أطفال يرسمون ويلونون بروحٍ باذخة الطهر الفنانة التشكيلية ميادة حمدان: الفن هو مورد الحب والنـور

العدد: 9384

10-7-2019

 

من ألق أناملهم يحولون الورقة البسيطة إلى رحلة نحو التميز والإبداع، هم براعم على موعد مع التعلم والمتعة للانطلاق عبر مسارات مختلفة وهاهم يبدؤون بأولى خطوات التغيير في حياتهم، عقولهم منابع للإبداع عبر أجواء من الفرح والتشويق والتخيل الممتع. أطفال يرسمون بخيالاتهم فيبدعون، ويشكلون لوحة تحاكي عوالمَ الطفولة، يجمعون سنابل الفن، ويفردونها بأناقة ضمن مرسم شامل يعطي للأطفال مساحة واسعة للوحاتهم التي يرسمونها بحسهم الفني الطفولي المرهف.. إنه مرسم الفنانة التشكيلية ميادة أحمد حمدان التي تلتقط تفاصيل الجمال في عالم الأطفال، لتعكسها إحساساً في عملهم الإبداعي وتجسدها في لوحاتهم من خلال أيديهم التي تخط أحاسيسهم ومشاعرهم، وريشتهم التي تتعدى كونها أداة للتلوين، إلى أداة تعكس حماسهم لنقل تفاصيل الجمال في العالم من حولنا، وهي بذلك تسعى لتنهض بدورها في الارتقاء بالمستوى الجمالي لطلبتها، وفي حديث معها – لجريدة الوحدة – حول المرسم ونشاطاته وحول موهبة الرسم وأهميتها للأطفال أفادتنا الفنانة حمدان بالإجابات الآتية:

* بداية حبذا لو تعطينا لمحة عن بطاقتك الفنية؟
ميادة أحمد حمدان، مدرسة في جامعة تشرين، قسم الاقتصاد المنزلي، درست في معهد إعداد المدرسين والآن أتفرغ لصالح المسرح المدرسي، الفن بالنسبة لي هو حكايتي وعشقي منذ الطفولة، أول مشاركة لي كانت في عمر ست سنوات ضمن برنامج الهواة الصغار على شاشة التلفاز وكانت مشاركة أسبوعية، وبعمر 16 سنة شاركت بمعرض سنوي لفناني اللاذقية، ولي مشاركات في عدد من المحافظات منها دمشق وتحديداً في المراكز الثقافية بـ (أبو رمانة، الثقافي الروسي، الثقافي الفرنسي) وشاركت مع الإدارة السياسية بصالة البعث ولي عدة مشاركات من خلال أعمالي الفنية في أوروبا كإسبانيا وألمانيا.
وعن فكرة المرسم وكيفية التعامل مع الأطفال قالت الفنانة حمدان: المرسم هو احتضان لموهبة كل طفل يحب الفن، وجو المرسم يتيح للأطفال تنمية الحس الجمالي لديهم وتنمية قدراتهم الخيالية, من خلال النقاش معهم عن بعض الثقافات الفنية، أعلمهم ثقافة التخيل فهي من أكثر الأشياء الهامة لتعليم الطفل الرسم، وكذلك وجوده في جو مريح وهادئ والتعامل باللين معه، فهذه الأشياء هي التي تجعل الطفل يرسم ويبدع ويعبر عن مشاعره وأحاسيسه وأنا أوفر مساحة لكل طفل للتعبير عما يريد ترجمته من خلال ألوانه ولوحاته، ولاشك هناك العديد من الأطفال ممن لديهم مواهب كثيرة ويحتاجون لمن يكتشفها وينميها.
أحب الفن والتعامل مع الطفل (المخلوق النقي)وقد تميز مرسمي بتأهيل عدد كبير منهم وكذلك من طلاب العمارة في مسابقة القبول بالكلية.

 

 

 

وعن المواهب المميزة التي ترى فيهم خامات فنية لها شأن في المستقبل والمشاركات التي قامت بها مع الأطفال في مرسمها قالت الفنانة حمدان: نحن نعمل في جو من العطاء المتبادل، إنهم أطفال لا يرسمون بيدهم وإنما بروحهم وقلمهم الذي يمثل أحد مجسات روحهم التي تخط أحاسيسهم ومشاعرهم، أطفال يحملون بين ضلوعهم العشق للفن ويرسمون بثغر باسم وقلب نقي وروح دافئة، وقد تميز طلابي بمشاركتهم بالرسم الجماعي وتخيلاتهم وحبهم للفن وعلاقة الحب المتبادل بيني وبين الأطفال وتوجيههم كفيل لوصولهم نحو تحقيق ذاتهم في الفن التشكيلي وحصيلة تدريبي كانت ممتازة إذ حقق بعض طلابي النجاح في الريادة على مستوى القطر مثل الطالبة ماسا زريق، والبعض نجح في مسابقات المركز بحصولهم على المركز الأول مثل الفنانة سالي رضوان ومريم وليث وغيرهم.
وعن تجربتها مع الفريق التطوعي للأطفال في اللاذقية قالت: إنها تجربة جميلة وكان دوري فيها من خلال لجنة التحكيم لرواد طلائع البعث ونشاطات متعددة وكذلك تدريب الأطفال على النهوض بشكل صحيح في عالم الفن التشكيلي للوصول إلى هدفهم وعمل ورشات رسم على الجدران ومواقف الباصات، وكانت خربشات الأطفال البسيطة ليس لها حدود في الإبداع، وكل ذلك يهدف إلى تبادل الخبرات والارتقاء بالعمل الفني الطليعي وترسيخ روح التعاون والعمل الجماعي، فالأطفال يعبرون عن الأشياء بصوره صادقة وحس شفاف ومن الجميل ولادة جيل بعد جيل لتزدهر الحركة الفنية بالعطاء الفني، وهذا ما يخلق نوعاً من المنافسة بين الأطفال التي تحفزهم أكثر وتشجعهم للمثابرة بالرسم أو أي موهبة أخرى، فالطفل يحب الظهور والثناء في أي عمل يقوم به والأهم أن تكون المنافسة شريفة.
وعن أهمية الفن بشكل عام والرسم بشكل خاص وتأثيره على الأطفال قالت: الرسم من الهوايات الجميلة التي تعكس اهتمام الطفل بعالمه وتعامله بإحساس مرهف مع مفرداته الجمالية فيتحدث بلغة الألوان عن مشاعره ويخط بريشته مفاهيمه العفوية التي تعبر بصدق وشفافية عن محيطه ومجتمعه، والرسم كذلك من أهم الأنشطة الإبداعية التي توفر للطفل والمراهق مساحة خاصة للتعلم وإبراز مواهبه وهو طريقة للتعبير عن مشاعره سواء أكانت سلبية أو إيجابية، وهو مصدر من مصادر السعادة والفرح في الحياة.
وعن مقترحاتها لتفعيل الاهتمام بالمواهب على شتى أنواعها، وخاصة الرسم قالت: يكون الاهتمام فعالاً عندما نسعى بجدية لإقامة ندوات توعية للأهل وتحسين الطريقة والكيفية في التعامل مع الموهوب، فالطفل يحتاج للتحفيز وسماع الثناء، والبحث له عن مراكز تدريبية تنمي مواهبه وتهتم بالفعل بتنمية المهارات لديه، فالرسم بالنسبة للطفل لغة ونوع من التعبير عن ذاته أكثر من كونه وسيلة لخلق شيء جميل على الورقة وليس بالضرورة أن يكون الهدف من جذب الطفل للرسم والتلوين أن يصبح فناناً تشكيلياً أو رساماً محترفاً في المستقبل، لكننا بذلك نرسخ لديه الفكرة بأن موهبة الرسم تعدّ أساساً متيناً ومهماً لمهن وحرف كثيرة.
بقي للقول: إن الاهتمام بالأطفال ورعايتهم هو نوع من التقدير لذاتهم والتكريم لقدراتهم التي تعدّ مصدر فخر للأهل والمجتمع بكل ما يثبتون من تميز وإبداع مما يجعلنا ننتظر الكثير والكثير من أطفالنا، ولكي يبقى التألق والعمل الجاد العنوان الأفضل لجهود رسمية وأهلية تسعى باستمرار لاستثمار السنوات الأولى من حياة الطفل، فإننا نؤكد على أهمية هذا النوع من الرعاية المميزة له والتي لا تعمل على تعبئة صفحات دفاتره بالمعلومات والمهارات فقط بل تعمل على تنمية قدرات عقلية كامنة لديه وتؤكد حقه بالحياة وأهمية وجوده في بيئة سليمة تعمل على رعايته والاهتمام به وكل ذلك بأسلوب يعتمد على الجذب والتشويق والترفيه ويختزل في طياته الكثير من العطاءات لكل طفل ليستحق وبجدارة أن يكون أحد أفراد جيل الغد الواعد في بلدنا الحبيب سورية.

فدوى مقوص

تصفح المزيد..
آخر الأخبار