الوحدة : 22-10-2024
(ما أكثرني مزدحمة بنفسي) هو من جملة كلام جميل للأديبة أنيسة عبود في ردها لسؤال (أي الوجوه هي الأقرب إليك) في محطة تلفازية، وكانت قد أشارت إليه الأديبة أمل حورية – وذكرت جملة وتفصيلاً سيرتها الأديبة وأعمالها الشعرية والقصصية والجوائز التي حصدتها – عند تقديمها لندوة حول المجموعة الشعرية الجديدة (أحبك بتوقيت قلبي) للأديبة عبود والتي شارك فيها كل من السادة:
الدكتور عيسى درويش، الذي أشار إلى أن دراسته للمجموعة ليست بالنقد الحديث، وبدأ بعنوان المجموعة من القلب (إلى الذي لا يغادر القصيدة)، وعلى هامش دراسته قال: تناولت هذا الديوان من الناحية الفنية والوجدانية وإلى ذاته التي تعالج وطننا السوري الذي صادفته هذه الأزمة والحقبة العشرية السوداء بالعدوان علينا مما ترتب على أي شاعر تجاه وطنه أن يتصدّى إلى كتابة ما يبوح به وجدانه من انفعالات حول المعاناة في ظل الظروف التي نراها، سواء ظروف الحرب التي عانينا منها أو ظروف الحروب التي تشن علينا الآن، والشاعرة أنيسة لها مقدرة كبيرة لغوية وفنية وهي ذات تاريخ عظيم في الأدب والشعر، استطاعت أن تغوص لتحرير القصيدة وبنائها الفني وتوظيف التراث التاريخي بما يتعلق بالأساطير والميثولوجيا وتوظيف الشعر العربي في قصائدها كشعراء التراث الكبار.. ديوان الأديبة أنيسة عبود ديوان عميق الدلالة وغني جداً، وهو أفضل الدواوين التي قرأتها خلال خمس سنوات ماضية.
الدكتورة لطيفة برهوم – جامعة تشرين: تناولت في محور دراستها الصوت والصدى في ديوان الشاعرة أنيسة عبود (أحبك بتوقيت قلبي)، وقد شرحت وفصلت في الكثير من القصائد التي ضمها الديوان، ومن جملة ما قالت: يمثل عنوان الديوان شاعرية أنيسة ورغبتها في اكتشاف الوجوه، حيث أطلقت لخيالها العنان بصوتها الدافئ.. والصدى الجميل في الديوان فهو التراث الحاضر، والمتنوع في تكوين البنية النصية مع لغة منفتحة على معبد اللغة الحافل بلغتها الخاصة في الفعل الإنساني وخلق الوجود، وأشارت الدكتورة لطيفة إلى البنية الفنية عند الشاعرة والخلفيات الثقافية التي استقت بها، وبعدها الفني وتعدد مصادرها لتقف على التراث الأدبي فتقول: تستوقفنا أصوات شعراء وتجارب تراثية استخدمتها الشاعرة مثل المتنبي وأبي فراس الحمداني وليلى العفيفة وغيرهم، واستعرضت بعض القصائد في هذا الجانب.
الدكتورة ليلى المغرقوني – جامعة تشرين جاءت في عنوان بحثها على نغمة الحزن، لتفتحه بقول قديم: (القلب الكبير يخبئ كنوزاً ) فكيف إذا كان قلب شاعرة تفرح عند حزنها بالتغني به وجعله رفيقاً ملازماً، وأشارت إلى ألوان الحزن في المجموعة منها الناضج ومنها الرومانسي لتقف على الحزن الناضج وقفة طويلة، وجاءت على قصيدة (سجال) في تشخيص الحزن وتجسيده:
أقفل /حسابك أيها الحزين/ وفعل حساباً آخر يشبه امرأة /لا تجرؤ أن تعطيك رقمها السري/ ولا أن تصرخ بأنك /هو ذاته/ الذي كانت القرنفلات تبحث /عنه/ وعنه.
وخلصت بقولها: نقف بمجموعة (أحبك بتوفيت قلبي) أمام شاعرة رومانسية معذبة، فردية حزينة حزناً ناضجاً يستدعيه التفرد في تلقي الواقع – الإحساس المازوشي بالشقاء يجعل الشاعرة تستلذ برفقة الحزن، وتحتمي به في كثير من المواضع – إمكانية ترويض الحزن في عالم أنيسة عبود عبر الاحتماء بالجذور والحب والإله وغيرها من صنوف لتحقيق التوازن للذات – يختلف الحزن عند أنيسة عبود عن غيرها من الشعراء، مثلاً فهي لا تصل معه إلى درجة اليأس بل إنها في كل قصيدة تحاول أن تنتزع أملاً في مستقبل أيامها.
في اختتام الندوة أطلت الأديبة أنيسة عبود ببعض العبارات التي جاءت فيها على الترحيب والشكر للسادة الدكاترة المشاركين بدراستهم للديوان فقالت: حقيقة وأنا أستمع إلى القراءات، وددت أن تطول وأحملها معي لأقرأها بهدوء وصمت أكثر، وهي التي دخلت إلى قلبي وذاكرتي، وقد وصلت إلى التماهي مع بعض الأفكار التي وصلت بها ولامست أعماقها ووصلت إلى القصيدة.. لهم عطرهم ووجودهم فقد أغنتني هذه القراءات، ربما اختلفت معهم في بعض التأويلات لكن قد أستفيد منها في كتابات قادمة.
كما قدّم السادة الحضور من رجال فكر وعلم وأدب ومهتمين بعض الملاحظات والآراء التي جاءت بقراءات إعجاب.
هدى سلوم