قدماي، وأنا المرتقبُ ضوءاً يأتيني حين يأتيني مُغبّشاً.
******
أمشي إلى كلماتي، كلماتي هي الوحيدةُ التي مازالت طيّعةً، وإن حرنتْ بعض الأحايين، لكنّها وعندما أحتاجها تأتيني كما أشتهيها.
أتركها تتجوَّل في صحراء دمي، وأودِعُها عناقيد الغبار، ثم أفجر بها موجاً هادراً.
وأحطُّ بها على روْضٍ غنَّاء، هي كما أشتهي، في أية صورة أشتهيها تأتيني.
كلماتي توقظني أنَّى شاءت، تحضر لي كرَّاسي وقلمي ثم تتدفق كالينبوع، وأنا طيِّع البنان، تبكيني وتضحكني، تغضبني وتفرحني، أنا راضٍ عنها في أيّ لبوسٍ جاءت.
إن مرَّتْ على بستانٍ أزْهَرَتْهُ، وإن حوتها العتمة أرسلت أشعّتها فمسحت سوادها.
تتقحّمُ جدار الليل من بابٍ إلى باب، قد أراها سنبلةً ممتلئةً، وهي أشبه بغلّةٍ ترفُّ على ثغر نبع، يؤنِسُها كاملُ الأوصاف فتختلج مواجدها وتضوع على الشفاه تمتمات نافرات.
******
في لهْفتها الشعرية تكون أشبه بلهفة الفجر إلى الشمس، يندى على لمَاها البيان وتسقي العطاش بوح القلب ودمعة المقل..
وإني لأدعو أن تظل كما هي، تكلؤني برعايتها وتأتيني نديّة الحنايا عطرةَ البيان.
سيف الدين راعي