الحاجة لا ترحم والقناعة ثروتنا

العــــدد 9283
الأحــــــــــد 3 -2-2019

حكايات الشارع لا تنتهي، والوجع يستيقظ كل يوم يتسلل بلا رحمة، ظروف الحرب دمرت المستقبل، غلاء الأسعار ومتطلبات المعيشة دفعت بالناس للبحث عن مصدر آخر للدخل حتى لا يمدون يد الحاجة، والعم أبو أحمد عبد القادر حداد واحد من الرجال الذين عملوا حتى سن التقاعد في مصب النفط ليجد نفسه على الرصيف أمام سيارة السوزوكي يبيع بعض احتياجات المنزل البسيطة بربح بسيط ليؤمن دواءه، العمر والمرض لم يغفران له ليكون مرتاحاً يكفي نفسه وعائلته، أربع عشرة عاماً هنا على هذه الزاوية حفر عليها أوجاع البرد وآلامه، روماتيزم وارتفاع الضغط والسكري الذي حرم أبو أحمد من وضوح الرؤية ومع ذكر الله وطلب الرحمة

يقول: هذا الرصيف يعيش أوجاعي وآلامي وأنا هنا من تاريخ تقاعدي لم يكن الراتب قادراً على تغطية نفقات عائلتي ومرضي الذي يكلفني ثمن الدواء بالشهر أكثر من أربعين ألف ليرة سورية ونحن الفقراء والله (ما كافينا) غير الرضا والرحمة، وبغصة يقول: مستورة يا بنتي، تعود الناس على وجودي كل يوم من الثامنة صباحاً حتى الساعة الثانية ظهراً، أبيع أدوات منزلية خفيفة والناس تقصدني لأنني أبيع بسعر الجملة، ربح قليل والمكاسب ناس وحبايب وأصدقاء وفي النهاية السترة وحفظ الآخرة هي أحلامنا، الله يفرجها على البلد (وين كنا ووين صرنا)
حلمنا السترة وأملنا يرجع الأمن والأمان ويتحسن وضع المعيشة للموظفين، رواتب المتقاعدين لا تكفي لآلامهم وأوجاعهم، الشتاء على الرصيف قاس وبارد، في الأيام القاسية لا أستطيع العمل، أبقى في البيت حتى مرور العاصفة والرزق على الله
وبالصيف الشمس حارقة ولكن الحاجة لا ترحم، علاقتي بالشارع علاقة حسنة وطيبة مع كل الناس من وأنا أرمي سلامي على كل المارة وكثيراً ما أبيع ناس أكثر حاجة مني من دون مال، ولكن لن أترك العمل حتى يأخذ الله أمانته، خير من أن أمد يدي للتسول، ونحن الفقراء صامدون بالإيمان والقناعة واحترام الناس، هذه ثروتنا.

زينة هاشم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار