صــــــــــــــدى

العدد: 9383

الثلاثاء9-7-2019

 

كُلّما رآها أسرعَ في البحث عن ثقب إبرة، ليُدْخِلَ فيه خيطاً ينسج منه ثوباً من التبريرات الخارقة، لجمالها الذّي تبخّر ماؤه، فيبس وانكسر، ولم تعد تنفع معه قِطَع التبديل ولا التّلوين أو التّلميع، فاستعجلتها الأمراض وهاجمها الذّبُول والنُّحول، لكنها مازالت تَجِدُ في نفسها قواماً لا ينحني، مثل جبلٍ قمّته تتدفق مياهاً تنعش وتضيء!
في لحظة ما، التقيا وجهاً لوجه، فراح يصفها بالبحر الذّي لا يشيخُ أبداً، فقالت نعم، ولكنْ لا أسماك عندي، فأعشابي يبست وأنت بلا أعشابٍ حتّى تيبس، وبلا مكان حتى أقول فيك ما يجب أن أقول، أنت مجرّد حالمٍ يبحث عن حُلُم رَسَمْتَهُ في وجهي يوماً، أَزِحْ رسومك عنِّي، وخذ ألوانك وارحلْ.
تجدّدَ الأمل فيه أكثر من أيِّ وقتٍ مضى، ليتوسَّل مستنجداً بذاكرته تارةً، وتارةً بما بقي لديه من عُمْرٍ يستمتع فيهما بشرب قهوته الصّباحيّة معها على شرفةٍ فارغة، تُطِلُّ عليها شجرةٌ لا تتوقَّفُ أغصانها عن الخفقان، وكأنّها طائرٌ يبدأ بالطيران، لكنَّه بقي كمسافرٍ حيّرته الدّرُوب!
افترقا إلى وجهتين مختلفتين، وبقي التّوسُّل صدىً يدور مع عقارب ساعةٍ ولا يتوقّف.

سمير عوض

تصفح المزيد..
آخر الأخبار