الوحدة:8-9-2024
تعسيلة نهارية مُريحة، لاستمالة أصحاب القلوب الطيّبة، اعتاد عليها ذلك الشاب المتشرّد، تقدّم له رزقاً وفيراً من حيث لا يحتسب، جانبه سلاحه الذي يقهر الناظرين، عكّازان (قد) يكونا بريئين من أفعاله، فهذا الاستلقاء يقدّم عناوين مجهولة لفئات عديدة.
بالعموم، هذا الشاب يمتلك بنية جسمانية لا يمتلكها الأصحاء، وقد يخوننا الشكل العام له فنقع ضمن دائرة الظلم.. لكن يكفي أنه يأخذ الرصيف مكاناً ملائماً لحريته، جانب ذلك المحل التجاري المتواضع وصاحبه المتقاعد، يبدو أنه وجد أماناً مُطلقاً جانب ذلك الرجل السبعيني الوقور المعلم العتيق الذي اكتسح رأسه المشيب، فهو من تليق به (قُم للمعلم وفّه التبجيلا) لأن زمانه لن يتكرّر وقد كان معلّم مدرسة فقط، جلس جانب تلك الجثّة هارباً من حرارة المكان، يتأمل المارّين، يقرأ نظراتهم التي تُخفي الكثير من التعابير حول هذا النائم، فمنهم من يضع جانبه ورقة مالية، ومنهم من يتفاعل مع إشارات يدوية لا توحي بالرضى.. وهنا يُطلق المدرّس نظرة حسابية على ثمن الباكيت التي تلازم هذا الشاب (نوع ١٩٧٠ – ١٢ ألف ل.س)، إلى جانب فنجان من القهوة، وجيب منفوخ على جانبه المخفي تدلّت من أطرافه أرقام كبيرة من المال السهل.. لنبدأ مجدّداً البحث عن الصيغ الكفيلة بإبعاد هذه المشاهد المؤذية للغير، وننتهي عند جملة لإحدى النساء المارّات من هناك: لديه من المال أكثر ما بمنزلنا من مصروف؟!
سليمان حسين