جولة في المدرسة التطبيقية للمناشط الطليعية بالحفة الفنانة التشكيلية ليلى طه: عملنا جادّ للرقي بأطفالنا إلى المستوى الحضاري
العدد: 9389
17-7-2019
لطالما كان للفن مكانته السامية في المجتمعات على مرّ العصور والأزمنة، ولأن رسالته في الحياة أسمى من مجرد كونه لوحة جميلة أو تحفة فنية، وبغية تعزيز دور الفن في تأصيل قيم الخير والجمال وزرع البسمة الحقيقية على وجوه الأطفال التي ترسمها هذه الرسومات واللوحات الفنية والإبداعية بداخل هذه القلوب الشفافة، فقد زاد الاهتمام الأهلي والرسمي في الآونة الأخيرة بملء أوقات الفراغ لدى الأطفال بتنمية الإحساس بالمفردات الجمالية بكل ما يحيط بهم، فكانت المدارس والنوادي والمعاهد التي ترعى المواهب الفنية والإبداعية ملاذاً لهم، فأصبح الطفل يتحدث بلغة الألوان والألحان عن مشاعره ويخط بريشته مفاهيمه العفوية التي تعبر بصدق وشفافية عن محيطه ومجتمعه، ولإلقاء الضوء على هذا الجانب من الرعاية والاهتمام بالأطفال، كان لـ (جريدة الوحدة) المحطة الآتية مع الفنانة التشكيلية ليلى طه للحديث معها حول أهمية أنشطة المدارس التطبيقية ودورها في ترسيخ وإرساء الثقافة الفنية لدى شريحة هامة من المجتمع كأطفالٍ يحملون لواء المسؤولية ويمثلون بجدارة جيل الغد الواعد، فكان الحوار الآتي:
* بداية حبذا لو تعطينا لمحة عن بطاقتك الفنية؟
ليلى طه فنانة تشكيلية وتربوية على مدار (٣٥) عاماً، ومتابعة لمواهب الأطفال ولكل الأنشطة التي تخص عالم الطفولة وأنا عضو في اتحاد التشكيليين في سورية منذ عام ١٩٩٩ وخريجة معهد ومركز الفنون التشكيلية، أقمت (١٨) معرضاً فردياً، وشاركت على مستوى القطر في العديد من المعارض الرسمية على مدى (٣٠) عاماً، ولي مشاركات مختلفة على المستوى الرسمي في النقابة وعدة مشاركات على مستوى الجمعيات ومنها: جمعية شموع السلام، وجمعية أصدقاء دمشق للفن، وجمعية عشتار الدولية، وقد أقيمت هذه المعارض في دبي وبيروت.
* لماذا اتجهت إلى فكرة التعامل مع الأطفال، وما الفائدة المرجّوة من تعليم الفن وإيصال رسالته السامية إلى الأطفال؟
عالم الطفولة هو ذاك العالم السحري الجميل الزاهر بالرؤى والخيالات المملوءة بالأحلام والألوان والعفوية الوادعة، عالم يرمز إلى الطهارة والنقاء ويفيض بالحركة والحيوية، وعلى مر العصور كان الأطفال محط مودة الأهل واهتمامهم ومحبتهم ومن هنا وجب عينا معاملتهم بالأسلوب الراقي والمستوى اللائق للوصول إلى تنمية ملكاتهم وقدراتهم الثقافية والفنية.
وحول المعارض والمشاركات التي قامت بها مع الأطفال قالت الفنانة التشكيلية ليلى طه:
كما ذكرت أنا متابعة لنشاط الطفل على مستوى القطر والمدرسة، وكل ما يخص عالمه وإبداعاته من معارض ومشاركات مختلفة ومهرجانات ومسابقات رواد طلائع البعث على مختلف مستوياتها وكذلك أتابع مشاركات الأطفال في المعارض والمسابقات التي تطلقها وزارتا التربية والثقافة والمنظمات الدولية على مدار العام، ومن خلال تجربتي الطويلة مع الأطفال على مدار (٣٥) عاماً فقد تم اكتشاف مواهب مميزة كخامات فنية لها شأن في المستقبل، وقد تمت رعايتها واستثمار مواهبها كمشروع لفنانٍ يسعى لصقل موهبته وإقامة معارضه الخاصة به، وكل عام هناك العديد منهم ممن لديهم قدرات إبداعية، وهم مشاركون في مسابقات رواد الطلائع على مستوى القطر.
وعن المقترحات التي تراها مناسبة لتفعيل الاهتمام بالمواهب على شتى أنواعها قالت الفنانة طه: في البداية، لابدّ من الاهتمام بالطفل من الأسرة والمدرسة والبيئة المحيطة به وتنمية ثقافته حتى يكون قادراً على الإبداع وتكوين شخصيته من خلال ممارسة الأنشطة المتنوعة وزيارة المتاحف والمعارض والفعاليات الرياضية والفنية وكلها تصب في تنمية الشخصية الإبداعية للطفل.
وحول رؤيتها لدور الفن وأهميته بشكل عام والرسم بشكل خاص على الأطفال قالت الفنانة طه: للفن أهمية كبرى في تكوين شخصية الطفل، فالأنشطة الفنية تساعده على اختيار مستقبله والكشف عن رغباته وقدراته، ومن هنا يتوجب على الأهل والتربويين توجيهه بالشكل الأمثل، وهنا تتبدى أهمية الفنون عند الطفل في التخلي عن الطاقة السلبية واستبدالها بالطاقة الإيجابية، فتنمية مهارات الطفل مرتبطة بالعوامل النفسية والعواطف لذلك ينبغي ترك الحرية للطفل للتعبير عن مكنوناته ورغباته بعفوية وتهيئة الجو المناسب لاختيار المواضيع التي يحبها ويستمدها من المحيط الذي يعيش فيه.
وحول دور المدارس التطبيقية للأنشطة الطليعية في احتضان المواهب الطفلية وإبرازها بالشكل الأمثل قالت الفنانة طه: تجربتي في المدرسة التطبيقية للمناشط الطليعية بالحفة هي رحلة مميزة، تجربة تمتاز بخصوصيتها في اكتشاف المواهب ورعايتها لتصبح عناصر فعالة في المجتمع، من خلا ل متابعة المسابقات والأنشطة والمشاركات بالمعارض على مستوى القطر، ويعود الفضل في ذلك لمنظمة طلائع البعث من خلال الإشراف والاهتمام الدؤوب والعمل الجاد للرقي بأطفالنا إلى المستوى الحضاري لبناء الوطن، وقد تم إنشاء المدارس التطبيقية للمناشط الطليعية من أجل رعاية مهارات الطفل المختلفة وتوعيتهم وتم تكليف العديد من المتخصصين في كافة المجالات لتوجيه ورعاية الأطفال الموهوبين وتنسيق مشاركاتهم في المسابقات التي تقام بشكل دوري، لهذا كان للمدارس التطبيقية الدور الهام على مساحة القطر في سد الخلل والنقص أثناء العمل على تلبية احتياجات الطفل، وتنمية قدراته ورعاية مواهبه، وهذا ما يوفر الفرصة لكي يأخذ الطفل حقه في الاهتمام والتوجيه على مقعد الدراسة وخاصة المواد التي لها علاقة بالإحساس والذائقة الجمالية كالرسم والموسيقا والمسرح، فالمدارس التطبيقية تشكل عاملاّ داعماً ومكملاً للمدارس الرسمية لتعويض ما ينقص لدى الطفل في سد الخلل والثغرات واستثمار مواهبه بالشكل الأمثل في كافة المجالات.
والجدير بالذكر أن المدارس التطبيقية أنشئت بإشراف منظمة طلائع البعث وتعامل معاملة المدارس الرسمية بالتعاون مع وزارة التربية في تكليف المنشطين ودعم المدرسة بالمخصصات والمواد اللازمة لتقديمها للطفل بشكل مجاني، والمدرسة التطبيقية في الحفة تعدّ مدرسة مركزية لكل المدارس الرسمية في المنطقة وتستقطب كل الأطفال الموهوبين التابعين للمنطقة خارج أوقات الدوام الرسمي وتقيم معرضاً سنوياً لأعمالهم الفنية وهو حصيلة لنتاجهم على مدار العام، ونقدم بعض الأمثلة لتجارب ومواهب كان للمدرسة الدور الأمتل في دعمهم وتشجيعهم حتى أصبحوا مشاريع فنانين لهم مكانتهم في عالم الفن وباتوا الآن يقدمون معارض فردية على سبيل المثال (أغيد زريق وشادي نصير) وهناك مواهب عالمية (لما الشور) التي فازت على مستوى العالم وغيرهم.
بقي للقول: الطفل شغوف بالخيال الخلاق والمشاهد الجميلة من حوله، والطفل الموهوب يتدفق إبداعاً ونضجاً من خلال دعم مجتمعه له وتوفير الفرص المناسبة له ليعبّر بواسطتها عن مشاعره وتعدّ المدارس والنوادي والمعاهد التي ترعى مواهب الأطفال مكاناً يضج بالحيوية والنشاط ويجمع أطفالاً يشتركون بشغفهم للفن واللون والخيال فيبادرون للتعبير عن شعورهم من خلال أنشطتهم الفنية المتنوعة، فالفن من الهوايات الراقية التي تعكس اهتمام الطفل بعالمه وتعامله بإحساس مرهف مع مفرداته الجمالية فينقلها بصدق وشفافية ويجسدها من خلال أنشطته الفنية التي لطالما كانت المرآة لخيالٍ طفولي لا ينضب.
فدوى مقوص