العـــــدد 9392
الإثنـــــين 22 تموز 2019
متابعة لما نشرناه بالأمس، تعتبر نظافة المدن والأحياء عنوان الحضارة والرقي، فحضارة المدينة تقاس بمستوى النظافة أولاً ومن ثم التقدم والعمران وهي تدل على حسن السلوك الحضاري، والبيئة النظيفة تبدأ من نظافة الإنسان ومدى انتمائه للمدينة التي يسكن فيها، وأمام ذلك فقد تضمن القانون رقم /50/ الصادر عام 2005 في مقدمته حقائق كثيرة للتعامل مع النظافة بطرق حضارية للحد من أخطارها على الصحة العامة.
الاستهتار بالنظافة وأسسها
تعتبر النظافة العامة والبيئة من أكثر القضايا الخدمية المطروحة، زرنا بعض أحياء المدينة لنتعرف عن قرب عن أهمية النظافة ومدى اهتمام المواطنين بها ومسؤولية الجهات البيئية والخدمية حيال الإهمال بالرمي للقمامة والأوساخ والأنقاض حيث توجهنا بداية إلى حي الدعتور وتجولنا في أزقته وشوارعه فكانت السمة الأساسية في الحي هي انتشار النفايات والقاذورات والقمامة، وحاولنا قدر المستطاع التحدث مع شريحة من المواطنين فمعظمهم أفادوا بأن:
الحي من الأحياء المنسية فمن واجب البلدية القيام بحملات متكررة لتنظيف حي الدعتور وكما هو معروف بأن الحي من الأحياء العشوائية حيث تكثر فيه الكثافة السكانية وتقل عمليات النظافة.
وتحدثنا مع أحد أهالي الحي/فهد حسن/ فقال: حي الدعتور من الأحياء الشعبية حيث يكثر فيه الرمي العشوائي للنفايات والأوساخ والقمامة، ونحن كأهالي حي شعبي نعاني من قلة الخدمات وترحيل القمامة، بالإضافة إلى انتشار كثيف للحشرات والقوارض التي تنقل الأمراض ناهيك عن مظهرها المسيء للمنظر العام وغير الحضاري، وكافة الفسحات وجانبي الطرق تشهد رمي قمامة وأنقاض من دون رقيب أو حسيب، ونحن ندعو البيئة والبلدية إلى ممارسة عملها بالأحياء الشعبية ومنها حي الدعتور، لذلك لا بد من مراقبة الحي صحياً وخدمياً وبيئياً، ونوّه إلى أنه لا بد للبلدية من العمل على تنفيذ كافة خدمات النظافة العامة والرقابة عليها على نطاق واسع حتى تحقيق هدف النظافة مع لحظ خطة لبرامج توعية للمواطنين والإجراءات التي يجب اتباعها، وأكد بأن هناك تقصير من قبل البلدية والمواطن معاً فالمواطن لا يلتزم برمي القمامة بأماكنها والبلدية لا تلتزم بترحيلها وفق حملات وجولات وزيادة عدد عمال النظافة العامة والآليات المخصصة لذلك.
النظافة والمشكلة القائمة
ثم توجهنا إلى حيي الزراعة والأوقاف والتقينا طلاباً ومواطنين والغالبية حرص على موضوع النظافة وأكدوا بأن شوارع وطرق هذه الأحياء ملأى بالقاذورات وبقايا أكواب قهوة ودخان ومشروبات وخاصة أمام سور المدينة الجامعية فبقليل من التمعن والنظر نقول بأن المشهد هو مؤشر بأن الأداء البيئي سلبي قام به مجموعة من المواطنين والطلاب مستهترين بقواعد النظافة العامة وقوانينها العامة ومتجاهلين الآثار الضارة لرمي الأوساخ.
يقول أحد قاطني مشروع الزراعة/غياث خندرية/ أن المشروع يلفه الإهمال وسط السلوكيات من قبل المواطنين، فالشوارع تتسم بالقاذورات والنفايات والفسحات تسكنها الأنقاض وسط تجاهل المراقبين التابعين للبلدية لما يحدث، فكيف تنفذ القوانين واللوائح والأوامر الخاصة بالنظافة والتخلص من الأوساخ فنحن منذ زمن لم نلحظ قيام البلدية بأنشطة النظافة العامة في الشوارع والطرقات والفسحات العامة والحدائق، كما نوه بأنه لا بد من وضع لوحات وإشارات توعي المواطن فيما يخص النظافة ومساوئ رميها عشوائياً، وأكد على ضرورة زيادة عدد العمال والآليات والحوايا وسلات المهملات، وقال بأن أكثرية سلات المهملات التي وضعت أصبحت أنقاض وما تبقى منها لم يتم تعزيلها منذ زمن، ولابد من القيام بجميع أعمال النظافة في النطاق العام لأحياء الزراعة والأوقاف ومتابعتها ميدانياً، وتطبيق قواعد النظافة بالطرق المقررة واتخاذ الإجراءات اللازمة للعقوبات المنصوص عليها، ونقل كافة الأنقاض والأتربة المتواجدة بالفسحات إلى أماكن مخصصة لذلك، ملزمة أصحاب هذه الفسحات سواء كانت عامة أم خاصة بوضع جدار لمنع التعدي عليها ورصد المخالفات.
النظافة سلوك أم عادة
وبمتابعة الجولة في مشروع ياسين أكدت لنا /هدى صقر/ بأن الحي صغير وهناك فسحات كثيرة وكبيرة أصبحت مكباً حقيقياً لكافة مخلفات البناء، فالفسحة الكبيرة الواقعة أمام مدرسة سمير ياسين تشهد على ذلك، فالقمامة وكافة النفايات ترمى بشكل عشوائي ضمنها وعلى جانبيها، فهل يعقل أن تشهد مدرسة ومكب حقيقي يقعان بجانب بعضهم البعض وسط انتشار الروائح والقوارض والجرذان والحشرات، حيث يلعب المواطن دوراً هاماً في تغذية هذه الفسحات برمي مخلفات منازلهم فيها، وأضافت: أين عناصر ومراقبي النظافة العامة بمواقع عملهم في الأحياء والشوارع لبيان نوعية وقيمة المخالفات حسب القانون على أرض الواقع، فأين حماية الإنسان والبيئة من التلوث في زمن كثرت فيه الأمراض وانتشرت ضمنه الجراثيم والحشرات الضارة بصحة الإنسان، لذلك لا بد من أن نشهد في القريب العاجل منظومة نظافة عامة للعناية بالبيئة العامة.
وبيّن /علي أحمد/: ما نلاحظه ونلحظه كل يوم بحياتنا المعتادة هذا التشوه البصري والبيئي الذي يؤدي إلى المساس بالذوق العام وتشويه جمال المدينة فهو يؤذي الصحة العامة، لذلك لا بد من تأمين كافة المستلزمات الإدارية والخدمية والبيئية والصحية اللازمة حول ذلك وبذل أقصى الجهود لتوعية المواطنين بسلوكيات الرمي حتى نرى مظهراً حضارياً وبيئة سالمة من مضار التلوث بكافة أنواعه.
وبمتابعة الجولة إلى حي الصليبة كان الكلام الذي حدثنا به أهالي المنطقة متقارب جداً مع من التقينا بهم في الأحياء الأخرى.
حيث حدثنا المواطن /ناصيف/ بأننا لم نلحظ أي حملة للنظافة باستثناء عامل النظافة المتواجد في الحي وسيارة ترحيل القمامة فقط، فالرمي العشوائي للأوساخ مستمر وسط عدم مبالاة الأهالي حول ذلك، فالحدائق والشوارع تملؤها القاذورات والبلدية غير مكترثة بذلك بدليل الدافع والرغبة من قبل المواطن إلى إلقاء القمامة بدافع سلوكياته وعدم احترامه للقانون وتطبيقه فضلاً عن الجهل والأخلاق والاعتقادات من قبل الكثيرين سواء كانوا أطفالاً أم كباراً بأن هناك من سيقوم بتنظيف الشارع أو الطريق بعد رميهم بالأوساخ، لذلك فإن عدم التعامل مع هذه النفايات بشكل إيجابي وبشكل ملائم يشكل خطراً على الصحة العامة والسلامة وعلى البيئة.
والوجه الحضاري للمدينة كما أكدت السيدة /بشرى المعلم/ من حي الطابيات أن الغالبية من الأهالي يرمون مخلفات منازلهم بالشوارع والطرقات لأنه حسب العادة يقومون بذلك ومن جهة أخرى هناك تقصير من قبل البلدية بطريقة التعامل مع تنظيف الشوارع وترحيل القمامة، حيث تقوم البلدية فقط بترحيل محتويات حاويات رمي القمامة متجاهلة تنظيف الشوارع والطرقات والفسحات والحدائق، كما أن مخلفات أكواب الشاي والقهوة والمشروبات باتت تغزو شوارع المدينة بظل انعدام عمال النظافة.
وفي حي السكنتوري كانت الصورة أشد واقعية من الكلام فالروائح والقاذورات وكل ما يمت بصلة حول ذلك تمّ رؤيته في ذلك الحي لذلك كافة المواطنين الذين التقيناهم لم يعيروا الموضوع أي أهمية لأن ذلك مشهد يومي للحي والأحياء المجاورة فالقمامة والأوساخ مظهر عام له واعتادوا عليه، فالجميع غير معني بالنظافة العامة والحملات معدومة والعشوائية هي سلوكيات يومية، وهم ينظرون إلى القمامة بأنها نتاج يومي للمواطنين وكما أفادوا: بأنهم يقومون كل فترة بخرق مخلفات القمامة ويحاولون التخلص منها بشكل عشوائي فهناك عشرات المكبات العشوائية منتشرة في كافة أنحاء الحي وجاراته والجامع بينهما هو الرمي لمخلفات المنازل والمحلات والأسواق.
ثم توجهنا إلى المشروع الأول حيث لاحظنا سلوك غير حضاري ألا وهو رمي مخلفات بيع المطاعم المتواجدة في الحي على الأرصفة والشوارع وحتى حدائق المنازل.
حيث قالت /سعاد إبراهيم/: أن رمي مخلفات السندويش من قبل المواطنين أصبح لا يطاق وسط تجاهل أصحاب هذه المطاعم وغياب الرقابة من قبل البلدية، فهل يعقل لحي المشروع الأول هذا الحي الجميل أن يشهد هذه المخالفات والمخلفات التي تشوه الحي، فكثير من المواطنين يرمون مخلفات السندويش من ورق وأعقاب سجائر وفوارغ مشروبات في الشارع العام حتى وصل بهم لرميها بحدائقنا الخاصة في منازلنا وهذه سلوكيات تزعجنا عندما نكون ضحاياها، فهي غير أخلاقية ومخالفة بأي شكل من الأشكال، لذلك يجب على الجميع من جهات عامة وخاصة أن تنظر إلى قيمة النظافة واحترام حق الآخرين وأقول هناك قيم نحتاجها بحياتنا اليومية.
نهاية
تعتبر ظاهرة الرمي العشوائي دليلاً على قلة الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة وعلى الصحة العامة حيث يعد رمي النفايات والأوساخ خطراً شائعاً يمكن لكافة الفئات العمرية مشاهدته في جميع المناطق الشعبية منها والمخالفات وحتى المناطق الراقية، لذلك لا بد من بذل جهود الجميع أفراداً ومنظمات وبلديات وإيجاد الحلول لها وطرق معالجتها، فغياب القوانين الصارمة حيال ذلك ومعاقبة المخالفين وإهمال المواطنين لحجم المشكلة وعدم إدراكهم للأسباب الناتجة من جراء ذلك أصبح الموضوع خدمي وصحي أكثر مما هو تقني.
بثينة منى