العدد: 9285
الثلاثاء -5-2-2019
الآن الساعة تجاوزت الواحدة ليلاً، مدينتي باردة، نافذتي مفتوحة على مصراعيها، الهواء البارد يدخل كوحش خرافي، يبحث عن الدفء، ويتمرغ بلظاه، ابتلعَ الصمتُ شوارعَ المدينة، بدأت الأفكارُ تتسلل لتسيطرَ على الأرواح الهادئة، ضوءٌ خافت وهدوءٌ مخيف، وكأنّ في سكينة الليل صمتاً يحكي، الأماكنُ تصرخ وهي تتدثر بالأحداث الماضية، قلوبٌ تنبض من فرط الجوى، ذهنٌ شارد، هذه أحوال مدينتي الروحية، في الطرف الآخر من مدينته هو، لربما هو نائم الآن، أو يفكر بطيفين من كريستال يرقصان على حافة النافذة، لعلّ ما أرجوه يدغدغ مخيلته الآن، لعلنا نلتقي معاً على مسافة أغنية، لعل نخزة قلبي لا تخيب عندما أشعر أنني أشتاقه، يكون ربما هو أيضاً يشتاقني، أزيح ناظريّ عن تلك المدينة الكئيبة، انظر إلى سريري الذي هجرته، كم هو كئيب، يدعوني لأعودَ لأحضانه، لكنك يا هيكلاً من خشب متآكل، تمنعني من نومي، أنا أسيرتك، ارحمْ هشاشة خاطري، أنا متعبة، النارُ بيني وبينك يا هذا، وبيننا ليلة أو ألف ليلة وليلتان، (افتح قلبَكَ لعلّ…) أغلق نافذة الماضي لأفتح نافذة المستقبل، أستعيرُ ريشة فنان، لأرسمَ أياماً بألوان السعادة، أطوي كل ما مرّ في طيات الزمن، افتتح صفحاتٍ أكثرَ نصاعة، مزقت صفحة تلو أخرى، كتابي كبير، هو أرحب من أن أقفَ أمامَ صفحة سوداء كتبها يراعك الأسود الفاحم، أوراقي كثرٌ، وقلبي أكبر، أتقبل ما هو قادم بكل رحابةِ روح وسعادة، أدرك أنّ هناك أشياءَ لم تأتِ بعد، تستحق أن نستقبلها ببشاشة وجهٍ، وبفارغ صبر ليس له حدودٌ أو شطآن..
هديل نزيه الحلح – السويداء – جامعة تشرين – كلية الطب