هويـّة بدل ضائع

العدد: 9383

الثلاثاء9-7-2019

 

انتهت الامتحانات باختصاصاتها وفروعها كافّة، وبدأت العطلة الصّيفية بأجوائها البحرية والجبلية، وبدأ زوّار البحر التوافد إليه.. ازدحامٌ وصخبٌ، فرحٌ ولهوٌ، تسوّقٌ وترفيه… مشهدٌ عاود اللاذقية وأهلها بعد أن نفض أهلها وزائروها عنهم غبار التّعب ومآسي سنيّ الحرب وتناسوا آلامها، ضمّدوا جراحاتهم وسكّنوا أوجاعهم، تعافت نفوسٌ أعياها الفقد والرّحيل، فأقبلوا على الحياة بعد أن هجرتهم وتخلّت عنهم أيّامها وأفراحها ومسرّاتها.. لكن أين المشهد الثقافي من كلّ ما سبق؟ ألا يستحقّ هؤلاء وأبناءهم وسواهم التّمتع بأجواء ثقافية تعيدهم إلى كنَفها ؟ ألا يجدر بالقائمين على الثّقافة وأهل بيتها إعداد مهرجاناتٍ وفعالياتٍ ونشاطاتٍ تعيد الحياة إلى نسغها فتورق بأسماء كبيرة أو مواهب تخطّ أولى خطواتها فتأخذ بيدها وتطلقها إلى عوالم الأدب والثّقافة والشّهرة؟ أهوَ جفافٌ ثقافيٌّ أصاب بعض مفاصلها، فعالياتٌ بالكاد تهطل بالقطّارة، أنشطةٌ غائبةٌ أو مُغيّبةٌ. 

لمَ لا ينعم أطفالنا بمسرح عرائس في الهواء الطّلق على مدار أيّام العطلة الصّيفية؟ ولمَ لا ننعم وإيّاهم بسينما الهواء الطّلق مع عروضٍ هادفةٍ تعليميةٍ أو ترفيهيةٍ مسلّية، حفلاتٍ موسيقية راقصة، أقلّه في الحدائق والسّاحات العامّة أو حتّى باحات المدارس الخاوية في الأحياء إلا من بعض النّشاطات الفردية لأبناء الحيّ إنْ وجدت؟ ألا يحقّ لمدينتنا أنْ تصبح مدينة الحياة الثقافية، تستعيد أمجادها وأيّام عزّها؟ عروساً تختال بحلّتها وتزدان لأهلها وضيوفها! ولَكَم رغبنا وأبناءها وزوّارها أن يستيقظ مهرجانها الأقرب إلى قلوبنا جميعاً، مهرجان المحبّة، وتسري الدّماء في أوصاله وعروقه النّائمة، فنستعيد وإيّاهم ذكرياتٍ خلت مازالت تعبُر في خيالاتنا وتحفر عميقاً في تراث المدينة وتاريخها الأصيل، فكان هويّة المدينة سنواتٍ وسنوات، لكنّها ضاعت ولابدّ من إيجاد بدلٍ من ضائعٍ لها أو البحث عنها ذاتها. أمنياتٌ نطلِقها لتحلّق في سماء اللاذقية علّها تجد آذاناً تصغي تنفَذ من خلالها إلى أرض الواقع، لا أنْ تبقى مجرّد فقاعاتٍ تطير في الهواء تطارد الغيوم وتعانق آفاق السّحاب.

ريم جبيلي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار