عينك على السنديان العذري في «الفرنلق»

العدد: 9381

 الأحد-7-7-2019

 

 

من محاسن الصدف أن خسائر الحرب أكسبت مفاتن الطبيعة، بقيت محمية الفرنلق عذراء لم يفض بكارة سنديانها العذري إلاّ بعض التعدّيات التي اضمحلت إلى حدودها الدنيا على الأقل في لب المحمية المكّون لنواتها البيئية التي تراقبها الإدارة من بعيد، وتركّزت الأضرار في أعمال تخريبية للبنى التحتية وحرائق في الأطراف البعيدة عن المركز من الجهتين الشمالية والجنوبية.
ومصائب قوم لدى المحمية فوائد عندما قطعت (الرجل) فوق دروبها الضيقة فأبعدت شر المصائد والمناجل عن حياتها فتطورت بيئياً ونما غطاؤها النباتي وتكاثرت حيواناتها واستوطنت طيورها.
(نراقب المحمية من بعيد، وجدنا خلال جولاتنا تطوراً بيئياً ملحوظاً في لبها وقد اكتست غطاء نباتياً كثيفاً وشهدت استقراراً إحيائياً واضحاً) يقول مدير محمية الفرنلق المهندس سومر مريم معلناً ارتياحه الواضح عمّا رصدته جولات المراقبة في النواة البيئية لتخف الحالة مع الابتعاد رويداً إلى الأطراف القصية التي نالت نصيبها من حرائق مجنونة قضت على الحياة فيها تقريباً.
من 1500 هكتار عام 1999 وتحديداً في 18/5 يوم إعلان وزارة الزراعة محمية الفرنلق محمية طبيعية إلى 5360 هكتاراً كان التوسع الجديد عام 2005 وبقيت المساحة على حالها إلى يومنا هذا.
أسست المحمية والعيون تشخص نحو بقعة السنديان شبه العذري الموجودة على ارتفاع منخفض في حالة فريدة تكسر القاعدة العامة لنمو هذا الفصيل وتوضعه في منحدرات منخفضة لا تزيد عن 600 م وهو الأشم في مرتفعات تفوق عن 1100 م.
على الوتر الحساس تنقر أصابع وزارتي البيئة والزراعة في مشاركة المجتمع الأهلي بهدف صرف أبناء الريف عن المحمية وإشغالهم بمشاريع ريعية نفّذ منها اثنان أولهما لتجميع وتصنيع وتسويق الحليب في قريتي القنطرة والمزرعة ومزرعتهما، وأسست من خلال المشروع الثاني وحدة كونسروة لتعبئة وحفظ وتغليف وتسويق المنتجات النباتية لقريتي الدرّة وعطره.
نجح كلا المشروعين وذاع صيتهما، وأخذت مديرية زراعة اللاذقية على عاتقها تسويق المنتج الفلاّحي طيلة سبع سنوات ( 2005-2012) عمل تراكمي توالدت به فرص عمله وخبرة تقليدية في صناعة مشتقات الحليب وصناعة المربيات والعصائر المجففة والمخللات، فازداد الطلب على المنتج النباتي الطبيعي، وتوافدت أعداد كبيرة من الزوار على منطقة المحمية وحققت، ما وراء المشروعين غايتهما بوقف استنزاف الموارد الطبيعية، ونشأ ما يعرف بالكشك البيئي الذي حمل رسالة طبيعة مررها العاملون فيه إلى زبائنهم علاوة على ضرب عدّة عصافير بحجر واحدة، منتج طبيعي وسعر مناسب، تسويق، فك قبضة التجّار عن المنتجات الطبيعية ومسكها بيد المجتمع المحلّي، كنز جبلي درّة في عمق الجبل، بعض ساكنيه ما زال غير مدرك لقيمته، فلا تبتعد مناشيرهم ومصائدهم كثيراً عن دغلاته وحيواناته، ليس عبثاً إنما في معظم الأحيان حاجة لم يبددها كما هو مرجو هذان المشروعان.
(UNDP) مع مديرية زراعة اللاذقية وضعتا ثقليهما لدعم نظرية التداوي بالأعشاب انتصاراً لأكثر من 60 نباتاً طبيّاً ينتجه أكبر مصنع للنباتات العطرية في محمية الفرنلق ويجري تسويقها بالتوازي مع تغيير الثقافة الاستهلاكية (فما يعتقده البعض من أنّ الرجوع إلى استعمال الطبيعة في معالجة الأمراض، إنّما هو ضرب من التخلّف) يبرر القائمون على مشروع حفظ التنوع الحيوي وإدارة المحميات من الجهتين الآنفتي الذكر (لكن الواقع عكس ذلك، رغم الانتصارات العظيمة التي حققها العلم، أثبتت البحوث أنّ أهمية كبيرة لكثير من العقاقير الطبيّة والعودة إلى النباتات الطبيّة)، ومن الطبيعي أنّ يشكّل هذا التوجّه إيماناً بعمل هو فاتحة مشروع حفظ التنوع الحيوي وإدارة المحميات الذي زخر بزخم دعائي لـ60 نوعاً تعريفياً عن النباتات الطبية مع فوائد كل منها، وذهب المشروع إلى إسناد مهام استطبابية لبعض النباتات عجز عنها الطب الحديث،- كزبرة البئر في مداوة الربو والختمية في التهاب المعدة والأمعاء و … وحشيشة العلق أو عين الجمل لحالات الطفح الجلدي وإزالة التآليل و… والقطلب مضاد للسموم، المليسة محسن ذاكرة، الغار والخزامى وحشيشة مبارك والعرق سوس و…
رصدت وحدة البحث البيئي في المحمية الحياة البريّة الحيوانية فكان هناك 6 أنواع من النباتات المسجلة على قائمة السايتس (منع الاتجار بالأنواع النادرة)، و5 أنواع نادرة من النباتات الدالة على مؤشرات بيئية، بعينها مثل الترب الفقيرة وصحة الموائل المختلفة ونوعية المياه والتوطن الهجرة للحياة البريّة.
ولعبت لجان المجتمع الأهلي الأربع دوراً تشاركياً بارزاً مع زراعة اللاذقية في إنجاح المشروعين اللذين استمر العمل بها.
في وحدات التصنيع قرب سد بللوران بعد نزوح المجتمع الأهلي عن قراه جراء الحرب ما بين 2012 و 2015، ونشطت مديرية الزراعة هذه الفترة في تسويق المنتج بافتتاحها المطعم البيئي ومركز تسويق المحمية الزائعة الصيت ضمن حرم مقرها الرئيس في مدينة اللاذقية.

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار