حبّة اللؤلؤ أم لآلئ المحبّة!؟

الوحدة: ١٩-٦-٢٠٢٤
ليس بمقدورك أن تترك رواية (جُمان، حبة اللؤلؤ) تنتظر طويلاً بعد أن تكون قد بدأتَ قراءتها، فمن الصفحة الأولى تجد فيها مايستعجلك ويدعوك إلى التفاعل ومن ثم إلى التعبير.
كل الحكاية: نحن… إنهم بشر نكاد نعرفهم، يتحركون حولنا وبيننا وكأنهم يتقصدون ملامسة أرواحنا.
صحيح أن شخصيات الرواية تتشابك وتتباعد بطريقة، أو بأُخرى لكن من الملفت والواضح معاً بأن الأديبة مها قباني قد أجادت “صناعة” نماذج بشرية عملت على ربطهم وتوحيدهم بملامح داخلية عميقة لاتلبث أن تطفو على السطح فتصل إلى القارئ بسلاسة وبشفافية.
خلف أشخاصٍ تتباين طباعهم وبيئاتهم وظروفهم يجد القارئ قاسماً مشتركاً لربما لم تقصد صاحبة الرواية رسمه لكنه ارتسم بشكل عفوي ليُسهم في ” تفرّد” أسلوبها وليعكس فِكرها ويقينها الذي يعرفه كل من اقترب منها.
هناك أحداث وانفعالات وردات فعل من كل شكل ولون تنبع من أنفس بشرية غاية في الطبيعية وبعيدة عن التزييف، وعبر هذه “التشكيلة” من التفاعلات يكتشف القارئ شيئاً جميلاً قيّماً وغريباً بنفس الوقت، يجمع مابين كل هذه الشخصيات، ألا وهو الحب.
في داخل كل شخصية “مؤونة” من الحب تشرح وتفسر دورها ووظيفتها ودوافعها. لا مكان للشر حتى في أعماق أكثر الشخصيات عُنفاً (أبو صخر)، فمنبع قسوته وعنفه هو هيامه المجنون بجُمان ومايصدر عن الحارس الشخصي هو كناية عن حبه اللامتناهي للبطلة وعن استعداده لفعل المستحيل بدافع الحب فقط.
في رواية (جُمان حبة اللؤلؤ) لا مكان للشر المتجذر، هناك ظروف سيئة وقاسية خلقت مواقف معينة، لكن هناك سلاماً ومحبة وطيبة تنضح بهم هذه الرواية وكأن الأديبة مها قباني أرادت وبكل تصميم دعم إيمانها بالمحبة واللاعنف فبرعت في زرعهما بين صفحات روايتها لتمنحها لوناً متميّزاً لابد أن يلقاه كل من يقصد قراءة تحليله.
د. سوسن الضرف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار