العدد: 9380
4-7-2019
الدكتورة رندة العباس، باحثة في شؤون التاريخ قالت: قبل الحرب على سورية كنا نعيش ضمن نسيج اجتماعي متآلف متسامح متعاون مندمج، بحياة أقرب إلى العلمانية، وجاءت الحرب لتحاول هدم هذا النسيج والحضارة، ولا شك أن شعار (الدين لله والوطن للجميع) هو أكثر الشعارات التي تحترم ثقافة ومعتقدات الآخر أياً كان، ومجتمعنا يضم أطيافاً وأدياناً عديدة.
أول آثار الحرب على المجتمع كانت عندما دمر الإرهابيون البنى التحتية للاقتصاد، وهذا خرب أوصال النسيج الاجتماعي الذي كنا نتميز به، وكان الأثر الأكبر على نفسية الأطفال لأن من ولد في سني الحرب لم يعش طفولة صحيحة، فالطفل يجب أن يأخذ حقه من اللعب والرفاه واللهو، لكنه فتح عينيه على رؤية الدم والقتل وقطع الرؤوس، وهذا صبغ نفسيته بالاكتئاب، أضف إلى حرمانه من حقه في الدراسة والتعليم، فبعض المدارس تحولت إلى مقرات للإرهاب في مناطقهم، وطالما لم ير الأطفال الفرح والسعادة، فهذا أدى ويؤدي إلى ردات فعل عنيفة تنعكس سلباً في تفكيره ومستقبله، ومن هذه الردات (الثأر) أضف إلى تفكيره بالهرب من التجنيد مثلاً، فبدلاً من زرع قيم حب الوطن زرعوا التكفير والإرهاب والقتل بعيداً عن أية قيمة إنسانية.
التوعية وإعادة الإعمار
يأتي دور التوعية الحقيقية من قبل المجتمع والجهات المعنية من وزارات مختصة، وإعادة الإعمار قد تتم خلال فترة قليلة، لكن الأهم هو إعادة تهيئة وصقل ثقافة الإنسان من جديد للقضاء على ثقافة القتل والتكفير وإلغاء الآخر، فالتعليم وإعادة بناء ثقافة الإنسان تأخذ وقتاً ليس بالقصير، وهنا يأتي دور الجمعيات الأهلية وغير الأهلية والمدارس وغيرها كي يعلم الإنسان ماذا يعني الانتماء الحقيقي للوطن، وهذا يؤكد حقيقة هي أن الذي جعل الدولة تصمد على مدى ثمانية أعوام من الحرب أن قوة الشعب، وإيمانه بوطنه والجيش والقائد، والإيمان بعدالة قضيتنا الحياتية، ودائماً صاحب الحق لن يهزم، هكذا تعلمنا، وهكذا قال القائد المؤسس (نريد الحرية لنا ولغيرنا) وهنا نتوجه بالتحية والإجلال والاحترام لجيشنا البطل الباسل، والرحمة لأرواح الشهداء والشفاء للجرحى، فلولا تضحيات الجيش لكانت سورية بأكملها مدمرة، وكان من الصعوبة أن تعود إلى ما كانت عليه.
يجب علينا أن نعي أهمية مقاومة ومحاربة الآثار السلبية التي خلفتها الحرب، لأن جيلاً كاملاً استفاق على ثقافة الذبح، ولم يدرك أهمية الثقافة الإنسانية والعلمية، فبدلاً من أن يمسك بالقلم، أمسك بالسيف ليتعلم قطع الرؤوس التي تخالف عقيدته التكفيرية.
نؤكد أن الصراع على تدمير سورية البلد المقاوم المؤمن بالحرية والسيادة واحترام الآخر هو صراع على تدمير أهم جدار من جدران محور المقاومة، حقاً فشلوا في ذلك، وسورية عصية على الأعداء وكل الأعداء يهزمون ويكسرون.
منير حبيب