من تراث اللاذقية

الوحدة:13-2-2025

تناول المؤلف زهير غريب في كتابه: “اللاذقية أيام زمان” حكايات عن تراث اللاذقية معتمداً أقاويل القدماء وقصصهم الشيقة، مشيراً في فصول كتابه المتنوعة التراثية إلى مصادر مياه اللاذقية التي تؤمنها من ينابيعها وآبارها ومناهلها العامة، وقلما يخلو بيت من بركة ماء لها نافورة تتوسط فناءه وتعانق الأشجار في حدائق تلك البيوت مع الأشجار التي تحيط بها.
كما أن النواعير تديرها الدواب، فيخرج الماء من مصادره دفاقاً من الصباح وحتى المساء، يروى بأقنية فخارية الأشجار والمزروعات في بساتين تداخلت بأحياء المدينة وأزقتها.
وتحدث المؤلف عن مهنة السقاء أيام زمان قائلاً: السقاء هو لمن لم يكن في بيته بئر يستعين به، والسقاء هو الذي يحترف حمل الماء إلى المنازل وغيرها. وظل السقاء سنوات ينقل الماء إلى البيوت إما بالقربة أو بصفائح تدلى على جانبي عصا يحملها على متنه ويقي عنقه منها بقطعة من لباد، أو تنقل على الدواب أو العربات التي تجرها الدواب. والأخيرة نادرة لضيق الحارات والأزقة، وقد يكون مصدر المياه سبيلاً في إحدى الحارات أسطواني الشكل له صنبور يخرج الماء بضغط ذراع في جانبه، ويحاط السبيل في بعض الأحيان بتصوينة يتجمهر داخلها النساء والرجال والصبية يتنافسون فيما بينهم للحصول على الماء، أما السقاء فكانت له الأفضلية في الحصول عليه.
ومن الطريف تحينه فرصة توزيع نقله الماء وقت الغذاء ليحظى بوجبته منها، وقد جرت العادة أن تخزن المياه في البيوت في خواب كبيرة في تلك الأيام، وتابع المؤلف حديثه ضمن هذا السياق قائلاً: بلغ أجر السقاء خمسة قروش ووصل في نهاية هذه المهنة إلى ربع ليرة، يقوم كل سقاء بتوزيع الماء في حيه الخاص به ولا يتعدى في عمله على الأحياء الأخرى.. وقد تميز السقاء بصفات بارزة أهمها: الصدق والنقاء في تعامله مع الناس وتحمله للمشاق فهو يعمل يومياً من الصباح الباكر إلى غروب الشمس، ولا يعمل بعد ذلك لأن فيه شؤماً حسب العادات السائدة آنذاك..
وأردف المؤلف بالقول: أما السبيل فهو منهل ماء متاح لجميع الذين يروون ظمأهم، واعتاد المحسنون آنذاك على بناء سبيل جانب جدار جامع شيد حديثاً مؤلف من جرن يملأ بالماء من قبل خادم الجامع، ربط بجواره وعاء نحاسي مبيض للشرب – اقرؤوا الفاتحة لواهب هذا السبيل – وذكر المؤلف أيضاً ضمن حديثه عن مصادر المياه في اللاذقية حنفيات الحارات وأماكن توزيعها وعدد أشهرها: حنفية مجنون ليلى- حنفية الدعبول- حنفية الصليبة- حنفية القيشاني- حنفية القوتلي- حنفية الصهيوني- حنفية حي السجن- حنفية البازار- حنفية عينوص- حنفية أم السلطان- حنفية السلواية- وحنفية الحاج قاسم.
وعن الينابيع قال: إن المياه تنقل منها إلى البيوت، وينتشر حولها أهل المدينة في العطل الرسمية والأعياد ويجدون فيها استراحة ومتنفساً لهم، ومنها عين أم ابراهيم.
أما الآبار فقد انتشرت بشكل كبير في البيوت، وتستعين ربة البيت بالسقاء إذا أضاعت الدلو في البئر وعجز الخطاف عن التقاطه، كما عدد النواعير الكثيرة وأشهرها: ناعورة بستان الكسيم- ناعورة البريت- ناعورة حير قمر- وناعورة الجوني.

ندى كمال سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار