باسل شعبان: الإطفاء ليست وظيفة وإنما عقيدة

العدد: 9285

الثلاثاء-5-2-2019

 

 

انتسب إلى صفوف رجال الإطفاء هو إنسان بالدرجة الأولى أحبّ وطنه أخلص له، في زمن قلت فيه الإنسانية، وثّق الحرائق بكاميرته المعلقة على خوذته من أجل التصوير التوثيقي لأي عملية إطفاء أو إنقاذ من دون فبركات، هو باسل شعبان التقيناه فحدثنا عن تفاصيل مهنته.
* عرفناك في مجالات عدّة ماهي؟ عملت في فوج الإطفاء ووضعت خوذة حاملة لكاميرا توثيقية وهذا يعد جديداً من أي منطلق كان عملك، وماذا عن الكاميرا؟
دخلت فوج إطفاء اللاذقية في عام ٢٠٠٦ في السنة الثانية من دراستي بكلية التربية الرياضية، المجالات التي عُرفت بها محدودة، كان لمواقع التواصل الفضل الأكبر بها من بداية الأحداث من خلال نقل الواقع كما هو على الأرض وتكذيب القنوات المضللة من خلال شبكات الأخبار على الفيس بوك بسبب حكم عملي بالإطفاء وتواجدي أول الناس بمكان أي حدث يحصل، تفاعل المتابعين كان كبيراً وأعجبتهم فكرة رجل إطفاء ينقل الأخبار من الأرض وتعاطفوا مع عملنا وظروفه، استمريت بنقل الواقع حتى عام ٢٠١٣ وقررت إنشاء صفحة فوج إطفاء اللاذقية، عشقي للإطفاء جعلني أنقل الصورة الصحيحة عن عملنا وصعوبته ومخاطره والظلم الذي يعيشه رجل الإطفاء بمهنة من أصعب المهن والوظائف بالدولة، كراتب وتعويضات يعد أقل راتباً، وكخطر يعد من أخطر الوظائف، كجهد كتعب كتفانٍ كتضحية، نحن مضحون في زمني السلم والحرب، فرجل الإطفاء رجل المهمات الصعبة في كلّ دول العالم رجل الإطفاء هو الرقم واحد من حيث التقدير، من حيث الراتب من حيث التعويضات، من حيث تأمين معدات السلامة مهما بلغ ثمنها، أما ظروف رجال الإطفاء السوري فهي صعبة جداً، ومع ذلك أثبت رجل الإطفاء السوري جدارته وخبرته وتحمله لأن الإطفاء وبالنسبة لنا ليست وظيفة وإنما أضحت عقيدة.

الفيس بوك أعطاني فرصة ذهبية في ظل التهميش الإعلامي الكبير لعملنا، وكان لابد من كاميرا أثبتها على خوذتي لأوثق المهمات، اشتريت كاميرا من حسابي الخاص،
الصدمة كانت كبيرة، النظرة السوداء لأغلب المؤسسات الحكومية ومن ضمنها الإطفاء كانت واقعاً وغير قادرين على تغييره إلا عن طريق التصوير التوثيقي بدون إضافات لأيّ عملية إطفاء أو إنقاذ، النظرة تغيرت، لمسنا ذلك من الشارع من الناس والأقرباء والمتابعين على الصفحة، ابتعدت عن النشر بالصيغة التلفزيونية أو الصحفية ونشرت بطريقة أقرب للناس وغير روتينية أو مملة، فصفحة فوج إطفاء اللاذقية الصفحة الأولى كمتابعة في الوطن العربي، من دون أي دعم، الدعم اقتصر على زملائي بالعمل بتزويدي بالمعلومات والصور بحال عدم تواجدي معهم بالحريق أو المواطنين بإرسالهم الصور على بريد الصفحة، حتى هذه اللحظة ما زلت الوحيد الذي يوثق بكاميرا خوذة الحرائق في سورية ويوثق حرائق مدينة كاملة كل يوم بيومه بمنشور مسائي للحرائق.
إذ من الضروري أن يمتلك كل رجل إطفاء كاميرا خوذة، عملها لا يتوقف على التوثيق، بالإمكان الاستفادة منها بتحليل الحرائق وتفادي الأخطاء والوصول إلى نتيجة إيجابية بالمستقبل.
* خضعت لدورة إخراج سينمائي، ما الجامع بين عملك في فوج الإطفاء وكاميرتك التوثيقية، ودورة الإخراج السينمائي؟
حبّي للرسم والتصوير والتصميم وبالأخص دورة الإخراج رغم تواضعها، استفدت منها جداً، كانت لهدف واحد، هو عمل فيلم قصير عن الإطفاء كبداية لنشر ثقافة هذا العمل لكي أعطي الإطفائي حقه أن يكون معروفاً ومقدراً ومحترماً، لكن تكلفة الفيلم القصير كانت أكبر من قدرتي للأسف، كامل الراتب تقريباً وضعته في سبيل استمرار الصفحة وليس لديّ قدرة لبداية جديدة، كأفكار ومشاريع أمتلك الكثير وصارت مثل الأحلام بسبب رأس المال الكبير الذي تحتاجه، وجميعها يصف لفائدة رجل الإطفاء وهذه المنظومة المقدسة والأمل موجود..
رغم معرفتنا بأن الحرب كانت حرب إعلامية بالدرجة الأولى، وفي يوم من الأيام زارتنا صحفية بريطانية مستقلة اسمها فانيسا بيلي كانت مهمتها كشف حقيقة أصحاب الخوذ البيضاء (الدفاع المدني للمجموعات الإرهابية)، زارت كل أفواج الإطفاء بسورية ومن ضمنها فوجنا، وأفتخر بمساعدتها وصارت منشورات عادية على الصفحة عبارة عن مقالات وتقارير انتشرت بأهم المواقع السياسية الغربية، وبفضل فانيسا أصحاب الخوذ البيضاء كانوا من أهم المرشحين لنيل جائزة نوبل للسلام انكشفت حقيقتهم ولم ينالوا الجائزة.
عمل الإطفاء هو عمل إنساني، انعكس على حياتنا الخاصة وأعطانا رضىً وسلاماً داخلياً، وفي أوقات الدوام وخارجها لا يتغير انتمائي إلى هذه المهنة، من تدريب للمجموعات المدنية على مبادئ الإطفاء والإنقاذ والإخلاء، التوجه لمهمات إنقاذ الحيوانات خارج أوقات الدوام.
نحنا أول خط لحماية المواطنين والممتلكات فور طلبنا، ووصلنا لوقت أصبحت الناس تعرف إذا طلبت الرقم ١١٣ يرد رجال الإطفاء لكي يلبّوا النداء والنجدة على الفور.

نور حاتم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار