العدد: 9386
الأحد-14-7-2019
أقيم في المركز الثقافي الإيراني باللاذقية ندوة فكرية عن ثقافة المقاومة استطاع فيها المشاركون أن يتواشجوا مع أذهان الحضور الكثيف الذي غصّ به المكان، وأن يرتقوا بفكرهم بما قدموه من زاد ثقافي مقاوم لافت.
(الوحدة) حضرت الفعالية التي قدّمها السيد أسامة عباس مسؤول العلاقات العامة وخير ما بدأت به هذه الظهرية آيات من ذكر الله الحكيم تلاها فضيلة الشيخ مازن غزال . في مادتنا الآتية نرصد ما تضمنته هذه الندوة القيّمة والبداية مع..
– السيد حسن الحسيني /الملحق الثقافي لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية/:
لاشك أن مؤامرات التحالف الصهيو أمريكي التي تتعرض لها بلداننا كبيرة جداً، ولاشك أننا في محور المقاومة قد أثبتنا صموداً أسطورياً في مواجهة هذه المؤامرات، وبحكم تخصصنا في المجال الثقافي رغبنا في أن تتمحور الندوة حول موضوع في غاية الأهمية ألا وهو موضوع ثقافة المواجهة من الناحيتين الفكرية والأدبية، ولابد من التذكير بأنّ مشروع الهيمنة الاستعمارية الهادف إلى السيطرة على المنطقة ونهب ثرواتها ومقدراتها ليس مشروعاً جديداً، إنه نفس المشروع القديم المتجد، أعتقد أن أكثر الناس يظنون أن الحقبة الاستعمارية قد انتهت لكنها لم تنته . إنهم قذرون ولديهم برامج وخطط للتغلب على خصومهم وعندهم خيارات متعددة على الطاولة، وإذا لم ينجح الخيار الأول ينتقلون إلى النتيجة المطلوبة هذا هو عدونا .
أعتقد أنه ينبغي على المؤلفين والأدباء والباحثين أن ينظروا إلى المقاومة من وجهة نظر خاصة، متسلحين بالنظرة المعرفية وبالمكونات الجمالية، كي يتمكنوا من تحويل قصص الحرب إلى تحف أدبية ملحمية حتى تبقى خالدة عبر التاريخ .
– الدكتور زكوان العبدو /عضو الهيئة التدريسية في قسم اللغة العربية بجامعة تشرين/ لا يخفى على ذي عقل أن ما تتعرض له سورية من إرهاب إنما هو مؤامرة محكمة ضدها من قوى الإمبريالية وأعوانها . وما ذاك إلا لأنها سورية الشامخة في محور المقاومة المناهض لمشاريع الهيمنة الاستعمارية وأطماعها في المنطقة استقرأ الواقع من مفرزاته التي أنتجت هذه التباينات الثقافية المحتدمة بين ثرديتين /ثردية كبرى غربية ثقافتها الهيمنة الأحادية، وثردية مواجهة مقاومة تمنع تحقيق هذا المشروع الاستعماري، وهي متجلية بمحور المقاومة .
تحدث د . العبدو عن الكولونيالية وهي الهيمنة الاستعمارية، وعن ما بعد الكولونيالية: وهي ما بعد فترة خروج الاستعمار من البلاد المحتلة .
كما تحدث عن الاستشراق وكيف تحول من غرض علمي إلى مؤسسة امبريالية لتحقيق مآرب استعماري (الخطاب في مرحلة ما بعد الكولونيالية) وأبرز المفكرين الذين تصدوا لهذا الموضوع هو المفكر الفلسطيني العالمي (إدوار سعيد) الذي نبّه عن علاقة الاستشراق بالكيان الصهيوني وتحدث د. زكوان أيضاً عن التطبيع وماهيته وكيف أسهمت ثقافة المقاومة في تعزيز الوعي وكشف ما خفي والهدف من هذا الأمر .
– الكاتب صفوان إبراهيم /ضابط طيار/
عنوان البحث الأزمة السورية والمواجهة الثقافية، فالأزمة السورية هي محاول استعمارية لفرض السيطرة والهيمنة الغربية على مقدرات سورية الجغرافي منها كموقع يتوسط العالم، والاقتصادي كأكبر احتياطي للغاز في العالم، والسياسي كلاعب أساسي في كل ما يحدث على مستوى المنطقة والعالم .
الوهابية الهمجية
جاءت بالمرتزقة من كل أنحاء العالم لتدمير سورية مقنعة إياهم بأن القتل وتقطيع الرؤوس وأكل الأكباد جهاد في سبيل الله .
لذا يجب مواجهتهم بفكر نير سمح إسلامي محمدي يمنعهم أصلاً من المجيء إلى بلدنا بقوة المال أو غيرها، ومن الأهمية نزع فتيل هذا الفكر عن طريق المواجهة الثقافية .
والثقافة هي ذلك المركب الذي يشمل المعرفة والمعتقدات والأخلاق والقانون والأعراف والقدرات والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان باعتباره عضواً في المجتمع، أما المواجهة الثقافية فهي إبراز الثوابت الثقافية القادرة على استيعاب أي تغير حاصل في الثقافة الأصلية وتحويره لما يخدم المجتمع العام والثقافة القادرة على ذلك .
روايتي (طابقان في عدرا العمالية) هي حكاية كل مواطن سوري، وكل مدينة سورية، عدرا العمالية: مدينة صغيرة توجز كل ما يمكن أن يقال عن سورية النسيج الاجتماعي الساحر بتنوعه فرصدت هناك كل التحولات الاجتماعية في الفترة الممتدة بين مطلع الثمانينيات وبين لحظة هجوم الإرهابيين عليها، وكيف تحول أحد أبنائها من مواطن صالح طيب إلى مجرم قاتل بعد أن غسل دماغه أو بالأحرى بعد أن تم توسيخه في السعودية وإعماء بصيرته بالمال والذهب وكيف تمكن رفيق عمره من مساعدته ليستعيد وعيه، وليعود مجدداً إلى حضن الوطن فيموت على تراب عدرا العمالية شهيداً بدلاً من موته مجرماً وسفاحاً .
أما الرواية الثانية (وصايا من مشفى المجانين) فهي قصة شاب سوري عبقري تفوق دراسياً على كل زملائه بدراسة علم النفس في إحدى جامعات ألمانيا، ونال درجة (البرفسور)، وحقق شهرة عظيمة كمحاضر في أهم الجامعات الأوربية هذا الشاب ورغم كل المغريات المقدمة له رفض البقاء في ألمانيا، وأبى إلا أن يساهم في الدفاع عن بلده، فعاد إليه ليخدم في جيشه البطل، وتدور الأحداث بتواتر سريع ليجد نفسه قائداً عسكرياً لحامية (مشفى المجانين) محاصراً من قبل الإرهابيين / تضمنت الرواية صوراً حقيقية لمرارة الحصار، وفظاعة الخيانة، والسمو وعظمة الأخلاق المتواجدة لدى عناصر الجيش العربي السوري، وبسالتهم وتضحياتهم حتى لحظة فك الحصار عن المشفى وتحريره، وصورة الجيش الأسطوري أفعاله في الميدان ولسنوات عدة تتكلم عنه .
نالت هذه الرواية المركز الأول في مسابقة (حنّا مينه) للرواية العربية سارت شخصية البطل في الرواية على ذات الخطوات التي نهجها فكر الإمام الحسين (ع) من التركيز على حرمة الإنسان، ونبذ العنف، واعتماد العلم، وحل كل المشاكل عن طريق العقل والتفكير، وإطلاق الحوار مع الخصوم للبحث عن نقاط اشتراك بدلاً عن التركيز على نقاط الاختلاف وحين لم يجد آذاناً صاغية وعقولاً راقية تصّرف البطل بشجاعة ولم يفر من المعركة، وقاوم حتى النهاية، وكانت مشيئة الله بانتصار الألم والجوع والدم على السيف وعلى اليد التي تحمله فتحية إلى الجيش العربي السوري وحلفائه الذين صبروا وأيما صبر حتى استنفذت الدولة كل وسائلها الفكرية لإقناع الكثيرين بهمجية الفكر الوهابي المستخدم لتوسيع الأزمة السورية .
رفيدة يونس أحمد