التعليم الثانوي .. غرائب وعجائب؟!

الوحدة:8-8-2024 

بعد خروج الصفوف الانتقالية في الثانويات العامة وانحرافها مباشرة عن ناصية التعليم والالتزام بالدوام الرسمي، أصبحت هذه المرحلة عبارة عن اسم إداري فقط، لأنه كما هو مُتداول (العاشر داشر) والثاني ثانوي هو متمّم للثالث ثانوي، وهنا يبدأ البحث عن البديل الدارج، وبالتالي باتت الإدارة المدرسية عبارة عن جهة تُبرر الغياب إلى حين منح الطالب مركز الامتحان فقط، وهو المطلوب بالنسبة للطالب وذويه، لأنه في هذه الأثناء تحت نير المعاهد.
طفرة المعاهد والدروس الخصوصية تحضيراً للشهادة الثانوية العامة، انتشرت كالنار بالهشيم، وبات هناك معاهد مُلتزمة بخروج طلّابها بعلامات شبه تامّة. وعلى الطرف الآخر، ‏وهناك كلام عن تقاضي أجور حصّة الرياضيات عند بعض المدرسين لمبالغ خيالية وبعيدة جداً عن منطق التعليم، ‏بالإضافة لأرقام أخرى عند خضوع الطالب لعمليات التسميع النهائية لكافة المواد، ‏وخلافاً لذلك، هناك من وضع ضميره حكماً ووصياً ملتزماً جانب طبقة الفقراء غير القادرة على تعليم أبنائها في ظل هذه الظروف، وبذلك يحتاج طالب الثانوية العامة ملايين الّليرات لاجتياز هذه المرحلة المعبّدة بالفقر والدّين، وذوي الطلاب أمام خيارين كلاهما مُر، فقد وقعوا بين سندان الدفع بالتي هي أحسن، أو خروج ابنهم بخفّي حُنين عند صدور النتائج، لكن هناك من يقول (عبر حساباته الخاصّة) أن دفع هذه المبالغ للحصول على معدلات عالية للمتابعة في الجامعات الحكومية أفضل وأوفر كثيراً من الدفع المُضاعف داخل الجامعات الخاصّة التي تتقاضى أُجوراً خيالية، وهذا تبرير آخر.
‏وهنا لزاماً علينا العودة إلى الماضي العريق، بدءاً من المدرسة التي كانت تحرم الطالب من الامتحان إذا لم يحقق الدوام الكامل حتى منتصف شهر نيسان، وكذلك التواصل مع الأهل حول تقصير الطالب، وقد كان معيباً جداً رؤية طالب بحاجة مدرّس خصوصي لإحدى المواد، لأن المدرسة قدّمت كامل الالتزامات (بكفاءة عالية) تجاه طلابها مع كادرها التدريسي الحريص على سمعته بتلك الأثناء .. والأكثر غرابة اليوم هو اتجاه بعض أهالي الطلّاب للدروس الخصوصية في حلقة التعليم الابتدائي لجميع المواد، وهنا تكمن الكوارث … مع الأسف أصبحنا نرى مقتلاً حقيقياً للمدارس الحكومية وكادرها الواسع، وأصبحت أحوال التعاليم إجمالاً بحاجة للمسة سحرية تُعيد المسار، وهذا المدرس الذي يقدّم كل ما لديه في المعاهد وفي الغرف الخاصة، هو نفسه الذي يسجّل الحضور والخروج في المدارس الحكومية، فمن حقّه البحث عن تعويضه مجهوده وإيجاد الدخل الذي يناسب المرحلة، لكن ليس على حساب الطلاب وذويهم العاجزين على المواجهة.

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار