النظــافة مسـؤوليتنا … لمـــــــــــــاذا نعلّــــــق «تخلّــــــفنا» على تقصـــــــير البلديـــــــــات؟

العدد: 9391

 الأحد-21-7-2019

 

إن كان الخبز (على أهميته) سيئاً فقد يستبدله البعض بـ (الخبز السياحي) أو البسكوت، وإن انقطعت الكهرباء فـ (البطارية) قد تحلّ مشكلة، وإن تحفّرت الشوارع، أو خلعت قميصها الإسفلتي فبإمكاننا أن نجد مكاناً آمناً لخطواتنا، وإن انقطعت المياه سنشرب (مياه قناني)، حتى وإن اقتصرت هذه الرفاهية (خبز سياحي ومياه قناني) على واحد بالألف منّا، لكن حتى هذا (الواحد بالألف)، سيجد نفسه غريق جهله أو جهل من حوله بثقافة (النظافة) ولو كان من سكان أحد الأحياء (الراقية)، فالريح التي تهبّ من أي مكان يمكنها أن تصل إلى أي مكان بغضّ النظر عن حال الطرق، ومتنكرة لأي تمييز بالخدمات التي إن لم تكن عادلة من حيث أدواتها وآلياتها ستكون عادلة من حيث نتائجها والقصّة لا تحتاج إلى أي شرح إضافي على ما أعتقد، وما نبحث عنه هو المدخل المناسب لشكوى لا تغيب يوماً عن صفحات جريدتنا..
النظافة.. نظافة الشارع والحيّ (غنيّاً) كان أم (فقيراً) مسؤولية ناسه وساكنيه قبل أي أحد آخر، لكن إن تخلّى نصف سكان الحيّ مثلاً عن وعيهم، وضربوا بصحّتهم وصحة غيرهم عرض الحائط، أو عوّلوا (أو طمعوا) على من حولهم، أو قذفوا بـ (أفكارهم وزبالتهم) بوجه الآخرين، ماذا نفعل؟
إحدى الإجابات على هذا السؤال: البلدية، أهم وظائف البلدية التصدّي لموضوع النظافة، ولكن نقسو كثيراً حين نحصر هذه المسؤولية بـ (البلدية)!
لا يوجد حلّ جذري لهذا الموضوع وهناك مواطن واحد غير مكترث به، أي أن منزلاً واحداً بإمكانه أن يلوّث حيّاً بأكمله، وقبل أن نطالب البلديات بفعل ما عليها علينا أن نسأل أنفسنا: ما المتعة التي يجنيها أيّ منّا عندما يضع قمامته على مدخل بناتيه بعد أن تكون سيارة النظافة قد رحّلت القمامة بربع ساعة، وكأنه يراقب رحيلها ليحصد شتمه وسبابه!
أتحدث عن حالات نراها بأمّ العين، وفي أكثر من مكان، وكنّا نتمنى وبدل أن يفكّروا برفع رسم النظافة أي يحققوا نفس الريعية ولكن من ضبوط مخالفة من يضع القمامة في غير مكانها أو زمانها لا أن يتساوى الصالح بالطالح وعندها قد يذهب قسم من (الصالحين) إلى صفوف (الطالحين) طالما أن الاثنين يعاملان نفس المعاملة!
موسمان، أتمنى شخصياً أن تكون أسعارهما (مجنونة) وهما: البرتقال شتاء والجَبَس صيفاً، لأن استهلاك هذين المنتجين الكبير يضاعف كمية القمامة، ولأن التعامل مع بقاياهما يتمّ بطريقة غريبة، إذ توضع هذه البقايا في (كيس خبز) ويجرّه طفل صغير على درج البناية مبعثراً كلّ ما فيه!
بشكل عام، لا يلتزم 10% من المواطنين بوضع القمامة بأكياس خاصة بها، ولا يلتزم 10% أيضاً برمي القمامة بالزمان والمكان المحددين، ولا يقوم عمّال النظافة أيضاً بأكثر من 50% مما يتوجب عليهم فعله، وإذا أحبّ أصدقاؤنا في دائرة النظافة في بلدية اللاذقية فسنصوّر لهم أنّ ما يبقى في مكان القمامة يعادل ما يتمّ ترحيله!
طبعاً، يختلف المشهد نسبياً من مكان لآخر حتى ضمن الحيّ الواحد، ويخالف الحقيقة من يعتقد أن (الواسطات) ليست شغّالة حتى في (القمامة)، فهناك مداخل بنايات وجوارها (ملمّعة)، وفي أماكن أخرى كحال حارتنا البائسة تحتاج لخبير هندسة ليفتح لك ممراً آمناً بين القمامة بعض الأحيان، وأعود للتذكير أن المواطن يتحمل الجزء الأكبر من سوء هذا المشهد…

ثمة نقطة مهمة، فقد تخدع قمامتنا المخططين الاقتصاديين في بلدنا، لأن مواطناً ينتج هذه الكمية الهائلة من (المخلفات) لا يعاني من أي ضيق معيشي (نظرياً)، وحتى نقنع المخططين أننا نعاني علينا أن نقلل من (بقايانا)، وطالما القطط والجرذان منتشرة على نطاق واسع فهذا يعني أيضاً أننا (بخير)!
في ذاكرتنا: (جاءت أعرابية لأحد الولاة وقالت له: جئت أشكو إليك قلة الفئران في بيتي، فقال: ما أحسن كنايتك، أعطوها خبزاً).
في واقعنا الحالي، ولأننا نشكو كثرة الفئران والجرذان سيرفعون رسم النظافة!
بالمختصر المفيد: نظافة مدينتنا مسؤوليتنا جميعاً، وإن ألقي العبء الأكبر على المواطن فإني لا أخلي البلدية من مسؤولياتها وهي التي أطلقت وعوداً مخملية في هذا الصدد ونشرنا صور مسؤوليها وهم يبتسمون…
أدعو أي مسؤول لزيارة بعض (الحارات) المنسية، وأدعوه للسكن ولو لأسبوع حيث يسكن القسم الأكبر من الناس على أطراف المدينة، وضيافة (البطيخ) بلونيه الأحمر والأصفر علينا و(أكياس الخبز الفارغة) من عندنا أيضاً…

غانم محمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار