الوحدة: ١٦-٨-٢٠٢٤
ألقى الأستاذ نبيل عجمية محاضرة تراثية في المركز الثقافي بمدينة بجبلة بعنوان (بيادر الذاكرة وأغاني الكروم) تحدث خلالها عن القرى الريفية السورية التي كانت نموذجاً جبلياً زراعياً، فقد كانت أراضيها مستصلحة بجهد عضلي وأصبحت بعد عمل مضنٍ وشاق كروماً للتين والعنب و الزيتون.
فكان أهل القرية في زمن الحصاد والبيادر يقومون بتنظيف البيادر، وكل عائلة لها بيدرها، وكانت الزراعة في أوج مجدها خلال فترة الخمسينيات من القرن العشرين المنصرم.
وتابع الأستاذ عجمية: كانت حبة القمح عصب الحياة ومصدر التغذية أيام الأجداد، مُذكراً بموسم الحصاد والبيادر في الريف أواخر أيار ومنتصف حزيران.
موضحاً أن هذه المواسم الزراعية تُعد مؤونة العام للناس من قمح وحمص وفول وعدس وجليبان (بازيلاء الفقراء) وعلفاً للحيوانات مع الشعير والكرسنة والتبن الذي كان يُخزن لفصل الشتاء.
مشيراً إلى أن مناظر سنابل القمح في الحقول وهي تتماوج مع نسمات الصباح لا تزال في الذاكرة، فقد كان الحصادون يضعون القمح المحصود رزماً صغيرة على شكل صفوف جميلة تمتد على اتساع الحقول وتُسمى شمال أو شميّل، وكانت القبرات تطير من جهة لأخرى في الحقول، أما الآن فقد هجرت موطنها وتضاءل وجودها ومن النادر سماع أصواتها لأن وطنها حقول القمح قد اختفت من خارطة القرية، ولم يبق من الطيور إلا العصفور الحزين الأبو حن الذي يتنقل وحيداً على أغصان الخريف العارية وكأنه يندب من رحل.
وكذلك تحدث الأستاذ عجمية عن الأغاني والحكايا التي كان يرددها المزارعون وأبناء الريف، وأجواء الفرح والمحبة التي يجتمع الناس عليها.
ولكن للأسف رحل الأجداد – حسبما ذكر الأستاذ عجمية – ورحلت معهم الطقوس الجميلة خلال مواسم الكروم والحصاد والبيادر وغابت البيادر العامرة بكومات الحب وانتهت تلك الأعمال المرهقة التي كانت تمتد حتى تتدفق مزاريب تشرين عن أسطحة البيوت، وكذلك انتهى زمن كان فيه الفلاح يفلح الأرض في كانوني الأصم والأجرد وقرن الزميتي، أو ربما الماء المتجمد على شوارب الفلاح.
ولم يبقَ لنا سوى الذكريات والأمنيات بعودة المزارعين مجدداً إلى زراعة القمح وكافة أنواع الحبوب في الحقول الزراعية.
ازدهار علي
تصفح المزيد..