مركز الشــهيد باســل للتدريب التربوي على الحاسوب.. (3) طــــوابـق من أجل (5)متدربين فقط!

العدد: 9284

4-2-2019


هي شرط أساسي لأي عمل، ولم يعد لأحد فينا مكان في عمل أو وظيفة ولو كان أقلها شأناً وقيمة دون إجادته لبرامج الكمبيوتر ولغاته، حتى أن الصغير فينا بات يحشر فيها، فترى الطفل منذ نعومة أظفاره يجلس مرتاحاً أمام أي جهاز الكتروني ولا تستغرب الأمر، بعد الغزو الكتروني للمجتمع وتشييد المراكز التعليمية الدولية والمعاهد الخاصة في المدينة وريفها لأجل دورات المعلوماتية ومحو أميتها إلى جانب الدروس الخصوصية للشهادات الثانوية والإعدادية وحتى المراحل العامة، وغيرها من المهن والحرف وكان فيها كفاف تعليمهم، ليكون في ذلك ابتعادهم عن مركز الشهيد باسل للتدريب ذاك الصرح العلمي والتعليمي الذي شهد أياماً زاخرة بالعمل والنشاط، حتى أن صفوفه كانت تعج بطالبي تعلم المعلوماتية وكان الأول في هذا الشأن، لكنه اليوم يفتقدهم وقد هجره ناسه حتى أهله من معلمي التربية الذين انشغلوا بالدروس الخصوصية واكتفوا باختصاصهم ومادتهم التي نالوا لأجلها الشهادات الجامعية ولم يعد لديهم الوقت الكافي لتعلم علم آخر أو زيادة خبرتهم في تعلم مستمر ليطوروا أنفسهم ومهاراتهم؟
الدكتورة انتصار الأسد رئيسة مركز الشهيد باسل للتدريب التربوي على الحاسوب، أشارت بداية إلى أن المركز أنشئ عام 1995 لنشر المعلوماتية بين صفوف المعلمين والطلاب، ويضم المبنى ثلاثة طوابق:

الأول لقاعات المحاضرات والدورات، وقاعة مجهزة للتدريب على الحاسوب، والثاني فيه غرف للإدارة وقاعتان لدورة المعلوماتية لإعداد مدرسين لتدريس مادة المعلوماتية حيث يخضعون لدورة تعليمية وتدريبية لمدة ستة أشهر، وقاعتان للمحاضرات أو الدورات القائمة في المركز، أما الطابق الثالث فهو لقاعات دمج التكنولوجيا بالتعليم، إذ أقيم مشروع جديد هذا العام فكان فيه شعبة تمازج لصف السابع في مدرسة رفيق اسكاف، وشعبة أخرى لصف العاشر في جبلة .
أسرة المركز تضم عدداً كبيراً من مدرسي المعلوماتية بالإضافة لأمانة السر والإدارة وأمين المستودع و. .
ومن الأنشطة التي تقام في المركز: دورات لمديرية التربية مثل (تطوير المناهج، إرشاد نفسي، وإرشاد اجتماعي) ودورات مطورة giz وأخرى للبيئة وغيرها أيضاً من خارج التربية لمنظمات دولية مثل اليونيسسف، الأونسكو..
وتابعت الدكتورة انتصار حديثها وكلها عتب وأسف لتقول: كنا بأحسن حال منذ افتتاح المركز إلى أن أتت الحرب علينا وتغيرت أحوال الناس والعاملين والدارسين حيث كانت هناك أربع قاعات تدريبية تعج بالمتدربين، اليوم هم خمسة مدرسين فقط، أي أن المركز باتساع مساحته وشواغر قاعاته وكمبيوتراته والعاملين فيه والقائمين عليه وحراس وصرفيات ورواتب ودوام من الثامنة صباحاً وحتى الواحدة ظهراً ومولدة كهربائية شغالة أوقات التقنين لأجل خمسة متدربين فقط فتصوري!
ونوهت قائلة: من الظلم أن يكون المركز بهذا الحال والجفاء، المركز شبه خالٍ يسكنه الصمت وهو الجالس والمتربع وسط المدينة وضجيج ناسها وأشغالهم، إلا من بعض دورات من حين لآخر وليس فيها معلوماتية .

وأشارت الدكتورة انتصار إلى أملها ورجائها عند التربية بالكتب التي أرسلتها فتقول: يجب أن يكون المركز بأفضل حال بمرتاديه طلاباً ومدرسين، ليكون في تجمعهم التفاعل والعمل الجاد، وبما أن العمل على الكمبيوتر الذي دخل ميادين الدوائر والمؤسسات وشكل عصب الأعمال فيها، كنا قد بعثنا بكتب (ليست عتيقة) لمديرية التربية لإقامة دورات لأمناء السر والمكتبات لمحو أميتهم في المعلوماتية وتزويدهم بالخبرة والبرامج لأجل أعمالهم الإدارية، إلا أن شيئاً لم يكن من هذا الأمر، كما بعثنا بكتاب آخر نطلب فيه موظفاً من كل دائرة في مديرية التربية لإخضاعهم لدورة معلوماتية كل أسبوع، لكننا لم نسمع رداً ولم يحرك ساكناً، وكلنا يعلم أن التربية هي عصب المجتمع بإنشاء جيل بفكر نير ومبدع يرتكز عليه المستقبل.
نحن في جبهة صراع مع موجهي المدارس لأجل أن يبعثوا من مدرسي مدارسهم ولو أستاذاً واحداّ لأجل دورة معلوماتية، خاصة بعد أن نزلت المعلوماتية على مناهج صف الخامس والسادس، وباتت المدارس اليوم بأمس الحاجة لمدرسي هذه المادة التي تفتقد الاختصاصيين، وإذا ما جاء أحدهم فهو يخشى أن ينقلوه من مدرسته إلى أخرى بعيدة عن بيته حيث يكون في المدينة وفجأة يصبح في الريف، كما أن المسابقة التي ناشدنا التربية لأجل أن يكون لنا فيها خريجو معهد تقنيات الحاسوب وكان الأمر، لكن من كان في جبلة أو القرداحة أو . . أضحوا في أريافها، لأجل ذلك يحجم الكثير من المدرسين عن دورات المركز ويبتعدون عنه ويهجرون .

قدم إلى المركز 40 جهاز كمبيوتر إلا أن الأجهزة في المركز جميعها بحال جيدة وفعالة، فما كان منا غير أن نوزعها على المدارس في المحافظة لأجل الاستفادة منها، ولم نكن لنركنها وراء الجدران وتحت السقوف ليلفها الغبار ويتآكلها الزمن فتتلف وتضيع، فكل شيء مقدر عندنا وله حجم ومهام نسخرها لأجل منفعة أهلنا وأولادنا الذين نبغي فيهم فجر الغد.
هدى جليلة مدرسة في المعهد أشارت إلى صعوبات أخرى يعانيها المركز فقالت: صعوباتنا تأتي من جهة اختلاف لغات البرمجة وعدم التطابق فيها بين مناهج المركز ومناهج مديرية التربية، وهو ما يشكل عثرة في طريق المدرس والمتدرب الذي يأتي لصفوفنا.
السيد جورج أمين السر في المركز أشار إلى أن المركز يزود مدارس المحافظة منذ أكثر من 24 سنة بمدرسين لمادة المعلوماتية، وكانت قاعاته التدريبية الأربع تتسع لـ 80 مدرساً في كل منها، إلا أنه انخفض عددهم بعد هذه الحرب البغيضة وبدأ بالهبوط إلى 50 مدرساً وبعدها 30 مدرساً إلى أن وصل عدد أصابع اليد خمسة للأسف، وهو ما يدفعنا للتساؤل عن الأسباب، المبنى كبير وشبه مهجور إلا من العاملين فيه، نرجو أن تعود تلك الأيام والتي كان فيها المركز شعاع علم ونجاح.

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار