على طــــــــريق إعــــادة الإعمـــــار «29»الطاقة في سـورية قطاع استراتيـــــجي بامتـياز والعامل الأهـــم في تحقيق النــــمو
العدد: 9386
الأحد-14-7-2019
انشغل العالم من أقصى الشرق إلى أقصى مغرب للشمس بالهمّ البيئي لإيجاد الحلول الناجعة لمشاكل البيئة المتفاقمة وخاصة التبعات الخطيرة الناجمة عن الغازات الدفيئة المتأتية غالباً بفعل الثورة الصناعية حول العالم.
وبعد اتفاقية (كيوتو) دأب العالم على المضي بشكل دؤوب إلى البدء في تنفيذ ما اتفق عليه، حيث أصبحت هناك جهود حثيثة عبر الأبحاث والمشاريع التي تحدث فارقاً جدياً في واقع البيئة للتخلص ما أمكن من مشاكل التلوث ومشاكلها المتعاظمة.
ولعل أهم ما يتم اعتماده من حلول حديثة نسبياً هي مشاريع توليد طاقة نظيفة عبر ما يسمى اصطلاحاً بالطاقة البديلة، حيث تعتمد السبل الفعالة لتوليد الطاقة الكهربائية بدون الاعتماد على الوقود الأحفوري السبب الرئيسي لمشاكل التلوث البيئي..
اعتمدت طرق كالمحطات النووية ومحطات التوليد المعتمدة على مصادر الطاقة المتجددة والمديدة مثل طاقة الشمس والرياح والأمواج وغيرها مما تكتنزه الطبيعة من مصادر لا تنضب، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على الواقع البيئي حول العالم، وفي واقع بلدنا نحن بحاجة ماسة إلى المضي قدماً في هذا المجال الحيوي والاستراتيجي كحال دول العالم لتحقيق واقع متطور وحاسم بما يتلاءم مع طموحات بلدنا للوصول إلى الأفضل دائماً بما يليق بوطننا وشعبنا للوقوف على تعريفات الطاقة البديلة في سورية وتعريفاتها والإمكانات المتاحة في الساحل السوري لإنشاء طاقة بديلة على الصعد كافة وكيفية الاستفادة منها التقينا د. سنجار طعمة معاون المدير العام للمركز الوطني لبحوث الطاقة:
الطاقة البديلة هي الطاقة التي تتجدد مصادرها باستمرار وهي غير قابلة للنضوب وليس لها عمر افتراضي من الناحية العملية، وهي مصادر طاقة دائمة بخلاف المصادر التقليدية كالطاقة الأحفورية، التي تتصف بالنضوب بسبب الاستخدام، كما تعد الطاقات المتجددة صديقة للبيئة حتى أصبح يطلق عليها الطاقة الخضراء ومن أنواعها الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، طاقة الكتلة الحيوية.
تتمتع ســـــــورية بـ «كمــــون ريحي» صالح لإنتاج الطاقة الكهربائية يقـــــدّر بحوالي /12000/ ميــــــــــغا واط
طاقـــــة الكتلة الحيوية تشكل حوالي10-14% من كمية الطاقة المستهلكة عالمياً
كمون ريحي
وأشار إلى أن بلدنا بمستويات عالية من السطوع الشمسي على مدار العام إذ تسطع الشمس بنحو 3000 ساعة سنوياً بمعدل إشعاع شمسي عال يصل إلى 5 ك. و. ساعي لكل متر مربع بشكل يومي وذلك بشكل وسطي على مدار العام يمكن الاستفادة منها لتسخين المياه والتدفئة والتكييف (تطبيقات حرارية) أو لإنتاج الطاقة الكهربائية (تطبيقات كهربائية).
كما تتمتع سورية بـ (كمون ريحي) واقعي فعلي صالح لإنتاج الطاقة الكهربائية يقدر بحوالي /12000/ ميغا واط، ويتوفر لدى المركز بيانات عن الكمون الريحي في عدة مناطق في سورية منها الشريط الساحلي حيث تمّ تركيب برج قياس لسرعة الرياح في منطقة الحميدية جنوب طرطوس.
أما طاقة الكتلة الحيوية التي يمكن الاستفادة منها بمعالجة مخلفات النباتات والأشجار والحيوانات بعدة طرق مختلفة للحصول على الطاقة الحرارية من الحرق بمحارق خاصة أو عن طريق التخمير اللاهوائي باستخدام الهواضم الحيوية التي تنتج الغاز الحيوي وهو قابل للاحتراق ويمكن توليد الطاقة الكهربائية منه إذا كان بكميات كبيرة، ونشير إلى أنه تم تركيب عدد من هذه الهواضم في سورية وبعض منها في الساحل السوري، وهذه الهواضم رخيصة الثمن وتلبي حاجة مربي الأبقار والدواجن لمصادر الطاقة.
محطة كهروشمسية في محافظة اللاذقية
في إطار خطة عمل المركز الوطني لبحوث الطاقة في مجال نشر استخدام تطبيقات الطاقة الشمسية الكهروضوئية، فقد تم تنفيذ مجموعة من المشاريع الكهروضوئية على أسطح الأبنية الحكومية والمدارس باستطاعة إجمالية تصل إلى 1375 كيلو واط، بالإضافة إلى تنفيذ مشروع إنارة طرقية بالطاقة الشمسية بالقرب من مدخلي طرطوس (عقدة صافيتا- عقدة الشيخ سعد) على أوتوستراد حمص- طرطوس اللاذقية تضمن تركيب /236/ نظام إنارة بالطاقة الشمسية على طول حوالي/3/كم، كما تم تنفيذ /110/ عمود إنارة طرقية بالطاقة الشمسية في محافظة اللاذقية.
وخطتنا للعام 2020 تتضمن تنفيذ عدة مشاريع أهمها محطة كهروشمسية لتوليد الكهرباء باستطاعة /1/ ميغا واط في محافظة اللاذقية وكذلك مشروع تركيب عدة منظومات كهروشمسية على أسطح عدد من مدارس طرطوس باستطاعة إجمالية تبلغ 300 كيلوواط.
وهنالك تعاون علمي مع نقابة المهندسين في محافظتي اللاذقية وطرطوس من خلال إقامة دورات تدريبية تخصصية في مجال خدمات الطاقة، ومؤخراً تم توقيع اتفاقية تعاون علمي مع جامعة طرطوس.
كيفية تعاون الجهات كافة لتطبيقها اليوم
هناك فرصة حقيقة لتوفير الطاقة لدى الجهات العامة باعتبار أن معظم وزارات الدولة والجهات العامة التابعة لها لديها مبانٍ إدارية وخدمية تتوفر على سطحها مساحات يمكن الاستفادة منها بتركيب لواقط كهروضوئية لإنتاج الكهرباء بما يساهم في تغطية جزء كبير من الحمل الكهربائي داخل تلك المباني خلال ساعات الدوام الرسمي.
الطاقة عصب الحياة على الأرض
أ.د.م.علاء الدين حسام الدين، رئيس لجنة الكهرباء في فرع نقابة المهندسين باللاذقية أستاذ في جامعة المنارة، قال: تعد الطاقة عصب الحياة على الأرض ولا يمكن الاستغناء عنها بل هناك حاجة متزايدة لها، فلا يُمكن أن يحدث أي عمل دونها مهما كان بسيطاً وسهلاً، وتتمثّل الأهميّة الاقتصاديّة للوقود في كونه الركيزة الأساسية لتطور الأمم وتقدمها في قطاعات الصناعة والصحة والتعليم والمواصلات، كما أنّه يوفّر الكثير من فرص العمل، ويرفع ميزانيّة الدول والعائدات الناتجة من الإيرادات، وتُستخدم هذه الميزانيّة لدعم وتحسين البنيّة التحتيّة للدول من مدارس، وطرق، وخدمات الطوارئ وغيرها، إنّ معرفة الإنسان بأهمية وفائدة الطاقة يتطور مع تراكم تجاربه اليومية فقد اعتمد الإنسان الأول على طاقته الجسدية، وتطورت معرفته إلى استخدام طاقة المياه من خلال الآلة البخارية، وبدأ باستخدام الآلة من خلال استخدام الفحم والنفط كمصدرين للطاقة.
يزداد إنتاج الطاقة الكهربائية في أغلب دول العالم من مصادر الطاقة البديلة، وبشكل خاص من العنفات الريحية والمحطات الكهروشمسية، بالإضافة إلى الطاقة الكهربائية المنتجة من الخلايا الشمسية المركّبة على أسطح وجدران المباني، والتي تستخدم غالباً في تغذية هذه المباني، حيث أصبحت نسبة الطاقة المولدة من الطاقات البديلة تشكل أكثر من 20 % من الطاقة الكلية المنتجة في بعض الدول المتقدمة، وتخطط هذه الدول إلى زيادة الطاقة الكهربائية المولدة بواسطة الطاقات البديلة بحيث تغطي أغلب احتياجاتها من الطاقة.
في ظل الحرب التي تعاني منها البلاد منذ أكثر من ثمان سنوات انخفضت كمية الطاقة الكهربائية المتوافرة إلى أقل من 19 مليار ك.و.س بالمقارنة مع الكمية التي كانت متوافرة قبل الحرب، والبالغة 50 مليار ك.و.س، مع الأخذ بالحسبان أن كمية الطاقة التي كان مخطط إنتاجها في عام 2015 هي 63.44 مليار ك.و.س، فنسبة نمو الطلب على الطاقة قبل الحرب كانت حوالي 7% في العام (حسب المخطط المبين بالشكل)، أي أن ما كان متوافراً خلال فترة الحرب كان أقل من ثلث الكمية التي كان من المتوقع توفيرها. لذلك نحن بأمسّ الحاجة إلى إدارة الطلب على الطاقة بشكل عقلاني بحيث نحافظ على عجلة الحياة في مختلف المجالات، وتأمين الطاقة اللازمة لإعادة الإعمار مستقبلاً.
ولتحقيق ذلك لا بد من دراسة دقيقة للمشاكل التي كانت تعاني منها الشبكة الكهربائية قبل الحرب، والمشاكل التي برزت خلال الحرب، وإيجاد الحلول المناسبة لها، وتحديد الصعوبات التي سوف تواجه هذا القطاع في مرحلة إعادة الإعمار، وتقديم المقترحات لإعادة بنائه على أسس صحيحة وسليمة. ولنستعرض أهم المشكلات والتحديات التي واجهت قطاع الطاقة الكهربائية قبل الحرب وخلالها، وننطلق منها لاستعراض التحديات التي ستواجهنا خلال مرحلة إعادة الإعمار.
مشكلات وتحديات قطاع الطاقة قبل الحرب
وتابع الدكتور المهندس علاء الدين متحدثاً عن مشكلات وتحديات قطاع الطاقة قبل الحرب: أولاً- معدلات نمو سنوية مرتفعة في الطلب على الطاقة الأولية، وارتفاع التكلفة الاستثمارية.
كما ذكرنا سابقاً بلغت نسبة نمو الطلب على الطاقة 7% سنوياً، أي هناك حاجة إلى 500 MW سنوياً، ونظراً لارتفاع التكلفة الحدية الاستثمارية للـ ك وات المركب إلى 2000 دولار: منها 1300 $/KW في مجال محطات التوليد، و 400 $/KW في مجال شبكات النقل، و300 $/KW في مجال شبكات التوزيع، باعتبار أنه يلزم إضافة 500 MW سنوياً، فتكون الاعتمادات الاستثمارية اللازمة سنوياً 1 مليار دولار.
ثانياً- عدم تنوع مصادر الطاقة، والاعتماد الكلي على مادتي الفيول والغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء.
من أكبر المشاكل التي عانى منها قطاع الطاقة خلال فترة الحرب هي عدم تنوع مصادر الطاقة، ويعد تنوع مصادر الطاقة أحد أهم أركان الأمن الطاقي الذي يعني ضمان التوازن بين أشكال الطلب على الطاقة والتزود بها، ويعتمد تحقيق هذا التوازن على مصادر الطاقة المحلية المتاحة، والإمكانات التمويلية التي يمكن رصدها.
ووفق إحصائيات وزارة الكهرباء فإن حوالي 95 % من الحمل يعتمد بشكل أساسي على المحطات التي تعمل على الغاز والفيول، وقد أدى النقص في كميات الوقود إلى خفض الاستطاعة التي يمكن تشغيلها خلال الحرب إلى 2000-2800 MW بسبب توقف حوالي 35 عنفة من أصل 54 جاهزة للعمل في حال توافر الوقود، وبلغت الطاقة المنتجة خلال عام 2015 (19) مليار كيلو واط ساعي بالمقارنة مع (50) مليار كيلو واط ساعي في عام 2011، وهذا يعني عملياً ضرورة إيجاد مصادر أخرى للطاقة لا تعتمد على الغاز والفيول.
ثالثاً- عدم الفعالية الاقتصادية لاستهلاك الطاقة
تقاس الفعالية الاقتصادية لاستهلاك الطاقة عالمياً بمقدار مساهمة وحدة الطاقة في الدخل القومي للفرد، وهذه النسبة منخفضة في أغلب الدول العربية بالمقارنة مع الدول المتقدمة، أو بكثافة استهلاك الطاقة على وحدة النقد.
رابعاً- تكاليف إنتاج عالية وتعرفة كهرباء منخفضة، وارتفاع تكلفة الدعم
يشكل الدعم الكبير الذي تقدمه الحكومة (لاستهلاك الكهرباء فقط) أهم مشاكل وتحديات هذا القطاع قبل وبعد الحرب، وقد زادت كلفة إنتاج الكيلوواط الواحد بشكل كبير بعد الحرب، في حين زادت أسعار مبيع الكهرباء بشكل طفيف.
خامساً- عدم وجود هامش احتياطي في التوليد
يختلف هامش الاحتياطي المطلوب بين القدرة المركبة وذروة الحمل من دولة إلى أخرى، فأحياناً يُعطى كنسبة (10-15%) أعلى من ذروة الحمل، وأحياناً يُحسب على أساس خروج ضعفي أكبر مجموعة توليد في محطات التوليد، وفي البلدان الأوروبية لم يعد لهذا الهامش أي فائدة نتيجة تبادل الطاقة على شبكات الربط بينها، في حين لم تلعب شبكات الربط العربية أي دور يذكر في تخفيض حجم احتياطي محطات التوليد المطلوبة.
سادساً- صعوبة الاعتماد على مصادر الطاقات المتجددة.
إن كل واحد مليون طن مكافئ نفطي يعادل نحو 5 مليار ك.و.س. (الطن المكافئ النفطي هو كمية الطاقة الناتجة عن حرق 1 طن من النفط):
أ- باعتماد المزارع الريحية :هذه الـ 5 مليار ك.و.س يمكن إنتاجها من مزارع ريحية باستطاعة2000 ميغا وات تعمل 2500 ساعة/سنوياً، وستبلغ الكلفة التأسيسية في هذه الحالة 2.4 مليار يورو على أساس 1200 يورو للكيلووات المركب.
ب- وباعتماد اللواقط الشمسية: هذه الـ 5 مليار ك.و.س تُنتج من لواقط شمسية باستطاعة 2500 ميغا وات تعمل 2000 ساعة/سنوياً، وستبلغ الكلفة التأسيسية في هذه الحالة 3.7 مليار يورو على أساس 1500 يورو للكيلووات المركب.
من جهة ثانية، وبسبب عدم وثوقية محطات الطاقات المتجددة لتلبية حمل الذروة (لا يمكن الحصول على الاستطاعة المطلوبة منها بشكل دائم وبنفس القيمة لأن الأمر متعلق بالطبيعة)، فإنه من الواجب إضافة محطات حرارية تقليدية ذات استطاعة تصل إلى 80% من استطاعة محطات الطاقات المتجددة، ومن المعروف أن كلفة إقامة هذه المحطات مرتفعة، وبالتالي الدولة في الواقع غير قادرة على الاستثمار في مجال الطاقة التقليدية والطاقة المتجددة، ولابد أن يقوم القطاع الخاص وشركات طاقة أجنبية أو محلية في الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة.
التحديات التي واجهت قطاع الكهرباء خلال الحرب
أما التحدّيات التي واجهت قطاع الكهرباء خلال الحرب، أشار الدكتور المهندس علاء الدين إلى أنها تتلخّص فيما يلي:
أولاً- نقص الوقود
فقد انخفضت واردات الفيول إلى محطات التوليد إلى نحو (800-2000) طن يومياً بينما تبلغ حاجة محطات التوليد حوالي 15000 طن فيول يومياً، كما انخفضت واردات الغاز إلى محطات التوليد إلى نحو (8-12) مليون م3 يومياً بينما تبلغ الحاجة الفعلية (20) مليون م3 يومياً. وقد أدى النقص في كميات الوقود إلى:
أ- انخفاض كبير في إنتاج الطاقة الكهربائية، حيث انخفض الإجمالي من /50/ مليار ك.و.س في عام 2011 إلى نحو /24/ مليار ك.و.س في عام 2014، و/ 19/ مليار ك.و.س خلال 2015.
ب- توقف حوالي /35/ من أصل /54/ عنفة جاهزة للعمل في حال توافر الوقود اللازم لتشغيلها.
ثانياً- الاعتداءات على مكونات الشبكة الكهربائية، وصعوبة صيانة الأعطال.
فقد تعرضت المنظومة الكهربائية لاعتداءات متكررة على محطات التوليد، والتحويل، وخطوط النقل ومراكز التحويل 20/0.4 kV.
ثالثاً- العقوبات الاقتصادية على قطاع الكهرباء
فقد تعثر العديد من العقود المبرمة مع الشركات الأجنبية في مشاريع محطات توليد الكهرباء، وتوقف العديد من القروض لمشاريع كهربائية قيد التنفيذ، كما تعذر الحصول على القطع التبديلية اللازمة لصيانة بعض محطات التوليد.
ومن جهة ثانية، فقد أحجمت الشركات الأجنبية الموردة لمعظم التجهيزات الكهربائية عن المشاركة في طلبات العروض والمناقصات التي تعلنها الوزارة والجهات التابعة لها لتأمين احتياجاتها من المواد اللازمة لتأهيل الشبكات الكهربائية التي تعرضت للتخريب والاعتداء.
الخسائر المالية لقطاع الكهرباء
نتجت الخسائر المالية لقطاع الكهرباء عن عدة أسباب نذكر منها:
أ- الاعتداءات الإرهابية على المنظومة الكهربائية، والتعدي على الشبكات الكهربائية وسرقة مكوناتها (أمراس، أبراج، محولات، كابلات) وسرقة العديد من الآليات الهندسية.
ب- تعذر الجباية في المناطق الساخنة وتدني نسبة التحصيل المالي نتيجة ممارسات المجموعات الإرهابية المسلحة في بعض المناطق علماً أنه تم قطع التغذية الكهربائية عن معظم المناطق التي استطاعت وزارة الكهرباء تنفيذ القطع فيها، بالإضافة إلى استغلال البعض للأزمة في الاستجرار غير المشروع للطاقة، وهذه الصعوبات في التحصيل أدت إلى ارتفاع الديون المستحقة للقطاع على مختلف فئات المشتركين لتصل إلى حدود غير مسبوقة، مما أدى لنقصان السيولة المالية اللازمة لتشغيل قطاع الكهرباء وعرقلة تنفيذ خطط الوزارة والجهات التابعة لها.
التغيرات العشوائية في الكثافة السكانية للمناطق
أدى التهجير القسري للأهالي من المناطق الساخنة إلى تغير الكثافة السكانية والنشاط الاقتصادي في مناطق أخرى، وبالتالي ارتفاع الأحمال على مكونات الشبكة التي غالباً ما تتعرض للتلف والاحتراق ومثال على ذلك زيادة حمولة مدينة دمشق بنسبة 100 % ومدينة اللاذقية بنسبة 180 % وطرطوس بنسبة 250 % عن الحمولات السابقة، إضافةً إلى زيادة حالات الاستجرار غير المشروع في بعض الأبنية السكنية العشوائية التي يقطنها المهجرون.
استنزاف مواد المستودعات نتيجة الأعمال الإرهابية
نتيجة لاستهداف بعض هذه المستودعات بشكل مباشر، ونتيجة لعمليات الإصلاح المستمرة لمكونات المنظومة الكهربائية تم استنزاف معظم المواد والتجهيزات وقطع الغيار الموجودة في المستودعات.
تحديات الطاقة الكهـربائية في مرحلة إعادة الإعمار
أولاً- إعادة تأهيل المنظومة الكهربائية وإصلاح الأضرار
ذكرنا سابقاً أن المنظومة الكهربائية السورية قد تعرّضت بكافة مكوناتها لأضرار كبيرة نتيجة التخريب الممنهج لمحطات التوليد، والتحويل، وشبكات نقل الطاقة، بالإضافة للأضرار التي حصلت على شبكات التوزيع. وتتطلب صيانة هذه المنظومة وضع برامج تنفيذية لصيانتها عندما تسمح الظروف بذلك، ولا بد أيضاً من معالجة مشاكل الفاقد (الضياعات)، وقدم الشبكات، وأطوال الخطوط الهوائية، وإعادة بناء الشبكة وفق المعايير الفنية الصحيحة.
ثانياً- تأمين الاستثمارات لقطاع الكهرباء
* إن متوسط الكلفة الاستثمارية الحدية للكيلووات المركب في مجالات التوليد والنقل والتوزيع وللمنظومة الكهربائية السورية وبالأسعار العالمية للمواد والتجهيزات الكهربائية والتي ستزداد أسعارها عالمياً بسبب التضخم العالمي تصل إلى 2000 دولار/ كيلووات)، فالكلفة التأسيسية لتزويد المنزل الجديد بالكهرباء تبلغ تقريباً 2000 دولار لكل منزل جديد، في حين يدفع المشترك المنزلي الجديد 100 دولار فقط عند اشتراكه وتزويده بالكهرباء.
* النمو الحاد للطلب على الكهرباء في مرحلة إعادة الإعمار يجعل قطاع الكهرباء يشكل عبئاً على الاقتصاد الوطني وتحدياً جدياً للحكومة، إذا ما أُخذ بالحسبان صعوبة تأمين الاستثمارات والنفقات التشغيلية بالقطع الأجنبي سواءٌ من التمويل المحلي (الحكومي أو الخاص) أو من الاقتراض الخارجي.
توسيع وتطوير قدرة التوليد والنقل والتوزيع في المنظومة الكهربائية
وهنا لا بد من الاستفادة من تطبيقات الطاقات المتجددة لتلبية الطلب المتوقع على الكهرباء خلال فترة إعادة الإعمار وما بعدها، فقد تم وضع الخطة الاستراتيجية لاستثمار الطاقات المتجددة حتى العام 2030، تتضمن تنفيذ مشاريع استثمارية كبيرة لإنتاج الكهرباء، ولكن بسبب الحرب لم يتم التعاقد حتى الآن على إنشاء أي محطة، ويجب على الدولة أن تشجع المواطنين على توليد الطاقة بواسطة الألواح الشمسية التي تركب على أسطح وواجهات المباني، وميزة الطاقة المولدة بواسطة هذه الألواح هي إمكانية استخدامها فوراً على التوتر 0.4 kV. فتوليد1 كيلو وات منها يقابل توليد1.4 كيلو وات من محطات التوليد التقليدية عند أخذ الضياعات بالحسبان، بالإضافة إلى التخلص من مشاكل شبكات النقل والتوزيع، من جهة ثانية يجب توعية المواطنين على أهمية إعادة تدوير النفايات، وكمية الطاقة التي يتم توفيرها، فتدوير 1 طن من الورق مثلاً يوفر حوالي4 ملايين وات، وتدوير عبوة زجاج واحدة يوفر 400 وات، ويمكن أن يتم ذلك من خلال التوعية وتقديم مبالغ مادية مقابل إعادة هذه المواد.
ويتطلب تأمين الطلب على الطاقة في مرحلة إعادة الإعمار بناء محطات جديدة، ولا بد من توزيعها على مناطق مختلفة، حيث بينت الحرب أن تركيز محطات التوليد في رقعة جغرافية ضيقة (حتى ولو كانت بالقرب من أماكن الاستهلاك) سبب مشاكل كبيرة فأي تخريب على خط الغاز المغذي لهذه المحطات كان يجعلها خارج الخدمة (محطات المنطقة الجنوبية)، وفي هذه الحالة سوف تبرز مشكلتين أساسيتين:
أ- تشابك الطلب على المياه والكهرباء، فعند تحديد مكان بناء محطات الطاقة الجديدة لا بد من أخذ مشكلة تأمين الاحتياجات المائية لها بالحسبان.
ب- توفير الوقود اللازم لمحطات التوليد الجديدة.
رابعاً- تشجيع مساهمة القطاع الخاص بالاستثمار في مجالي توليد وتوزيع الكهرباء
صدرت العديد من التشريعات بخصوص مشاركة القطاع الخاص في مجال الطاقة، نذكر منها:
* صدر القانون رقم /32/ وتعليماته التنفيذية الذي سمح بالاستثمار في مجالي توليد وتوزيع الكهرباء.
* إصدار المرسوم رقم/355/ لعام 2011 وتعليماته التنفيذية الذي أحدث مؤسسة نقل الكهرباء.
* إصدار نظام منح رخص وتصاريح مزاولة أنشطة الكهرباء للمستثمرين في مجالي التوليد والتوزيع.
* إصدار نظام إبرام اتفاقيات شراء وبيع الكهرباء من مشاريع التوليد المرخصة والمصرح بها.
* إصدار نظام شراء الكهرباء المنتجة من أنظمة الطاقة المتجددة بأسعار تشجيعية.
* إصدار نظام الغرامات المالية المترتبة على مخالفات المرخص لهم.
* إنجاز كود شبكة نقل الكهرباء.
الإجراءات التي اتخذتها وزارة الكهرباء بخصوص مشاركة القطاع الخاص
* تم تأهيل شركات خاصة لإنشاء مزارع كهروريحية في منطقتي السخنة والهيجانة باستطاعة /100 ميغا وات/ لكل منها، وكذلك تم تأهيل شركات خاصة لتوسيع محطة توليد الناصرية (محطة ديزل خاصة) باستطاعة إضافية /250 ميغا وات/ ولم يجر متابعة هذه المشاريع بسبب تداعيات الحرب.
* تم الإعلان عن تعهيد واستثمار شبكات التوزيع في بعض المناطق من قبل القطاع الخاص.
* تم توقيع عدة مذكرات تفاهم لإنشاء وتشغيل محطات توليد كهربائية تعمل على المصادر التقليدية والمتجددة من قبل القطاع الخاص، كان آخرها مذكرة التفاهم مع شركة PIAG الألمانية.
* تسعى الوزارة بشكل مستمر لمراجعة وتطوير القوانين والتشريعات الناظمة لمشاركة القطاع الخاص في مجالي توليد وتوزيع الكهرباء وتعديلها كلما اقتضت الحاجة.
وبذلك يمكن القول أن البنى التشريعية اللازمة لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار والمساهمة في التنمية الاقتصادية والتوسع في استخدام الطاقات المتجددة أصبحت جاهزة.
ويجري العمل على استكمال استصدار البنى التنظيمية التي تنظم إجراءات التعاقد والتي سيجري تضمينها بقانون التشاركية العام بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص.
خامساً- تحسين كفاءة الطاقة
لاحظنا أن أهم مشاكل قطاع الطاقة قبل الحرب هي عدم الفعالية الاقتصادية لاستهلاك الطاقة، وعند بناء هذا القطاع لا بد من رفع كفاءة استخدام الطاقة من خلال مجموعة الوسائل والتقنيات المتعلقة بالمعدات والتجهيزات المستهلكة للطاقة، بحيث تؤدي إلى تخفيض استهلاك الطاقة مع الحصول على أعلى مردود وأفضل أداء، وذلك من خلال:
* إصدار شهادة التصنيف الطاقي للتجهيزات المنزلية (برادات – مكيفات – غسالات… إلخ) وفق القانون رقم /18/ الخاص بمعايير كفاءة الطاقة للتجهيزات الكهربائية وضبط جودة الإنتاج للأجهزة الكهربائية المنزلية من ناحية الأداء الطاقي (اللصاقة الطاقية).
* برامج التدقيق الطاقي على المنشآت والمصانع والمشافي… بشكل إلزامي.
* تطبيق كود العزل الحراري المعمم ببلاغ رئاسة مجلس الوزراء على الأبنية السكنية الخاصة والعامة.
كفاءة الطاقات المتجددة في التنمية المستدامة
ويبين الدكتور المهندس علاء الدين إلى أن مفهوم التنمية المستدامة ظهر نظراً للتطورات التي عرفها الاقتصاد العالمي، واستحوذ على اهتمام العالم خلال السنوات المنصرمة على مختلف الصعد، حيث أصبحت الاستدامة التنموية مدرسة فكرية عالمية تنتشر في معظم دول العالم النامي والصناعي على حد السواء.
ورغم الانتشار السريع لمفهوم التنمية المستدامة إلا أن هذا المفهوم ما زال غامضاً ويفسر بطرق مختلفة من قبل الكثير من المفكرين والعلماء… فالتنمية المستدامة هي نمط تنموي يمتاز بالعقلانية والرشد، وتقوم على تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية من جهة والمحافظة على البيئة والموارد الطبيعية من جهة أخرى مما يضمن تحقيق نوعية حياة جيدة للأجيال الحاضرة والمقبلة.
مما سبق نجد أن الطاقات المتجددة تنطوي على إمكانيات كبيرة للنهوض والارتقاء بالتنمية البشرية، ويمكن أن تسهل الطاقة من المصادر المتجددة الحصول على الطاقة النظيفة والآمنة بالنسبة للملايين من الناس، ويمكنها أن تدعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية وأن تساهم في نفس الوقت في التصدي للتحديات البيئية، وتلعب دوراً حاسماً في التصدي بنجاح لتغير المناخ، فتحقيق الطاقة المستدامة للجميع هو أمر جوهري لتحقيق الأهداف الإنمائية لأن حصول الجميع على الطاقة المستدامة سيساهم في دفع عجلة التنمية الشاملة، وقد لعبت الجامعات، ونقابة المهندسين السوريين دوراً أساسياً في صياغة التشريعات والقوانين من خلال الندوات العلمية الخاصة بمجال الطاقة، فجميع التوصيات والمقترحات المقدمة في هذه الندوات تم تقديمها للمعنيين في وزارة الكهرباء والنفط، التي بدورها قدمتها للجهات المعنية في السلطة التنفيذية والتشريعية، مما ساعد في إصدار العديد من التشريعات، ومن أبرزها القانون رقم /17/ تاريخ 4/7/2013 (قانون إحداث صندوق دعم السخان الشمسي المنزلي)، والذي يهدف إلى توعية المواطنين بأهمية الطاقات المتجددة ودورها في استدامة موارد الطاقة وحماية البيئة وترشيد استخدام موارد الطاقة التقليدية وتشجيعهم على استخدام الطاقة الشمسية في تسخين المياه لأغراض منزلية، ويقوم الصندوق بتقديم الدعم المالي لتركيب نظام طاقة شمسية لمن تنطبق عليهم شروط الدعم من المشتركين بعداد كهربائي.
النفـــــط والغــــــاز الطبيعي في ســـــورية المصـــــدران الأساســـيان للطـــــــــاقة
د. هيثم حسن: دكتوراه في الهندسة الميكانيكية – اختصاص حرارة: يعد التغيير المناخي ومحدودية موارد الطاقة الأحفورية والنووية أهم تحديات القرن الحادي والعشرين، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري نتيجة الطلب المتزايد عليه، وما ينتج عن استخدامه من انبعاثات ضارة تسبب التلوث الجوي، لذلك كان لابد من استخدام أوسع لمصادر الطاقة البديلة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والطاقة المائية، وطاقة الكتلة الحيوية، كما تعد استراتيجيات الاعتماد على الطاقات البديلة، جزءاً هاماً من السياسة العامة لتخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن استخدام الوقود الأحفوري، وعليه فإن أي تخفيض لاستهلاك الوقود الأحفوري سيقلل من هذه الانبعاثات، لذلك ستلعب مصادر الطاقات البديلة دوراً هاماً في مستقبل الطاقة العالمي.
أهم الحلول لسد الفجوة الطاقية
محلياً تبذل بالتوافق مع هذه الرؤية العالمية جهوداً وطنية حثيثة لوضع وتنفيذ استراتيجية وطنية حول استخدام الطاقات البديلة في سورية، تشارك فيها جميع الهيئات والمراكز البحثية والأكاديمية السورية بهدف توسيع استخدام الطاقات البديلة في بلدنا، حيث يشكل النفط والغاز الطبيعي في سورية المصدرين الأساسيين للطاقة، إذ يعتبر قطاع الطاقة في سورية قطاعاً استراتيجياً بامتياز فهو العامل الأهم في تحقيق معدل النمو المطلوب لتكوين الناتج المحلي لكافة قطاعات الاقتصاد السوري رغم أن الاحتياطيات النفطية السورية أخذت بالتراجع من عام لآخر، لاسيما خلال الحرب وبشكل كبير جداً، والتي أثرت وبشكل دراماتيكي على الاقتصاد السوري، وتحديداً قطاع النفط والكهرباء اللذين يعانيان من العقوبات الاقتصادية، مما سبب نقصاً حاداً في مختلف حوامل الطاقة، وبالأخص الوقود اللازم لمحطات توليد الكهرباء، بالإضافة الى الاعتداءات الإرهابية على مكونات المنظومة الطاقية (النفطية والكهربائية)، حيث قام المركز الوطني لبحوث الطاقة بدراسة توقع الطلب على الطاقة حتى عام 2030 ، بحيث يكون معدل نمو الطلب على الطاقة من عام 2021 وحتى عام 2025 حوالي 5% ومن ثم خلال الفترة من عام 2026 وحتى عام 2030 يتوقع نمو مضطرد للاقتصاد السوري بحيث من المتوقع أن يكون معدل نمو الطلب على الطاقة الأولية حوالي 7% وبالتالي يتوقع وصول الطلب عام 2030 إلى حوالي 41 مليون طن مكافئ نفطي، وعليه يكون العجز المتوقع عام 2030 مساوياً 16 مليون طن مكافئ نفطي، إذ تعتبر إقامة مشاريع الطاقات البديلة أهم الحلول المقترحة لسد الفجوة الطاقية حتى عام 2030.
عدد أيام ظهور الشمس 330 يوماً في العام
تعتبر الطاقة الشمسية أهم مصادر الطاقات البديلة، إذ يكافئ الإشعاع الشمسي السنوي الساقط على أي متر مربع من سطح الأرض محتوى 90 إلى 230 ليتر نفط من الطاقة، وقد أكدت الدراسة المستفيضة للبارمترات الشمسية في بلدنا أن عدد أيام ظهور الشمس قد تصل إلى 330 يوماً سنوياً أي أن الشمس تنحجب جزئياً أو كلياً خلال العام بكامله حوالي 30 يوماً فقط، هذا يؤكد ضرورة استخدام تطبيقات الطاقة الشمسية في سورية، كما يلائم البارمترات الشمسية في بلدنا من حيث شدة الإشعاع الشمسي الساقط والذي يعادل 1000 واط /م2 ويعتبر تسخين المياه للاستخدامات المنزلية، التي تعتمد تقليدياً في بلدنا على النفط و الكهرباء، من التطبيقات الحرارية الهامة للطاقة الشمسية، إذ تشير دراسة لمركز بحوث الطاقة في وزارة الكهرباء أن كل1000 سخان شمسي منزلي يوفر سنوياً حوالي1800 ميغاواط ساعي، أي يوفر حوالي400 طن مكافئ نفطي، لذلك تهتم الدراسات والأبحاث العلمية التي تعنى بالتطبيقات الحرارية الشمسية بشكل عام في المباني الخاصة والعامة و في قطاع الصناعة والتجارة بالاستخدامات الحرارية بحجومها المختلفة كتسخين المياه والتدفئة للحاجات الصناعية والمنزلية، إذ يمكن الاستفادة من أسطح الأبنية والمنشآت المختلفة ومن الساحات والأماكن المفتوحة للحصول على الماء الساخن لبعض المنشآت الحيوية الضخمة كالمشافي والفنادق والمدن الرياضية، كما يمكن تدفئة البرك والمسابح بشكل عام و الموجودة في المنطقة الساحلية بشكل خاص بالطاقة الشمسية، يمكن الاستفادة من الطاقة الشمسية في إنتاج الطاقة الكهربائية عن طريق تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة حرارية في محطات كهروحرارية تعتمد على تجميع أشعة الطاقة الشمسية وتركيزها، وقد لا تكون هذه المحطات ملائمة للساحل السوري لأنها تحتاج مساحات واسعة من الأراضي، وسوف تكون على حساب الأراضي الزراعية والمناطق السياحية، إذ يكون تشيدها مناسباً في المناطق الداخلية كالبادية السورية.
إنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام اللواقط الكهروضوئية
يمكن إنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية بالتحويل المباشر باستخدام اللواقط الكهروضوئية التي يمكن وضعها على واجهات الأبنية المواجهة لأشعة الشمس وكذلك يمكن الاستفادة من أسطح الأبنية، كما تشكل أسطح المنشآت الصناعية والمستودعات أماكن مناسبة لاستخدام الخلايا الكهروضوئية وقد تكون المسطحات المائية أماكن مناسبة للاستفادة منها في توليد الكهرباء بواسطة اللواقط الكهروضوئية، ويمكن تغطية مواقف السيارات باللواقط الكهروضوئية أيضاً للاستفادة منها في توليد الكهرباء، كما تعتبر طاقة الرياح أحد أنواع الطاقات المتجددة التي يمكن الاعتماد عليها مستقبلاً في سورية ضمن مكونات منابع الطاقة المتاحة، اعتماداً على بيانات الرياح المتوفرة، حيث يمكن تحديد المناطق الصالحة لإقامة مزارع ريحية، وقد تكون بعض المناطق الجبلية الساحلية ملائمة لاستخدام العنفات الريحية لوليد الكهرباء، التي يجب دراستها بعناية لتلائم البيئة الطبيعية المحيطة، حيث يمكن تحديد المناطق الصالحة لإقامة ريحية، وقد تكون بعض المناطق الجبلية الساحلية ملائمة لاستخدام العنفات الريحية لوليد الكهرباء، التي يجب دراستها بعناية لتلائم البيئة الطبيعية المحيطة.
مخلفات من صناعة استخراج زيت الزيتون وطرق الاستفادة منها
ويضيف الدكتور هيثم: كذلك تعد زراعة الزيتون من الزراعات الاقتصادية تنتشر بشكل كبير في المنطقة الساحلية، حيث ينتج عن صناعة استخراج زيت الزيتون مخلفات صلبة يمكن الاستفادة منها كوقود حيوي، وسائلة تدعى مياه الجفت يتم التخلص منها مباشرة دون معالجة، وبالتالي تشكل مصدراً خطيراً للتلوث البيئي على اليابسة والمياه، بالإضافة إلى خسارة المواد المفيدة التي تحتويها، لذلك نقوم ببحث تجريبي لمعالجتها باستخدام الطاقة الشمسية ومحاولة الحصول على وقود حيوي منها ومواد مفيدة أخرى.
نلاحظ مما سبق إنه من المهم إجراء دراسات معمقة حول طبيعة الاقتصاد السوري وقطاع الطاقة خلال المرحلة القادمة، بالتعاون مع كافة الجهات المعنية، وضرورة تنويع مصادر الطاقة في المرحلة القادمة من خلال المصادر التقليدية أو المتجددة، والتركيز على القطاع المنزلي والصناعي والتجاري خلال مرحلة إعادة الإعمار في استخدام الطاقات المتجددة، ومنح القروض الميسرة من قبل البنوك الخاصة والعامة لكافة المواطنين الراغبين في استخدام الطاقة الشمسية في منازلهم، وهذا يتطلب متابعة نشر الوعي الطاقي على مستوى الوزارات والمؤسسات وكافة شرائح المجتمع، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتحقيق السناريو الأمثل لتأمين الطلب على الطاقة في المرحلة القادمة من خلال تنفيذ إجراءات ترشيد استهلاك الطاقة ورفع كفاءة استخدامها بشكل مكثف، وتقليل الهدر.
أهم مصادر الطاقة البديلة
وفي معرض حديث الدكتور هيثم حسن قال: تعد طاقة الكتلة الحيوية من المكونات الأساسية لمصادر الطاقة العالمية، إذ تشكل حوالي10-14% من كمية الطاقة المستهلكة عالمياً، إذ توجد عدة طرق للاستفادة من طاقة الكتلة الحيوية الناتجة عن الزراعة والغابات، لذلك يعد الوقود الحيوي أحد أهم مصادر الطاقة البديلة، إذ يعتمد في إنتاجه في الأساس على تحويل الكتلة الحيوية، سواء كانت ممثلة بصورة حبوب ومحاصيل زراعية مثل الشمندر وقصب السكر لإنتاج ايتانول كحولي، أو في صورة زيوت مثل الذرة وزيت فول الصويا وزيت النخيل، من أجل إنتاج وقود ديزل حيوي، مما يعني إمكانية استخدامه في التدفئة وتشغيل المحركات وغير ذلك، وهذا ما يتم حالياَ وعلى نطاق واسع في دول كثيرة مثل الصين وأميركا والبرازيل والهند وألمانيا وغيرها، كما بدأت بعض الدول بزراعة أنواع معينة من النباتات خصيصاً لاستخدامها في مجال الوقود الحيوي منها الذرة وفول الصويا في الولايات المتحدة وأيضاً اللفت في أوروبا وقصب السكر في البرازيل، يتم من ناحية أخرى استخدام المخلفات الزراعية، وبقايا النباتات والأشجار، كوقود بشكل مباشر، أو لاستخلاص الوقود الحيوي الغازي والسائل، وتجري في هذا السياق أبحاث علمية في المراكز البحثية والجامعات السورية للاستفادة من طاقة الكتلة الحيوية في سورية، وضمن هذا المجال نقوم في جامعتنا بأبحاث للاستفادة من مخلفات الحمضيات والزيتون، حيث تعد الحمضيات والزيتون من المحاصيل الاستراتيجية التي تتميز بها المنطقة الساحلية، حيث تهدف هذه الأبحاث إلى تحويل هذا الجزء المهدور من مخلفات الحمضيات، التي تعتبر عبئاً على البيئة، إلى منتج مفيد، إذ يتم سنوياً رمي هذه المخلفات، مما يسبب مشاكل اقتصادية وبيئية، كتكلفة النقل المرتفعة، ونقص مواقع المطامر، حيث تستهلك الحمضيات بشكل طازج مباشرة، أو يتم تصنيعها لإنتاج العصائر، مما ينتج عن ذلك مخلفات ما بين قشور وبذور ولب يعادل نصف وزنها، يضاف إلى ذلك كميات الحمضيات التالفة، أثناء عمليات جني المحصول والنقل والتخزين والتسويق، أو تلك الكميات التي تتلف بسبب الطقس والعوامل الجوية، والتي نشاهدها جميعاً مرمية بجانب الطرقات وحول البساتين، فقد بينت الدراسة التي قمنا بها على مخلفات الحمضيات أنه يمكن الحصول على زيت من القشور والبذور الكحول من اللب، إذ يحتوى الزيت على مواد عضوية هامة يمكن استخدامها لأهداف متعددة ووجود مركبات هامة في الزيت المستخلص مثل اوميغا-3 وغيرها، والتي يمكن أن يكون لها تطبيقات غذائية ودوائية، وصناعية مختلفة، لذلك نقترح استخلاص هذه المركبات من الزيت المستخلص، قبل استخدامه كوقود، مما يزيد من الفائدة المرجوة منه.
توليد الكهرباء الحيوية باستخدام خلايا الوقود الميكروبية
مريم نبيل عدره طالبة ماجستير بيولوجيا بحرية: أحد مصادر الطاقة البديلة المقترحة حديثًا هو خلية الوقود (FC) التي تولد الطاقة باستخدام محفّزات المعادن عالية القيمة (في النسخة التقليدية)، وهذه الطريقة تتميز بمزايا وفيرة عن أنواع أخرى من مولدات الطاقة، مثل: عدم وجود انبعاثات للغازات الملوثة للبيئة (مثل:SOx وNOx وCO2 وCO)، وكفاءة أعلى، وعدم وجود أجزاء متحركة، ومن ثم عدم وجود تلوث صوتي، لكن التكلفة العالية أهم عيوب تلك الطريقة خلايا الوقود الميكروبية:
وتعد خلية الوقود الميكروبية (MFC) أحد أنوع خلايا الوقود (FC)، ويستخدم فيها كائن حيوي (بكتيريا) محفزاً حيوياً في حجرة الأنود اللاهوائية لإنتاج الطاقة الحيوية.
طريقة العمل
تعمل خلايا الوقود الميكروبية عن طريق السماح للبكتيريا بالقيام بتفاعلات الأكسدة والاختزال، مما يؤدي إلى أكسدة الجزيئات العضوية وتقليلها، حيث إن التنفس البكتيري هو في الأساس تفاعل أكسدة كبير يجري فيه تحريك الإلكترونات حولها، ومعلوم أنه كلما كان ثمة تحريك للإلكترونات وجدت إمكانية لتسخير حركة تلك الإلكترونات قوة كهربائية لأداء عمل مفيد.
تتكون خلية الوقود الحيوية من غرف الأنود والكاثود مفصولين بغشاء تبادل البروتونات، وتعمل الميكروبات في الأنود على أكسدة البروتونات المنتجة للوقود العضوي، والتي تمر عبر الغشاء إلى الكاثود، والإلكترونات التي تمر عبر الأنود إلى دائرة خارجية لتوليد تيار كهربي، حيث تقوم الفكرة الرئيسية هنا على جمع تلك الإلكترونيات التي تنتجها البكتيريا أثناء التنفس، واستخدامها في إنتاج التيار الكهربي.
استخدامات خلايا الوقود الميكروبية:
* توليد الطاقة الحيوية
إذ يمكن استخدام عدد متنوع من المواد المتفاعلة مع البكتيريا لتحقيق إنتاج الطاقة الحيوية، على الرغم من أن مستويات الطاقة في كل هذه الأنظمة كانت منخفضة نسبياً، ويفضل استخدامها لتطبيقات الطاقة المستدامة على المدى الطويل، مع قضايا الصحة والسلامة، حيث تستخدم محفزاً ناجحاً للقلب لو كانت الخلايا الميكروبية يمكن أن تنقل25 mW ، وأيضاً يمكنها إمداد عشرة مصابيح LED وساعة رقمية واحدة بالطاقة، وقد شغّلت كل الأجهزة بنجاح لمدة يومين.
* إنتاج الهيدروجين الحيوي.
* معالجة مياه الصرف الصحي
هناك أنواع مختلفة من مياه الصرف الصحي، مثل: النفايات الصحية، ومياه الصرف الصحي المعالجة، وحطب الذرة، وهي تحتوي على الطاقة في شكل مواد عضوية قابلة للتحلل الحيوي، وبهذا يمكن معالجة المياه والحصول على الطاقة في الوقت نفسه.
* المستشعرات الحيوية
حيث يمكن استخدام تقنية MFC مستشعراً لتحليل الملوثات، كما يمكن استخدامه جهازَ استشعار بيولوجي للأوكسجين، حيث يقيس كمية بيروكسيد الهيدروجين المنتج ونقص الأوكسجين، أو استشعار الجلوكوز عن طريق الأنزيميات.
وعموماً تواجه خلايا الوقود الميكروبية بعض المعوقات، إذ أن الطاقة التي تولدها الخلية ربما لا تكون كافية لتشغيل مستشعر أو جهاز إرسال باستمرار، وتلك هي المشكلة الرئيسية، لكن يمكن حلها بزيادة مساحة سطح الأقطاب، أو استخدام برنامج إدارة طاقة مناسب، إحدى العقبات الأخرى هي عدم قدرتها على العمل في درجات الحرارة المنخفضة للغاية، بسبب بطء التفاعلات الميكروبية في درجات الحرارة المنخفضة.
وختاماً، تعد خلايا الوقود الميكروبية واحدة من أحدث التقنيات لإنتاج الطاقة من مصادر مختلفة، بسبب قدرتها على توليد الطاقة المستدامة من ركائز مختلفة، مثل: النفايات العضوية، لهذا كُثِّفت الأبحاث في هذا المجال في السنوات القليلة الماضية لأنها إحدى الطرق الواعدة في مجال إنتاج الطاقة.
نور محمد حاتم