بعبدة .. 270 طالباً ثانوياً بلا مدرسة!

رقــم العــدد 9390
 الخميس 18 تمـــــــــــوز 2019

لقرية بعبدة من اسمها نصيب، فهي بعيدة نسبياً كمسافة عن مدينة جبلة وبعيدة كل البعد عن الخدمات لمختلف أنواعها.
شكاوى عديدة حول نقص الخدمات وانعدام شبكة الصرف الصحي في معظم حارات القرية وغيرها من الأمور الخدمية التي حملناها كعادتنا واتجهنا بها إلى تلك البلدة الجميلة حيث التقينا رئيس البلدية الأستاذ محمد علي وفي مكتبه أفرغنا سلتنا من شكاويها فقال: أحدثت بلدية بعبدة في الشهر العاشر من عام 2018، بعد أن كانت مدمجة مع بلدة دوير بعبدة لمدة (8) سنوات، بلدية بعبدة المحدثة تتبع لها عدة مزارع (مزرعة الحروف، مزرعة الرباصية، مزرعة بيت الشيت) ويبلغ عدد سكانها (4200) نسمة.
وفي عرضه للواقع الخدمي قال علي: طرق القرية الفرعية والرئيسية سيئة، ولم يزرها الزفت منذ (15) سنة حيث أن سوء تنفيذ مشاريع الصرف الصحي أدى إلى زيادة في سوئها، وخلال الشهرين المقبلين سيتم تنفيذ مشروع صيانة لهذه الطرق بطول (600) متر صيانة، طبعاً على مبدأ الترقيع حتى نتمكن إصلاح أكبر قدر ممكن من الحفريات فيها.
أما الصرف الصحي فإن القرية تعاني من ضعف نسبة تخديمها بالصرف والتي لا تتجاوز (30%) من المنازل وهو الأمر الذي يضطر الأهالي للاعتماد على الجور الفنية التي تخدم نحو (60%) من المنازل، وهذا يخلق صعوبات كثيرة ويسبب أمراضاً وانتشاراً للروائح الكريهة، بالإضافة إلى الكلفة المادية التي يتحملها المواطن (أجرة للصهريج عند تفريغ الجورة) ويشير رئيس البلدية إلى وجود دراسة لتنفيذ مشاريع للصرف الصحي حيث تحتاج القرية لمسافة (1500) متر بين الخط الرئيسي والفرعي لرفع نسبة تخديمها بالصرف الصحي إلى (70%) لافتاً إلى وجود حارات غير مخدمة نهائياً بحكم موقعها تحت الطريق وهو ما يجعلها بحاجة لمشاريع جديدة وعملية ربط بالشبكة الجديدة حين نتمكن من تخديمها مؤكداً القيام ومنذ عشر سنوات بإنجاز دراسة لبناء محطة معالجة في القرية حيث حدد موقع المحطة دون أن يتم اتخاذ أية خطوة باتجاه تنفيذها.
وبالنسبة لشبكة مياه الشرب في القرية فهي مخدمة بنسبة (100%) ولكن المأساة في ساعات التغذية فهي لا تأتي إلا ساعة واحدة كل (5) أيام وأحياناً أكثر وهذا يؤدي إلى انقطاع دائم بمياه الشرب واعتماد الأهالي على خزانات التجميع في فصل الشتاء حيث لا يمكننا حفر آبار في القرية بسبب وعورة المنطقة وارتفاعها.
قمامة.. وإنارة
يقوم عمال النظافة بتجميعها بشكل يومي في القرية وترحل إلى مكب البصة من (2-3) أسبوعياً على الرغم من بعد المسافة التي تزيد عن (50) كم، سابقاً كان لدينا مكب قريب في المنطقة تم ترحيل القمامة منه في العام الماضي بالتعاون مع مديرية الخدمات الفنية باللاذقية، كما ونعاني أيضاً من عدم وجود حاويات القمامة وهو ما يضطر الأهالي إلى رميها بشكل عشوائي في بعض الأماكن.
وعن الإنارة الشارعية وعنها يقول رئيس البلدية: الشبكة موجودة ولكن معظم الإنارة معطلة منذ أكثر من (15) سنة لم تتم أيّ عملية صيانة لهذه الشبكة.
حاجة ملحة لثانوية
توجد في القرية مدرستان واحدة فيها حلقة أولى والثانية للحلقة الإعدادية ويبلغ عدد الطلاب (460) طالباً وطالبة أما بالنسبة للمرحلة الثانوية فإن القرية تفتقد لبناء لها وهو يضطر(270) طالباً وطالبة للذهاب إلى مدارس دوير بعبدة بما لذلك من تكاليف وأعباء مادية إضافية ومعنوية لا سيما إذا علمنا أن الأهالي يضطرون لإرسال أبنائهم بتكاسي أجرة مطالباً ببناء مدرسة لهذه المرحلة وخصوصاً أن المكان متوفر بالقرب من المدارس القائمة حالياً.
وسائط النقل
يوجد في القرية سرفيسان يتيمان وهذا عدد غير كافي نهائياً بالنسبة لعدد سكان القرية قدمنا كتاباً إلى السيد المحافظ من (4) أشهر بهذا الخصوص أحاله إلى قائد الشرطة وبدوره إلى مدير المنطقة ثم إلى مدير الناحية ووعدنا بتزويد الخط خلال هذا الشهر بـ (2) من السرافيس.
ونحن نطالب كبلدية بإعادة خط سير السرافيس العاملة على خط دوير بعبدة إلى سابق عهدها لتصل إلى بعبده تخدم قريتنا.
شبكة هاتف قديمة
وتبدو شبكة الهاتف في القرية شبكة قديمة عمرها يزيد عن (20) سنة خطوطها محدودة ولا يستطيع أي مواطن مد أي خط هناك علماً بأن ثمة أعطال تتجاوز مددها أشهر لم يتم إصلاحها حتى الآن علماً بأن القرية تخدم من مركز دوير بعبدة،
وأضاف بأن القرية تفتقر أيضاً لفرن خبز حيث يتم تأمين الخبز عن طريق معتمدين (2) من خارج القرية وإذا ذهبنا إلى فرن دوير بعبدة وهو أقرب فرن فإنه لا يعطينا بحجة أننا لسنا من أبناء القرية.
كما لا يوجد لدينا أملاك إدارية لإقامة هذا المشروع الذي لا يوجد أيضاً مستثمر يقيمه علماً بأننا وبحكم بعدنا الكبير عن المدينة بحاجة لتأمين بناء فرن في قريتنا وهو الأمر الذي تم الحصول على الرخصة اللازمة له وهي الرخصة التي فقدت دون أن نعرف السبب.
كما وتفتقر القرية والحديث لرئيس البلدية إلى المشاريع السياحية وذلك بالرغم من موقعها المميز مشيراً إلى وجود مكتب لذوي الشهداء والجرحى يقدم الخدمات اللازمة لهم وفقاً للإمكانيات المتاحة.
وأشار علي إلى تخصيص البلدية بميزانية (3.200.000) ليرة على الموازنة المستقلة مع وجود وعد بإعانة قدرها (7) ملايين من الوزارة وهذا سيساعدنا في تقديم بعض الخدمات ولو بشكل بسيط.


مستوصف وخدمات صحية
وأثناء تواجدنا في مبنى البلدية دخلنا إلى مركز الشهيد نضال أحمد أحمد الصحي،حيث التقينا (دارين عيسى) فنية صيدلانية ومسؤولة عن الصيدلية في المركز التي تحدثت لنا وبحكم عدم وجود طبيب في المركز بشكل يومي عن الخدمات التي يقدمونها والتي تشمل الخدمات الطبية قدر الإمكان وضمن الإمكانيات المتاحة واللقاحات للأطفال بشكل دوري وقياس (الضغط، السكر، الصحة الإنجابية) وغير ذلك من الخدمات، مضيفة: نستلم من مديرية الصحة كل ربع من السنة دفعة دوائية وهي مقبولة من خلال زياراتنا التي نقوم بها لمنازل الأهالي نخبرهم بأيام تواجد الأطباء في المركز وهي يومي الإثنين- الأربعاء بعد تقاعد المشرف على المركز حيث تم تكليف طبيبين للإشراف على المركز لكل طبيب يوم فقط على مدار الأسبوع.
وتقول عيسى بأن جميع الفحوصات التي تجري للمرض هي يدوية نتيجة افتقار المستوصف للأجهزة الطبية كالأيكو- وتخطيط القلب وغيرها من الأجهزة الخاصة أما بالنسبة لجرحى الجيش فنقوم بزيارات منزلية ونقدم لهم كل ما يلزم من ضمادات وأدوية حسب المتوفر وهم بحاجة له.
علماً بأن المركز يضم (15) بين ممرضة وقابلة قانونية، فنية صيدلانية وإداريين وطبيبين.
جمعية ميادين العمل
كما التقينا خلال وجودنا في البلدية مع نائب رئيس البلدية سمير أحمد شاهين ورئيس جمعية (ميادين العمل) الخيرية الأهلية الذي حدثنا عن المنغصات والصعوبات التي اعترضت عمل الجمعية على مدار (4) سنوات قائلاً: بدأنا العمل بالجمعية في عام (2012) بمبادرات أهلية حيث أن معظم من يقوم بالعمل لدينا هم الأهالي فالأعضاء معظمهم من المهندسين والمعلمين الذين يصل عددهم إلى ما يزيد عن (50) عضواً بشكل فعلي أما على الأوراق فهم (13) عضواً.
واضاف: استأجرنا مقراً للجمعية في القرية وسجلاتنا كلها نظامية وكنا نقوم بجمع ريعيات الجمعية من قبل الأهالي عبر إيصالات نظامية وقيمة كل وصل (100) كل شهر على كل مواطن لتتعرض وبعد عمل (4) سنوات منذ تأسيس الجمعية لضغوط كثيرة من أجل ترخيصها علماً بأنه لدينا سجلات وإثباتات مسجلة في البلدية عن الأعمال التي قدمتها الجمعية للقرية ومنها ترحيل القمامة لمدة (9) أشهر على مسؤوليتي الشخصية حيث أحضرت الآلات الخاصة بذلك طبعاً قمنا بتكليف كل منزل مبلغ مالي قدره (100) ليرة كل شهر وهذا بمعرفة رئيس البلدية وأمين الفرقة الحزبية في القرية وقدمنا مساعدات لذوي الشهداء والجرحى أثناء الأزمة وتم اختيار شخص من كل عائلة ليكون عضواً في الجمعية كما وكنا نأتي بمعالج فيزيائي كل أسبوع (3) مرات لمعالجة من هو بحاجة من الجرحى ومن لم يكن بإمكانه المجيء إلى مقر الجمعية بسبب وضعه الصحي نقوم بإرسال المعالج له إلى منزله.
مسيرة من المعاناة
ويضيف أحمد قدمنا طلب ترخيص وبعد سنتين من تقديمه تعود إلينا الإضبارة بضرورة تغيير الاسم، مدة ثلاث سنوات وأنا أحاول الحصول على ترخيص نظامي والمحزن في الأمر بأن الرد على كل سؤال لنا عن الترخيص ضاعت بعض الأوراق وآخر مرة ضاعت الإضبارة بكاملها وهو ما جعلنا نعد إضبارة جديدة لأخذها باليد أما بالنسبة للأعضاء فقد أصيبوا بإحباط شديد نتيجة ما تعرضنا له من منغصات وصعوبات وأخيراً بعد طول انتظار دام (4) سنوات حصلنا على الترخيص باسم جمعية (ميادين العمل الخيرية) ولكن كنا وصلنا إلى حد لا نستطيع أن نتابع العمل بها بدون أي دعم مادي كغيرها من الجمعيات التابعة لوزارة الشؤون في الوقت الحالي لم تكن لدينا قدرة مادية لدفع آجار المقر للمالك فقام بتأجيره باستثناء غرفة واحدة تحتوي على أغراض مكتبة خاصة بالجمعية التي أشد ما يؤلمني في توقف عملها هو مجموعة جرحى الجيش الذين كنا نصطحبهم برحلات ترفيهية حيث كنا نقوم بالتجهيز للرحلة قبل موعدها بعدة أيام لتجهيز وسائط النقل وسيارات الإسعاف لنقل حالات جرحى لا يمكن نقلها إلا بسيارة إسعاف نتيجة لسوء وضعها الصحي وهو ما كنا نقوم به دون أن نلقى أي دعم صحي إلا ما قامت به مديرية الصحة في مدينة طرطوس بحكم قربنا منها حيث أن نشاط رحلاتنا يشمل جرحى الجيش في ريف بانياس وهو الأمر الذي دفع الصحة لتزويدنا بسيارات الإسعاف لأكثر من مرة،
وقد كان لهذه الرحلات الأثر الإيجابي في نفوس الجرحى من خلال لقاءاتهم وتعارفهم وتشكيل مجموعات على الإنترنت ليبقوا على تواصل دائم مع بعضهم ومع المجتمع، ومن الأعمال التي قامت بها الجمعية تقديم جهاز تحليل سكر للمركز الصحي مع شاش معقم لمدة خمسة أشهر بالإضافة إلى شراء عدة جراحة ووضعها في المركز علماً بأن من يشرف على تغيير ضمادات الجرحى في منازلهم هم ممرضات المركز الصحي.


وأخيراً
قرية بعبده ضيعة منسية من ناحية الاهتمام وتقديم الخدمات لها للنهوض بواقعها الخدمي كغيرها من البلديات نتمنى أن تلقى الدعم وبناء مشاريع سياحية فموقعها الممتاز والمميز الذي يربعها على عرش الجبال يؤهلها لتكون من أفضل المناطق السياحية.

غانة عجيب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار