الشاعرة لينا شكور … ومديد من ظــلال باحــت بما فعلته الحــرائق

العدد: 9385

11-7-2019

للبوح عشق بين ثبات وهزيمة، بين ضبابية الصمت ونقاء ضجيجه…للبوح أكوان يسترق الشمس ويخبئ ظلالها، ينثرها على زمنٍ وينتعل المسافات إليها، علّها تلاقيه أو يلاقيها!!… في أيّ هيئة وأي حبّ وأي حياة أو موت، عندها نكون نحن نرسم جلّ المدرات لأكوان غريبة أو قريبة أو قد تحمل لون الرماد في ثناياها… وبين الكلمة ومداها… 

على بساط الشغف، مدٌّ مهول لسؤال، يحمل زاده تارةً ويفرغ من كل حقيقة تارةً أخرى، على جنباته تتوازى خطوط الظلّ، تمحي بعض الملامح، وتبالغ في أخرى، لكنه في سياقه يوشم الحكاية… تلك الحكاية المكتوبة على المُقَلْ…
من مُقْلَة مفعمة بالشجن ولدت حكاية تحمل عبير البوح، أحالت تتابع الشمس إلى بنفسجة من ظلال ارتسمت على سطور من وله السؤال، وخبّأتْ كل الأمكنة على ريشة انسابت تراقص الرؤى، كل الرؤى في بوحها المعتاد …

 

( حرائق الظل) هو الديوان الشعري الأول للشاعرة والمربية الفاضلة لينا شكور، من القطع المتوسط، صادر عن دار العوام للطباعة والنشر في السويداء، يضمّ بين جنباته الـ 140صفحة 56 قصيدة شعرية، الديوان يحوي خمسة أقسام هي: نهر يرتدُّ إلى طفولة الغيم (9) نصوص -صلصال كأنه بريق المهود ( 7 ) نصوص – جهات تتهجى خرائط الريح ( 9) نصوص – تراتيل الرماد في مواقد الحنين ( 13) نصاً- رماد الأسئلة المؤجلة (13) نصاً، قام بتصميم الغلاف الفنان جبران هداية، 

وقدّم له في دراسة تحليلية، استنباطية شفافة، الأديب الناقد محمد علوط من المغرب العربي، هذا الديوان مجموعة من الأغاني التحمت مع العديد والعديد من الحكايا، قلبت بعض الموازين إلى صحوة وقت ليلها، وأحالت غفوة وقت صباح، بدّلَتْ جلّ التواقيت والدروب، هذا البوح الشعري هو تنهيدة عميقة وأقرب إلى شجن موسيقي عتيق …في هدأة الوهج الحرائقي، فسحة نقلب صفحات ما تركه من ظلال…
لينا شكور وهي غنية عن التعريف بحضورها الفكري والإنساني الأنيق، سورية حاصلة على دبلوم دراسات عليا بالأدب الانكليزي اختصاص أدبيات عامة، مارست مهنة التدريس وحالياً تقوم بتدريس دورات خاصة باللغة الانكليزية.
لكن للشعر معها قصة بدأت لينا شكور تكتب الشعر وتمزق حروفه في السماء، إلى أن حطت رحال الكلمات موطنها على الورق ومن ثمّ في ديوان شعري من مشهد لغته ترتحل عبر زمن الأسطورة وإنسانها، ومن عقل فلسفته الغائرة في الوجدان، ولدت ظلال من حرائق أشعلت مديداً من استفهام مازال يدور بيننا، لمْ يغادر بعد … لكننا سنغادره على بساط الشوق نضيف للسؤال سؤال !؟
*- متى تتأنّقْ الكلمة بأبهى حلّتها لتتسطّر على طقس شعري ؟
– تتأنق الكلمة في الشعر حين تكون صورة وهي الجسر الذي يحمل عمقاً ودقة في نقل الرؤية والرؤيا .
* – الشعر غناء الفكر، يحاول أن يعانق الروح بصدقٍ وشفافية.. متى تزول المسافات بينهما؟
– الشعر إبداع.. ولا إبداع من دون فكر.
* – (حرائق الظل) هو الإصدار الشعري الأول لك، كيف اصطفت القصائد عندك وأنتجت رداءها الأول؟
– يعيش الشعر خارج إطار الزمن، حين كنت أكتب لم تكن فكرة النشر موجودة.
*- قدّم لهذا الديوان الناقد الأديب محمد علوط من المغرب، كيف غادرت الكلمة إليه دون جواز سفر، وماذا حملت ضمن حقائبها ؟
– العالم الآن ساحة مفتوحة بسبب وجود وسائل التواصل المختلفة وخاصة الفيس بوك. الشاعر والناقد محمد علوط صديق من المغرب قرأ نصوصي وأعجب بها وباختلافها وقام بكتابة المقدمة .
* – تقولين في القصيدة الأولى من الديوان (في مرآتك) ..
الشعر محراب نُسكٍ صلاة الخمر
وأنا على شفاه الحروف
*- الشعر من البداية ، ما نوع أجنحته التي سافرت وستسافر إلى النهاية؟
– كلما زادت قوة المخيلة تزداد أجنحة الشعر قوة، وللكلمة فضاءات الفكر ومساحاته، وليس له بداية ولا نهاية.
* – في قصيدة (أشلاء) صفحة (22) تقولين : لا أعداء لي سوى من تركتهم يكبرون
تحت قفصي الصدري.
*- جانب القفص الصدري وبين الأضلع، حياة، من هم ساكنوها؟ ومن هم المغادرون؟
– بين الأضلع يسكن الأحبة، ويغادرها من يضيق بهم المكان.
*- للزمن في قصيدة (نصف قرن من الحنين) صفحة (26) تقولين فيها :
زمنٌ ينعتقُ من ورقة تقويم
تتدلى منها أرقامٌ لا أعنيها ولا تعنيني
غريبة أنا.
*- مسافات الزمن، متى تَطول ومتى تَقصُر؟ ومتى نستطيع أن نقبض عليه؟
نحن نعيش محصورين في الزمان والمكان، لكن الشعر (والفن) نوع من العالم الباطني قوته تنافس «في لحظة جنون يغدو الكون ملكك».
*- وما زال الحب يمرّ ويمرُّ أمامنا ولم نقتنِه، ما الخطبُ؟! وهل سيظلُّ يَختبئ خلف طيفه؟
– وكيف لنا أن نقتني الحب؟ الحب عطاء وليس اقتناء، قرأت تعريفاً أعجبني للحب يقول إن الحب يشبه الماء.. لا لون له لكنه يأخذ شكل الإناء الذي يوضع فيه.
*- في قصيدة (شجرة الأسئلة) وفي صفحة (92) تقولين :
« البرد لا يأتي من النافذة
أجمع الريح من جميع الجهات
أضفرها أخيلة ».
*- وهذه الروح التي تُثلجُ دهراً متى يحين لها أن تغادر من النافذة إلى الأبد؟
– عندما ترى هذه النافذة…لا نوافذ تستطيع أن تمنع حركة الروح الحرة.
*- صفحة (114) وفي قصيدة ( الإغواء الأخير للحروف) تقولين :
« أُتقن الرقص على خطوات انكيدو
كلما ارتفعت قدمك عن الأرض نبتت مكانها حكاية».
*- حكاية وحكايات وملاحم نبتت على عدّ السنين، برأيك جلُّ المعنى في أي حكاية؟
– في حكاية الإنسان هناك ارتباط وثيق بين الأسطورة والإنسان لمن يريد أن يفهم الحكاية.
* – في الورقة الأخيرة والقصيدة (ورقة أخيرة من دفتر رقمي)، صفحة (132) تقولين :
تتدفق الصور من صنبور صغير
والزمن على الجدار لوحةٌ بلا إطار.
*- متى تجهز الصورة بإطارها ؟
– المواعيد خارج إطار الحاضر…ومن منا يملك معرفة المستقبل ؟
*- في القصيدة الأخيرة والتي هي بعنوان ( بلا عنوان) تقولين :
الحرب امرأة السلام رجل الخطيئة امرأة الجسد رجل
كلما ضاقت روحي ثَقَبْتُها.
*- وهذه الروح المثقوبة من كل زواياها وفي كل خلاياها.. متى تدمل جراحها وتنكفئ؟
– يعتمد ذلك على نسيج الروح وعلى طبيعة الجرح وأسبابه وعمقه.
*- (أغنية مُرتجلة) تقولينها في صفحة (61) :
للحبر مواسم قبل أن يختمر
ويصبح جمراً.
*- متى يتحقق الحلم ويصير الحبر جمراً…وتتوهج الكلمة، تدفئ أجسادنا المرتشعة؟
– يصير الحبر جمراً حين يصبح القلب مجمراً.
*- ابتدأنا مع القصيدة الأولى ونختم معها من صفحة (15)عندما تقولين :
وأنا ما زلت أُدحرجُ
كرة الأسئلة على درجِ الورق
*- في زمن بدلاً من أن يجيب على الأسئلة صار هو السؤال، كم بقيَ من الأسئلة المُدحرجة، وتُرى ما هي عناوينها؟
– الإنسان علامة استفهام كبيرة تمشي على قدمين وكل سؤال يقود إلى المزيد من الأسئلة.
*- في ( هوامش ونسيانات) في مقدمة القصيدة تقولين :
« صديقي هاملت لا تحزن
فلكل منّا ملك مطعون غدراً ».
*- يقول شكسبير : « شق طريقك بابتسامتك، خيرٌ لك من أن تشقّها بسيفك»
*- هل هذا ممكن في العالم الإنساني الموغل في الوحشية ؟ وماهي أداة الابتسامة تجاه بطش السيف ؟
– الابتسامة لغة تخاطب المشاعر الإنسانية وهي مفتاح العلاقات الاجتماعية لذلك ينصح علماء النفس بالابتعاد عن حوارات الهواتف والرسائل لأن المواجهة الشخصية وتعابير الوجه تخففان كثيراً من حدة النقاش.
*- تقولين: الحرب تضع أوزارها.. في الحرب تجف النساء..
*الحرب معطى ثابت في التاريخ الإنساني، والحرب جنون بشري متى تخلع عنها رداءها الشرس وتتشح بالسلام؟
– الحرب والسلام.. قطبان لا يلتقيان تتوقف الحروب حين يتوقف جنون تجارها.

سلمى حلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار