خــــط جبلـــــة – اللاذقيــــــة.. ومــــــاذا بعــــــد

العدد: 9389

 الأربعاء 17 -7-2019

على ما يبدو فإن أزمة المواصلات على خط اللاذقية – جبلة باتت مستعصية على الحل، وذلك على الرغم من حجم المعاناة التي تسببها للمواطنين الذين يضطرون لتحمل أعباء هذه المشكلة، وذلك انطلاقاً من مبدأ (مكره أخوك لا بطل) وغياب الخيارات الأخرى التي لم يستطع المجرب منها من قبل المسؤولين عن الشأن المروري في حل عقد هذه المشكلة التي أضحت هماً يومياً للمواطن الذي كثرت أسئلته عن سبب استمرا رالموضوع على هذه الحال دون حلّ حتى الآن، على الرغم من أن هذ الحل ممكن فيما لو توفرت الإدارة والقرار اللازمين، وذلك وفقاً للشكاوى التي ترددت من المواطنين والتي طالبت بإيجاد الحل الذي يحافظ على مصالح الجميع سواء المواطن أم أصحاب الميكرو باصات الذين لهم شكواهم أيضاً في هذا الأمر وذلك وفقاً لآراء من التقيناهم فهم مشكلة المزمنة. وإذا كانت قضية طلاب الجامعة هي الأبرز في جانب الحديث عن أزمة النقل من وإلى جبلة فإن مستخدمي الخط وركاب جبلة لا يقتصرون على الطلاب فهناك الموظفون والعمال وأصحاب المصالح والزوار الذين يقعون جميعهم تحت وطأة هذه المعاناة التي باتت مزمنة وتؤرق كل من يذهب أو يعود من وإلى اللاذقية من جبلة التي تتشعب معاناة سكانها جراء هذه المشكلة، فركاب الريف لهم معاناتهم، وكذلك سكان المدينة، ومعاناة أهل الريف لا تبدأ من كراج جبلة المتجه إلى اللاذقية بل من قراهم في مرحلة أولى، حيث يعانون معانة لا تقل عن معانة الوصول من كراج جبلة إلى اللاذقية في الانتقال من القرى إلى جبلة في مرحلة أولى ومن كراج جبلة إلى اللاذقية في مرحلة ثانية، حيث يقع هؤلاء في المرحلة الأولى فريسة تحمل أعباء الانتظار الطويل والتكلفة المادية العالية في ضوء النقص في وسائل الانتقال إلى جبلة كمرحلة أولى، تبدأ بعدها معاناة الانتقال إلى اللاذقية ولعل من يشاهد الازدحام الذي يحصل في فترات الذروة الصباحية والمسائية يلحظ ذلك بوضوح، ولا سيما أن أمر الظفر في مقعد إلى اللاذقية ولو كراكب رابع في مقعد مخصص لثلاثة ركاب أصبح أمراً صعباً، مع الإشارة هنا إلى أن الانتقال إلى اللاذقية يوقع الراكب في تشعبات قرار المسؤولين عن المرور والمتمثلة بتقسيم الميكروباصات إلى أرقام زوجية وأخرى فردية تتناوب في الوصول إلى كل من كراج اللاذقية الشرقي أو الدراج عند مدخل كلية الزراعة من جهة وفي الدخول إلى مدينة جبلة أو الوصول إلى كراجاتها من جهة أخرى تلك التشعبات التي تخضع لمزاجية السائق وابتزازه للركاب وكل ذلك في ظل تساؤل عن دور الأجهزة الرقابية التي تلقى باللائمة في هذا الجانب على المواطن الذي تغيب عنه ثقافة الشكوى وكأن أمر الرقابة الوقائية غائب وأن هذه الأجهزة وجدت لتلقى الشكاوى.

ومعاناة لأهل المدينة
وكما هي مشكلة أهل الريف، فإن سكان مدينة جبلة يعانون بدورهم جراء عدم دخول الميكروباصات إلا فيما ندر إلى مركز المدينة، ومن يشاهد الركاب في مواقع دوار العمارة ودوار العلبي وأمام الموصلات ومقابل شعبة الحزب وغير ذلك من مواقع في اوقات الذروة الصباحية والمسائية يلحظ ذلك بوضوح في مدينة جبلة كحال الركاب الذين يعانون أيضاً في كراج اللاذقية من ندرة الميكروباصات التي تدخل إلى المدينة وهو الأمر الذي يضطرهم في كلتا الحالتين للركوب إلى الكراج ومن ثم استخدام ميكروباصات خط كراجات مشفى جبلة في الإياب وخط مشفى الكراجات للوصول إلى كراجات جبلة للنزول إلى المدينة ليتحملوا في الحالتين تكاليف هدر الوقت والزيادة في التكلفة وكل ذلك في ظل عدم وضوح التعليمات الخاصة بالوصول إلى المدينة والتي تحصر حق الدخول إليها في ثلاثة أرقام من الفئة صاحبة الدور (الفردية أو الزوجية) والتي يضطر الراكب للتنجيم لمعرفتها تلك التعليمات التي أضحت وسيلة للبعض للتهرب من الوصول إلى المدينة عندما لا يكون دوره إليها وهي القضية التي تزداد سلبية في ضوء عدم التزام أصحاب الدور في الوصول إلى المدينة في الذهاب والإياب، لتبقى شكوى المواطن في كلتا الحالتين بانتظار من ينصفها.
حلقة أخرى في اللاذقية وعلى الرغم من حجم المعاناة الناجمة عن الأوضاع التي شرحناها آنفاً بالنسبة لسكان ريف ومدينة جبلة فإنها لا تشكل نهاية المطاف لديهم حيث يشكل وصول المكيروباصات حسب الفئات التي أشرنا إليها إلى الكراج الشرقي أو مشفى الدراج معاناة أخرى خصوصاً إذا علمنا أن الجامعة ليست المقصد الوحيد لركاب جبلة الذين يتوجب عليهم وخصوصاً في حال الوصول إلى الكراج استخدام وسيلة نقل أخرى للوصول إلى مقاصدهم وهنا تبدأ مشكلة أخرى أمام الازدحام الذي نشاهده في الكراجات وفي باصات النقل الداخلي وخصوصاً في أوقات الدوام الجامعي علماً بأن المعاناة لا تقف هنا عند حدود الازدحام بل تتعداها إلى التكاليف الإضافية التي يتحملها الراكب وخصوصاً إذا استخدم سيارات الأجرة التاكسي في تنقلاته حيث يبدو هنا الابتزاز الذي يتعرض له من قبل السائقين غير الملتزمين لا بتسعيرة ولا بعداد حيث تصل أجور هؤلاء من الكراج إلى حوالي الألف ليرة أحياناً ولا سيما بعد الاختناق الذي حصل في موضوع المحروقات والذي اتخذوه حجة لرفعة أجورهم في ظل غياب أي رادع لهم في هذا الاتجاه.
تناقض يثير التساؤل
ومن الصور التي تدعو للتساؤل والاستغراب ونحن نتناول موضوع أزمة النقل من وإلى جبلة ما نشاهده صباحاً في كراجات اللاذقية وهند الذروة المسائية في كراجات جبلة اللاذقية في اصطفاف عشرات الميكروباصات عند الدراج صباحاً وفي كراجات جبلة مساءً في الوقت الذي يكون الطلب على أشده إن كان في جبلة صباحاً أو في اللاذقية إلى جبلة مساءً وهي المسألة التي نأمل أن تكون معالجتها فعالة أكثر وإن كانت حالياً حيث عطلة الجامعات أقل مدة من فترة الدوام ذاتها.
مشكلة قرارات
وبغض النظر عن لغة الأرقام والمدد الزمنية التي يضطر المواطن لدفعها أو لقضائها للوصول إلى منزله أو عمله فإن اللقاءات التي أجريناها مع بعض المواطنين حول الموضوع أرجعت الأمر إلى بعض القرارات التي اتخذت بشأن خط جبلة ولا سيما موضوع عدم السماح بالوصول إلى سبيرو الذي ترك أثره السلبي على صعيد تفاقم أزمة النقل من وإلى جبلة ولا سيما وإن الأمر كان أفضل برأيهم في الوضع السابق وإن سلبياته كانت أكثر من إيجابياته خصوصاً إذا ما أخدنا بالاعتبار للنتائج التي تركها هذا القرار ودائماً بحسب آراء المواطنين على صعيد زيادة الأعباء المادية على المواطنين والطلاب ناهيك عن الأعباء النفسية والجسدية وضياع الساعات الطوال على الركاب لملاحقة الباصات واستقلال بعض السائقين للركاب وإضافة للمعاناة التي بات يتكبدها الركاب وخصوصاً من الفتيات وكبار السن والنساء في فترة الازدحام للوصول إلى مقعد ولو كان بأربعة ركاب وهو مخصص لثلاثة وتبدو المشكلة أكبر إذا كان الوقت متأخراً ولا سيما في فترة دوام الجامعات بالنسبة للفتيات اللواتي يضطررن للتأخر بفعل الدوام الجامعي حيث يقع هؤلاء أمام مشكلة الكراج الشرقي غير المناسب لهم أو لدفع الأجور المضاعفة عند الدراج ولا تقتصر المسألة عند هذه الحدود بل أن تفاصيل كل حد من هذه الحدود يخفي مشكلة بحاجة لحل برأي الطلاب الذين استمعنا لهم وخصوصاً إذا كانوا من أبناء الريف حيث يشكل الوصول إلى محاضرات الساعة الثامنة معاناة كبيرة لهم مادياً ومعنوياً وهي المعاناة التي تزداد وطأتها إذا علمنا أن الكثير من الأسر لديها أكثر من شخص يضطر للذهاب إلى اللاذقية وهنا يبدو السؤال عن التكاليف التي يدفعها هؤلاء وأغلبهم من ذوي الدخل المحدود والتي تصل يومياً إلى حوالي 800 ليرة للشخص الواحد وعليك مضاعفة الرقم بسبب عدد أفراد الأسرة الذين يستخدمون وسائل النقل من ريف جبلة للوصول إلى جامعاتهم وأعملهم في اللاذقية يومياً.
رأي السائقين
وفيما دعا من تحدثنا إليهم أصحاب القرار إن كانوا في المحافظة أو المرور أو حتى الاتحاد الوطني لطلبة سورية وأعضاء مجلس الشعب الذين يمثلونهم لمعالجة الحالة التي وصلوا إليها فإن للسائقين رأي بالأمر لخصه لنا رئيف محمد عضو الهيئة الإدارية لخط جبلة اللاذقية الذي أشار إلى أن عدد الميكرو باصات التي تعمل على الخط على الورق يصل إلى نحو 260 ميكرو باصاً في الوقت الذي يصل فيه هذا الرقم فعلياً إلى نحو 200 فقط وذلك نتيجة غياب الباقي عن الخط إما لارتباطهم برياض الأطفال أو الأعطال أو السفر إلى محافظة أخرى لافتاً إلى التقسيم الذي يتم على أساسه وصول الميكرو باصات إلى داخل مدينة جبلة أو كراجها، مشيراً إلى رده على وقوف الباصات في الدراج أو في الكراج وقت الذروة إلى أن الأمر مرتبط بالربح والخسارة حيث تكلفة الذهاب والإياب من وإلى اللاذقية تصل إلى حوالي 1000 ليرة سورية في الوقت الذي تصل فيه الأجرة إن كان الباص كامل الركاب إلى 1750 ليرة وهو ما يعني ربحاً قدره /750/ ليرة في الرحلة إن كانت ب 14 راكباً فقط فكيف إذا عاد بدون ركاب أو بنصف عدد الركاب فإن الأمر وبرأيه سيوقعه في الخسارة وهذا ليس في مصلحته باعتبار أنه يعمل ليعيل أسرته التي يشكل عمله مصدر رزقها الوحيد مشيراً في هذا الجانب إلى أن الوقوف ممنوع للميكرو باصات عند الدراج حتى الساعة التاسعة صباحاً في فترة دوام الجامعات وأن الحجز هو مصير أي سيارة تخالف نظام الدور (الزوجي والفردي).
وحول قلة السيارات التي تدخل إلى مدينة جبلة فقد أعاد محمد الأمر إلى قلة عدد سيارات الفئة المسموح لها بالدخول مقترحاً وكل هذه المشكلة بتوحيد الأجور التي تتقاضاها الميكرو باصات والتي تصل إلى 100 ليرة من الكراج إلى الكراج و125 ليرة من الكراج إلى الدراج مؤكداً أن الأخذ بهذا الأمر يجعل الجميع يلتزم بالدخول إلى المدينة أما حول السيارات التي تبيع مخصصاتها دون أن تعمل على الخط فأشار محمد إلى أن هذا الأمر مستبعد كون عناصر مخفر الكراج تسجل السيارات التي تعمل عند دخولها وخروجها من وإلى الكراج ومشيراً في هذا الجانب إلى القرار العقابي بحق بعض هؤلاء والذي تضمن إيقاف مخصصاتهم من المازوت مؤكداً على ضرورة جعل الأمر مرتبطاً برغبة السائق في الدخول والخروج من وإلى مدينة جبلة وإلى تشديد رقابة رجال المرور على السيارات التي تسرق الركاب من خارج الكراج على حساب السيارات الملتزمة بالدور سواء في جبلة أو اللاذقية مشيراً في ختام حديثه إلى أن عدد الميكرو باصات الموجودة على الخط كاف لتلبية احتياجات الخط حتى في أوقات الذروة وإن ربط ذلك بالإجراءات التنظيمية التي تضبط حركة هذه السيارات في جبلة أو اللاذقية.
حلول مقترحة
وأخيراً وأمام هذه المشكلة التي تبدو مرهقة للمواطن ومستنزفة لماله ووقته يبدو من الضرورة بمكان إيجاد الحلول العملية اللازمة لها سواء من خلال ضبط الميكرو باصات التي تعمل على الخط من النواحي المتعلقة بالالتزام بالعمل أولاً وأيضاً الالتزام بنظام الدور المحدد لكل منها والذي يتعرض للتجاوز بأساليب كثيرة ثانياً وكذلك بإعادة النظر بقرار الوصول إلى سيبرو الذي كثرت المطالبة به ثالثاً لكونه أسهم في نقل المشكلة من مكان إلى آخر دون أن يحلها وخلق من المشاكل أكثر من تلك التي حلها لا سيما إذا علمنا أن نقل الحركة إلى مشفى الدراج تم دون تأهيل الموقع الجديد لأن يكون موقفاً للركاب لا من حيث المظلات التي تقي مطر الشتاء وحر الصيف ولا المقاعد التي يحتاجها الراكب الذي ينتظر طويلاً للحصول على مقعد ولا أي مستلزم يحتاجه الراكب في موقف رسمي معتمد، وشددت المطالب أيضاً على ضرورة دعم الخط بباصات النقل الداخلي وجعل عملها مستمراً على مدار السنة وليس في أوقات الذروة ومطالبة هذه الباصات بالدخول إلى المدينة في الذهاب والإياب.
وماذا يقول أصحاب القرار؟
وأما عن رأي المرور في المسألة فإن ما حصلنا عليه من أولي الأمر يشير إلى الإجراءات التي اتخذت لتنظيم الميكرو باصات العاملة على خط اللاذقية جبلة (الفردي والزوجي) و3 أرقام من الفئة صاحبة الدور للوصول إلى المدينة أو الكراج الشرقي مع الإشارة إلى أن التطبيق يتم وفقاً للضغط الذي يحصل في فترات الذروة وأن المخالفة تستوجب حجز المخالف لأسباب إدارية إلى جانب الإجراءات الأخرى التي يتضمنها قانون السير، أما بالنسبة لموضوع وقوف السيارات في جبلة وقت الذروة المسائية فقالت تلك المصادر بأنه يخضع للمتابعة حيث تقوم الدوريات بإلزام الميكرو باصات بالتحرك بشكل يراعي عدم إيقاعهم بالخسارة بنصف الركاب وذلك من أجل تلبية الطلب في الجهة المزدحمة حسب الوقت ذهاباً أو إياباً، أما بالنسبة للتسعيرة وتوحيدها فأشارت تلك المصادر إلى أنه مرتبط بالمحافظة علماً بأن المسافة إن كانت من الكراج إلى الكراج أو من الكراج إلى الكراج مروراً بالمدينة هي واحدة تقريباً، وأما حول الباصات التي لا تلتزم بالعمل فهو خاضع للرقابة من خلال مخفر الكراج الذي يسجل حركة الباصات الداخلة والخارجة يومياً تحت طائلة حرمان الميكرو باص الذي لا يلتزم بالعمل من مخصصاته وفي الجانب المتعلق بالاستجابة للطلب على النقل في جبلة وقت الذروة الصباحية فأشارت تلك المصادر إلى الاستعانة أحياناً بميكرو باصات المشفى كراج وتزويدها بمهمة رسمية لنقل الركاب إلى اللاذقية إلى جانب الاستعانة بباصات النقل الداخلي لذات الغاية وغير ذلك من الإجراءات التي من شأنها التخفيف من حدة الأزمة وخصوصاً في فترة الذروة.
وأخيراً
وإذا كانت حدة الأزمة خفت نسبياً مع عطلة الجامعات فإن فترات الذروة حتى بدون دوام تعاني من الاختناق وهو ما يستدعي من المعنيين التدخل لحل المشكلة بشكل استراتيجي وليس تكتيكي خصوصاً وأن الدورة الامتحانية الجامعية الثالثة قادمة ومن بعدها دوام الجامعات وهو ما يعني أن سياسة إطفاء الحرائق لن تجد نفعاً وأن الحل الناجح يجب أن يتم بأسرع وقت ما نتركه بذمة أصحاب القرار.

نعمان أصلان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار