الوحدة : 16-10-2024
يبدو أننا وصلنا إلى عنق الزجاجة فيما يخصّ واقع النقل، على أقل تقدير وما نراه في محافظتين ساحليتين، تحملتا أعباء لا طائل لها خلال ما يقارب عقدٍ ونيّف، حيث كان لا بُد من تدارك نتائج هذه الأحمال وخاصّة من جهة محروقات النقل والمواد التي تدخل في صلب الإقامة الطويلة للكثير من الضيوف والوافدين، ومؤخراً للأشقاء الهاربين من موت الحروب.
بالعودة إلى واقع النقل بالمُجمل، كل حين يصدر تصريح بأن الأمور ستعود إلى وضعها الطبيعي، وأن العائق المتمثّل بال GPS تم حلّه والأوضاع في طريقها للاستقامة، حينها ننال باللاشعور الجرعة المهدّئة والتفاؤل لوقت قصير، ثم تعود الاختناقات لتتراكم من جديد داخل الكراجات وعلى مفارق القُرى وكذلك داخل المدينة، وهنا يبدأ صُراخ المواطن وأيضاً صاحب الآلية الذي أنهكه الوضع (على حدّ زعمه)، لأنه صاحب عائلة وأرزاقه توقّفت. أمّا من تتحرّك آليته منهم بين حين وآخر ويتقاضى من الرُّكاب أضعافاً مع الامتنان، يحلف بجميع المقدّسات أنه اشترى بيدون المازوت ب ٥٠٠ ألف ل. س كي يُنقذ هذه الجماهير، وبالتالي نعود لنستذكر عظمة الباص الأخضر البطل الحقيقي لهذه المرحلة بلا منازع، فقد ظهر بأنه السند الأوحد عند الملمّات، فكم من الرؤوس المُحبّة تجتمع ضمن كيانه الآمن بامتنان، وحتى لو كانت أحضان الجالسين مقاعد.
باختصار .. نحن ضمن دائرة واسعة مخضّبة بالحروب والأزمات وكذلك العقوبات، من الطبيعي أن تكون هناك معوقات وشلل على مستوى المنطقة، لكن من الطبيعي جداً تسهيل الأحوال العامّة، كالحدّ من ساعات الدوام وأيامه وتنفيذ يوم عطلة آخر كما كان يُشاع .. ليس عيباً أن نخفّف من الحركة التي تخصّ مؤسسات الدولة وتوجيهها لخدمة الناس، هذه المبادئ تعيش عليها جميع الدول التي تتأثّر بالاضطرابات والأزمات، وشيء جيد أن يقوم سائق سيارة خاصّة بنجدة بعض المنتظرين، خاصّة عندما تكون أرقامها حكومية، حتّى لو كان سائقها مديراً ؟!.
فلما لا يخرج أحد العارفين بهذا الأمر المضطرب، يضع الجميع ضمن تفاصيل المعضلة، فقصّة النقل كوجع منذ مدّة، واليوم بدأت ساعات التقنين بالتقلّص، والمواطن ليس غبياً، يستشعر بألم بلده كما أنه يصيب جسده.. وهذا الوضع يدعونا لتقليد الماضي قليلاً، عندما انتشر وباء (الكورونا)، حينها ترنّحت جميع المجتمعات، ونحن منها، فأُقفلت المؤسسات والمدارس وانتشر حظرٌ عظيم على الجميع لحين انقشاع الوضع، ونحن الآن أشبه بتلك الأوقات، التخفيف من الأعباء مبدأ طبيعي ويناسب الجميع، مع بعض الاستثناءات لمن يكدّون طوال النهار لتحصيل مصروف إضافي على رواتب مريضة.. لكنهم كُثُر.
سليمان حسين