العدد: 9381
الأحد-7-7-2019
غابتان حزينتان في الجزء الشمالي ( 900-1560 م) فوق سطح البحر، لم يعد الشوح شوحاً، يتساءل القيمون في مديرية زراعة اللاذقية على محمية الشوح والأرز فيما إذا تغيّرت تركيبة الغطاء النباتي عن تلك النسب التي سبق لحظها في توزع الأنواع الشجرية (52،5% شوحاً، 28،2% عذراً، 12،6% سندياناً لبنانياً، 6،10% أنواع أخرى).
يشيد معاون رئيس دائرة الحراج في زراعة اللاذقية بغابة الأرز اللبناني (إنّها أجمل غاباتنا)، ويتحسّر على أنّها لم تعد تشكّل سلالة نقية في تجمعات السفح الشرقي من جبل متّى (أصبحت تختلط بفضل منجل الحطّاب مع أنواع خشبية هجينة أخرى)، ويضيف: قد تضيع إلى الأبد!
عجز الأرز الطبيعي عن توالد نفسه تلقائياً يهدده بقطع نسله تدريجياً على المدى الطويل، تتطفل عليه أشجار العذري المحبّة للضوء من صنوبر وبلوط وشرد وسنديان لبناني، في مدى غير معلوم قد تتحول غابة الأرز اللبناني الأصلية الأيجية إلى عريضة الأوراق الثانوية ويضيع النظام البيئي للأبد مع جميع التبعات السلبية المترتبة عن تدهور الشروط البيئية المحليّة وتبدل التنوع الحيوي الغني ومصادره الوراثية.
في غابة الأرز اللبناني كل الإجراءات المتاحة مباحة وجوباً وليس جوازاً لحمايتها وترميمها بما في ذلك الحاجة الماسّة للبحث العلمي.
يثق العاملون في مديرية الزراعة بالأبحاث الأكاديمية ويوجّهون من منبر جريدة الوحدة دعوى للأساتذة الجامعيين لتوجيه أبحاث طلابهم نحو دراسة مشكلة التجدد الطبيعي للأرز في المحمية، لكن أولئك (وعلى عاتقي أنا كاتبة هذا المقال) أقول: إنه لم يخطر على بالهم ولا بال طلابهم مثل هكذا بحث!
محمية الأرز والشوح مساحتها 1350 هكتاراً أعلنت بالقرار رقم 19/ت تاريخ 22/6/1996 وكما الفرنلق عمل بها على إنجاح مشروع صيانة التنوع الحيوي وإدارة المحميات المعروف بمشروع الأرز والشوح الذي تعثر بعد أربع سنوات على انطلاقته الأولى من 2000-2004 بتمويل من مرفق البيئة العالمي CEF «مشروع الأرز والشوح» عن طريق البنك الدولي ونفذته وزارة الإدارة المحلية بالتعاون الكامل مع وزارة الزراعة بمساهمة فنية من شركة ARCA الاستشارية من إيطاليا و SPAN من هولندا.
الوضع مختلف هنا عن محمية الفرنلق فقد خسرتها الحرب مكونات قدمت لها في السلم (فلا بد من إعادة تأهيل، فريق العمل، تحديث قواعد البيانات القائمة، تجديد المسوحات البيئية، والاستعانة بخبراء محليين ودوليين) تقول رئيس دائرة التنوع الحيوي وإدارة المحميات م. سماهر ريّا: حيث إن فريق العمل الحالي لن يتمكن من التعامل مع متطلبات الصيانة ما لم يبدأ بتأهيله وتضيف (يبرز عامل النجاح في صنع علاقات طيبة مع المجتمع الأهلي)، فعمليات القطع الجائر وإزالة التعديات أدّت إلى اضطراب بيئي محلي، ويبقى الحذر قائماً لدى التفكير بإقامة أماكن للسياحة البيئية داخل المحمية ومشروطاً بعدم إلحاق أي ضرر بالأنواع النباتية والحيوانية.
ولم يتمكن فريق عمل محمية الشوح والأرز من مراقبة ظاهرة هجرة الطيور في السنين الأخيرة فترة وجود المجموعات الإرهابية المسلحة في محيط المحمية، نجم عن ذلك تأخر ببرامج المسوحات البيئية وتبعات أخرى تتعلق بالسياحة.
يحب الأرز الضوء وعليه تبنى الاستراتيجية القادمة في زراعة غراس الأرز في مواقع عريضات الأوراق ذات التغطية ( 30-40%) ومنع الرعي في مواقع الأرز، وينبغي تخفيف الظل التدريجي لعريضات الأوراق أثناء الترميم الحراجي من أجل تخفيف كثافة هذه النباتات وصولاً لإزالتها كليّاً بعد 15 عاماً من الزراعة.
والقضية مختلفة كليّاً بالنسبة لأشجار الشوح التي يمكن زراعتها مباشرة ومن دون تخفيف ظل الأشجار، ولا ينصح بزراعة غراس الشوح في المواقع المتدهورة المجرّدة من الغطاء النباتي ويفضل حماية المواقع من أجل إعادة غطاء النباتات.