القطـــــــربية … قـــــرية منسيـّة غــــدت حقـــــوقها أحـــــلاماً !

العدد: 9382

الاثنين8-7-2019

 

 

ما بين حدود اليقظة والحلم يتمرد الجمال من قمقمه السحري صارخاً في وجوه البشر أن يدعوه وشأنه، مادامت كل محاولاتهم لإبرازه تبوء بالفشل، وكل أعمالهم لإحيائه وإظهاره تتكلل بالقبح وتشوه في طبيعته وذاته ومضمونه.

وهذا هو حال قرية القطريبة، هذه القرية الجبلية الغنية بسحرها وجمالها الطبيعي والواقعة إلى جنوب مدينة القرداحة حيث يأس أهلها من مطالبة واستجداء المسؤولين في المحافظة والمعنيين في تقديم الخدمات ومناشدتهم بأن قريتهم أيضاً من هذا الوطن قدمت ما عليها وتنتظرهم أن يقوموا بمسؤولياتهم تجاهها حتى بحّ صوتهم إذ لا إذناً تُصغي لهم ولا عيناً ترف لمطالبهم ولا يداً تمتد لتسمح أوجاعهم.
الأستاذ هيثم سلهب من أبناء القرية تحدث لنا بلسان أغلب سكان قريته قائلاً: ما زالت القطربية في دوائر الدولة مزرعة تتبع لقرية القرامة علماً أنها أكبر منها مساحة وسكاناً وقد قمنا بالعديد من المحاولات لتغيير تسميتها من مزرعة إلى قرية حيث تتوفر كل الشروط لذلك ويتجاوز عدد سكانها الـ 592 نسمة تبعد عن القرداحة مسافة 7كم وعن جبلة 17كم.

اقتلعـــــوا الأشجــــار
ولم ينفذوا المنطـــــقة الصناعية!

أقـــــــرب مدرســــــــة ثانــــــــوية تبعـــــــد عن القــــــرية مســـــــافة 4 كم

بنى تحتية غائبة

وأضاف: لا يوجد فيها من البنى التحتية أو الخدمات سوى مدرسة ابتدائية ويعاني أبناؤنا الأمرين أثناء ذهابهم وإيابهم إلى المدراس الثانوية حيث أن أقرب ثانوية لنا تبعد عن القرية مسافة 4كم يقطعها أبناؤنا سيراً على الأقدام تحت وطأة كل الظروف صيفاً شتاءً لعدم وجود مواصلات من وإلى القرية.

 

على عكس جــــاراتها..
محرومة من القـــــروض التنـــــموية

حرمان من القروض التنموية

وتابع قائلاً: قريتنا من أكثر القرى فقراً ومعظم أبنائها في الجيش العربي السوري والبقية منهم يعملون في الزراعة أو تربية الأبقار ومنهم من افتتح مشاريع صغيرة مثل تنور أو المحلات التجارية الصغيرة لتحسين وضعهم المعاشي والجميع يطالبون بإعطائهم قروض التنمية الريفية للمشاريع الصغيرة والتي تعطى في القرى المجاورة ومنها قرية القرامة التي تتبع لها إلا إنهم دائماً يجيبون بكلمة: إن قريتنا محرومة من هذه القروض دون معرفة السبب أو حتى إدراك المعيار الذي يتم اختيار القرى لإعطائها هذه القروض التنموية التي تساعد الأسر على العمل وعلى تحسين وضعها الاقتصادي ويتساءلون دائماً ما المانع من إعطائهم ما دامت تُعطى في القرى المجاورة أيضاً من ناحية الزراعة فالزيتون والتبغ هما الموسمان الوحيدان التي تنجح زراعتهما في القرية ورغم ذلك لا نلقى اهتماماً بأشجار الزيتون من قبل المعنيين بالزراعة كذلك التبغ الذي عاد الناس لزراعته بكثرة في ظل هذه الظروف القاسية فقد حاولوا في العام الماضي الحصول على التراخيص لزراعته ولكنهم قوبلوا بالرفض رغم إنه الموسم الوحيد الذي يعمل على تحسين الوضع المعيشي للناس ولذلك نرجو فتح باب الترخيص لمن يحب ترخيص أرضه لزراعة التبغ حتى تكون زراعته قانونية وشرعية وتعود بالنفع على المزارع والدولة معاً كذلك أشار إلى مشكلة التحديد والتحرير الذي يعاني منها عدد من أبناء القرية وهو أحدهم قائلاً يوجد في القرية عقار تفوق مساحته الـ 80 دونماً مشجر بالزيتون منذ أكثر من 40 عاماً وتوارثناه عن آبائنا ولكن لجان المساحة وأثناء عملية الطابو سجلوه أملاك حراجية رغم وجود أشجار الزيتون فيه والآن نحن الذين رُبينا على شعار الأرض لمن يعمل بها نتعرض دائماً للتهديد من مبنى الشروح بإزالة أشجار الزيتون واقتلاعها من هذا العقار.

طـــــــرق ســــــيئة
وبالنسبة لبقية الخدمات قال سلهب: بالنسبة للطرق فبعض الطرق الواصلة إلى القرية جيدة نوعاً ما والبعض الآخر أسوأ من السيء مثل الطريق الذي يصل القطربية بمدينة جبلة عبر قرية عرمتي فهي سيئة ومحفرة وعشرات الأمتار منها بدون غطاء زفتي بالإضافة إلى الطريق الرئيسي المار في وسط القرية الممتلئ بالحفر الكبيرة فقد قام أهل القرية بالتعاون فيما بينهم عندما لم يلمسوا أي استجابة لصيانة طرقاتهم بردم هذه الحفر وصبها بالإسمنت وإزالة الأعشاب عن جوانبها في أماكن أخرى تلافياً لوقوع أي حادث ورغم ذلك فالقرية بحاجة ماسة للاهتمام بقطاع الطرق منها فمثلاً طريق عين الربيع الذي يخدم أكثر من 15 منزلاً وعليه أيضاً ثلاث أسر شهداء مشقوق دون تعبيد رغم إن المطالبات فيه منذ عام 2004 وطوله لا يتجاوز الـ 650 متراً وطريق آخر طوله 200 متر أيضاً يخدم عوائل شهداء واقعه سيء ويحتاج للتعبيد أيضاً الطريق من مغارة السيدة مريم العذراء إلى مزرعة كفلوزين محفرة وسيئة للغاية وبحاجة ماسة للصيانة كذلك القرية بحاجة لشق طريق زراعي بطول 500 متر وتخدم أكثر من 100 دونم زيتون تبدأ من جانب السيدة العذراء إلى مرشة الجريشة.
أيضاً يعاني نصف القرية العلوي من مشكلة عدم وصول المياه إلى منازلهم بسبب الاعتداءات المتكررة على الخط الرئيسي من قبل القرى المجاورة حيث تخدم القرية بالمياه من وحدة ريف جبلة.
السيد ركان فاضل قال: المشكلة الأهم والأكبر التي تعاني منها قرية القطربية تكمن في انعدام الصرف الصحي تماماً من القرية حيث لم ينفذ فيها أي مشروع والجميع يعتمدون على الجور الفنية الخاصة، وهذا ما يؤدي إلى تلوث الآبار الارتوازية المتعددة في القرية وقد قدمنا الكثير من الطلبات للبلدية و للخدمات الفنية بهذا الخصوص علماً إن مسافة 1.5كم من الصرف تخدم القرية بالكامل نأمل أن يُصغى لطلبنا عبر منبر الوحدة الكريم.

خيـــــــبة أمــــــل

السيد علي فاضل قال: في البداية عندما قالوا بأنهم سيبنون منطقة صناعية مجاورة لقريتنا استبشرنا خيراً وقلنا فيها كل الخير والخلاص لكل ما نعانيه من إهمال وقلة خدمات في القرية إلا إنهم إلى الآن ومنذ خمس سنوات لم ينفذوا شيئاً في المنطقة الصناعية التي تتبع لبلدية دبروتان جبلة سوى اقتلاع أشجار الزيتون وتسوية جزء صغير من مساحتها الكبيرة والبالغة 270 دونماً حيث خسرت القرية فيها أكثر من 100 دونم مشجرة بالزيتون دون أن يعوضوا للأهالي أي شيء حتى هذا الوقت مقابل أراضيهم وأشجارهم بل العمل متوقف فيها منذ فترة طويلة وعندما نتساءل يقولون إنهم ما زالوا في مرحلة تهيئة وتجهيز الموقع وأنا كمواطن عادي أكثر ما تأذيت منها حيث كنت من أكثر من عشر سنوات أعمل على تنفيذ مشروعي الخاص هو إقامة مدجنة في أرض مجاورة للقرية ومحايدة تماماً وقمت لذلك بكل الإجراءات المطلوبة وأنفقت على بنائها كل ما جنيته أنا وأولادي طيلة حياتنا حيث قمت باستئجار دونمين ملاصقين لأرضي من الزراعة وهي أملاك سليخ ولا يمكن استصلاحها لإقامة المشروع عليها وبنيت المدجنة بعد أن امنت الموافقة من وزارة الزراعة وإدارة أملاك الدولة في دمشق وأخذت كافة الموافقات من بلدية اللاذقية ومديرية البيئة والصحة و… وقمت بعمل عقد استثمار لبناء المدجنة وقعه آنذاك مدير الزراعة ولكن مديرية التخطيط الإقليمي في اللاذقية أوقفت المشروع بحجة تنفيذ المنطقة الصناعية وإن نصف المزرعة أملاك دولة ونصفها الآخر ملك شخصي وإلى الآن مشروعي واقف ولم يسمحوا لي بإكماله وحاله كحال المنطقة الموعودة نأمل أن ينظر المعنيون لوضعنا والسماح لنا بالعمل في ظل هذه الظروف الصعبة علماً إنها في مكان جانبي لا يؤثر على أي عمل في المنطقة.
السيد يعقوب سلهب طرح مشكلة اجتماعية خاصة به ويعاني منها أيضاً الكثير من أبناء الريف ذوي الحالة الاقتصادية المتردية وقال: زوجتي أم لستة شباب يخدمون بالجيش العربي السوري وقد تعرض اثنان منهم لإصابات بليغة أثناء مشاركتهما في المعارك ضد الإرهاب، وقد تعرضت للكثير من الضغوط أثناء هذه الفترة نتيجة خوفها على أبنائها مما أدى إلى تردي حالتها الصحية حيث فقدت قدرتها على الحركة تماماً وعلاجها يتطلب أدوية بشكل كبير ودائم يفوق قدرة العائلة نتيجة الظروف القاسية على الجميع، والمنطقة تخلو من الجمعيات التي تقدم مثل هذه المساعدات ولذلك نتمنى أن يوجد مجال للمساعدة الصحية وثمن الأدوية عبر جمعية البستان الخيرية التي تساعد من ذوي الشهداء والجرحى.

ع التنّـــــــور…

أيضاً التقينا خلال جولتنا مع السيدة أم نورس وهي من النساء اللواتي مازلن إلى الآن يخبزن على التنور، ويعتمدن على أنفسهن في إعالة أسرهن وقالت: بقيت أعمل إلى الآن على التنور لمحاربة ظروف الحياة القاسية وبعد قريتنا عن الأفران في القرداحة أو جبلة وعدم توفر وسائل سير نستطيع من خلالها تأمين حاجتنا اليومية من الخبز ولكن تحول هذا العمل من عمل منزلي إلى عمل شعبي أحبه كل أبناء القرية وشجعني عليه بالإضافة لارتياد القرية الكثير من السياح الذين يزورون القرية ومقام السيدة مريم العذراء عليها السلام رغم صعوبة العمل فيه صيفاً وشتاء فالجميع أحبوا طعامنا ويطالبوني بالأكلات الشعبية القديمة إلى جانب خبز التنور مثل فطائر السلق والسبانخ والمحمرات.
مساكب..
أيضاً قالت السيدة أم جمال بأنها تعتمد على إقامة مساكب ومشاتل صغيرة للخضار كالبندورة والفليفلة والباذنجان وبيعها لأبناء القرية والقرى المجاورة للمساعدة في تحسين معيشة أسرتها.
يا عمي يا (بو شحادة)
السيد أبو شحادة أيضاً من أبناء القطربية يزيد عمره عن ال٦٥ عاماً يعتمد في معيشته أيضاً على صناعة صواني القش والقفر والمكانس البلدية القديمة رغم قلة الطلب عليها بعد انتشار الأدوات البلاستيكية الجديدة حيث يزوره البعض من أبناء القرى المجاورة الذين يحبون هذه الأعمال اليدوية البسيطة ويشترونها منه بالإضافة لبعض الزوار من محافظات أخرى للقرية وقال: نحن أهل هذه القرية أغلب أبنائنا في الجيش والقوات الرديفة ونعمل كل ما بوسعنا لنربي أبناءهم كما ربيناهم على اللقمة الحلال ليكونوا أوفياء لوطنهم، أشداء على أعدائهم كما آباؤهم وأجدادهم.

 

مغارة السيدة العذراء؟
في جولة لصحيفة (الوحدة) في قرية القطربية كان لا بد في البداية من المرور بالمغارة الشهيرة في القرية والتي يطلق عليها مغارة السيدة العذراء، وهي عبارة عن مغارة حجرية موغلة في القدم يزيد عمرها حسب الروايات عن 1960 عاماً وتعتبر من أقدم الأماكن المأهولة بالمنطقة رغم غياب أي دور لدائرة الآثار تدل على الأقل على بمعرفتها بموقع المغارة التي تقع وسط صخرة عملاقة في أسفل الوادي المؤدي إلى قرية القطربية وتتزين بأشجار السنديان المعمرة والضخمة ومنها ما ينمو من قلب الصخر.
وحسب روايات الأهالي المتوارثة عن أجدادهم فإن هذه المغارة المقدسة هي المكان الذي مكثت فيه السيدة العذراء عليها السلام أثناء مرورها بالمنطقة وتبشيرها بالديانة المسيحية في الساحل السوري ويقع إلى جانب المغارة نبع ماء ينبع من جوف الصخر وتتجمع مياهه في بركة صغيرة وتمتاز بالصفاء والعذوبة وتعتبر المغارة مزاراً للناس يأتون من مختلف الأماكن ومختلف الانتماءات ونجد بداخلها القرآن إلى جانب الإنجيل والبخور مشتعلاً بجوار الشموع.

أزمة مواصلات
السيدة لينا فاضل مديرة المدرسة الابتدائية قالت: مدرسة القرية مدرسة نموذجية ولكننا نعاني فقط من مشكلة السير فقريتنا مقطوعة تماماً من وسائل المواصلات ويعتمد الغالبية من أهلها على الدراجات النارية للذهاب إلى دوامهم وقضاء حاجاتهم حيث تتأخر المعلمات صباحاً نتيجة لهذا السبب وخاصة إن كل المعلمات من ريف جبلة.
كما أشارت إلى حاجة المدرسة الماسة لاستبدال الخزانات المهترئة ووضع مظلة قرميد تقي الطلاب حر الصيف ومطر الشتاء.
السيد ياسر ديب أمين الفرقة الحزبية قال: نعمل يداً واحدة مع أهل القرية والبلدية بكل طاقتنا لتخديم القرية وقال عملنا في البداية لفصل قرية القطربية عن قرية القرامة وتسميتها قرية بدل مزرعة وتسمية مختار لها حيث كل الشروط مناسبة والغاية من ذلك أن يكون تقديم الخدمات أسهل وأفضل وأيسر وأضاف: من الناحية الخدمية ومنذ تشكلت فرقة مرح موسى والتي تضم قرى القرامة والمرح والقطربية لم يُقدم للقرية ولا خدمة رغم كل المتطلبات حتى طرق الشهداء لم تعبد رغم إننا رفعنا مطالبهم مراراً عديدة، ونؤكد على حاجة القرية الماسة لصيانة طرقها الفرعية والرئيسية والزراعية وتعبيدها ومساعدة البلدية ورفدها بإعانة لتنفيذ مشروع الصرف الصحي في القطربية للحاجة الماسة له.
إمكانات ضعيفة
حملنا ما في جعبتنا من هموم أهل القرية والتقينا السيد فواز الشندي رئيس بلدية دير حنا والذي أجاب قائلاً:
تُبعت قرية القطربية لبلدية دير حنا في العام 2012 مع عدة قرى أخرى مجاورة،
علماً أنها قبل هذا التاريخ لم تكن تُتبع لأي بلدية ولم تقدم فيها أية خدمات، ونحن نعمل جاهدين على تحسين مستوى الخدمات فيها أسوة بالقرى الأخرى التي تتبع للبلدية ولولا الظروف الاقتصادية والحرب القاسية التي تمر بها البلاد التي انعكست على قدرة البلديات الخدمية وإمكانياتها المادية.
ورغم أنه لا يخفى على أحد إمكانيات البلدية المتاحة ضعيفة فقد تم رفع العديد من الطلبات لشركة الصرف الصحي لتخديم القرية كما تم رفع الطلبات للخدمات الفنية لصيانة وتعبيد طرق القرية وقد قامت الخدمات الفنية بدراسة مشروع تعبيد الطرق الخاصة بذوي الشهداء ولكن إلى الآن لم يتم رصد أي مبلغ لتنفيذه بالإضافة إلى المطالبات الشفهية المتتالية للمحافظة والخدمات وعبر المؤتمرات والاجتماعات وأكد الشندي: جميعنا نشعر بمعاناة أهل القرية ولدينا حافز كبير لتخديمهم في حال توفرت الإمكانيات وحسب إمكانياتنا نقوم حالياً بتخديمهم بترحيل القمامة بشكل دوري ومنتظم وبناء على توجيهات البلدية قام الأهالي بتقديم معروض وكتب خطية بشأن جميع هذه الخدمات ونحن بدورنا سنقوم برفعها لكل الجهات المعنية مؤكداً إنه يتمنى تقديم كل الخدمات بالمستوى اللائق والمطلوب لكن محدودية الامكانات تمنع من ذلك.
وعن موازنة البلدية المستقلة أجابنا الشندي بأنه تم رصد ثلاثة ملايين ليرة سورية كموازنة مستقلة لصيانة الصرف الصحي ضمن قطاع البلدية وقد تم إعلان المناقصة بهذا الخصوص وسيتم العمل بالصيانة خلال أيام معدودة قريبة.
وأخيراً: هذا حال قرية القطربية وحال الخدمات المتردي فيها نتمنى إيلاءها الاهتمام الذي تستحقه والعمل على تحسين الخدمات فيها عبر إعطاء البلدية الموازنة المطلوبة لتنفيذ الخدمات فيها.

ســـــناء ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار