إعــــــــادة إعـــــــمار واســـــــــــتثمارات ومســـــــــــتثمرون ســـــــــــــــوريون ولكــــــن..
العدد: 9377
الاثنين 1-7-2019
على إيقاع أقدام أبطال الجيش العربي السوري، ونبض بسالتهم، ثمة إيقاع آخر، لابد منه، ومن الإشارة إليه، فيه إشراقة أمل لحياة جديدة، تعلن حتمية قيامة سورية الوطن، المتجدد، كما طائر الفينيق..
إعادة الإعمار، بالعقول والسواعد والقلوب المحبة لهذا الوطن، ولحضارة هذا الوطن، التي ينحني لها التاريخ، وتشهد لها كل حضارات الأمم، منذ فجر التكوين، حيث من المؤكد، ومن الضروري، رسم خريطة عمل عملاقة، وخريطة استثمارات، وبتكتيك مبرمج، لاستقطاب المستثمرين، الذين هم في الداخل، أومن أولئك الذين هم في الخارج، من أبنائنا المغتربين..
العين كلها على سورية، وكذلك على الشقيقين: العراق ولبنان، من أجل الحصول على استثمار هنا، واستثمار هناك..
في الجوار اللبناني، شهدت بيروت مؤخراً النسخة السادسة لمؤتمر الطاقة الاغترابية، 4000 مستثمر لبناني توافدوا ليلتقوا وليضعوا خطة استثمارية، عنوانها إعمار المشرق العربي (سورية- العراق- لبنان)..
والسؤال ماذا عن أبنائنا من كبار ومتوسطي وصغار الاستثمار في دول الاغتراب؟ عدد المغتربين السوريين لا يقل عن عدد اللبنانيين، وقد بدأت الهجرة بشكل مشترك، وضمن ظروف استعمارية مشتركة، تعود لزمن الاحتلال العثماني، وما تلاه من استعماراتٍ وحروب..
هناك رقم رسمي من الأمم المتحدة عن عدد المهاجرين في العالم، والذي تجاوز الـ 230 مليون، منهم 10 ملايين لبناني، ومثلهم أو أكثر، من المهاجرين السوريين أو المتحدرين من أصل سوري.
الفكرة، ودائماً أية قصة نجاح تبدأ بفكرة، الفكرة: ماذا يمكننا فعله على نطاق العمل، في الاستثمار داخل سورية، وماهية التشبيك الذكي، ما بين مستثمري الخارج ومستثمري الداخل، من السوريين، الذين لديهم ذلك الشغف والحنين والرؤية والرؤى، لتكون بلدُهم، سورية، في مصاف الدول المتقدمة والمتطورة، كما ماليزيا واليابان، وكثير من الدول، التي صنعت المعجزات..
لا بد من ورشة عمل وطنية واسعة وعملاقة، ولا بد من استراتيجية اقتصادية يشارك فيها الجميع، تحت راية علم الوطن، رمز السيادة والكرامة.
وكي يكون الطرحُ عملياً، لابد من بعض الأفكار، من وجهة نظر شخصية، غير مختصة بالشأن الاقتصادي، لكنها صادقة ونبيلة:
* وضع دراسة لأهم الاستثمارات المطلوبة والضرورية، والتي تعطي المردود المطلوب منها، سواء في السياحة أو الصحة أو النقل (مرافئ- أوتوسترادات دولية- سكك حديدية..) أو الصناعة أو الزراعة، أو البيئة أو الطاقة والطاقة البديلة والمتجددة، أو التكنولوجيا، وسواها الكثير من القطاعات المستهدفة..
* تفعيل الجانب الاقتصادي في مجال عمل وزارة الخارجية والمغتربين وسفاراتنا المنتشرة في أصقاع الأرض من خلال التواصل الميداني مع المستثمرين السوريين هناك.
* إطلاق مؤتمرات للاستثمار وورشات عمل، وتشبيك ما بين الخارج والداخل، من خلال التواصل والتنسيق ووضع البرامج.
* تأمين أساسيات البنية التحتية والأرضية المطلوبة للانطلاق المريح لعملية البناء.
* إصدار القوانين التي تريح عمل المستثمر، وتشجعه على الاستثمار، والمشاركة في الإعمار.
* تفعيل الحكومية الالكترونية، ونشر شبكة نت قوية وفاعلة.
* إعادة النظر في ديناميكية عمل القطاع المالي والنقدي والبنكي والمصرفي، وجذب أدمغة سورية، وما أكثرها في الداخل والخارج، في هذا المجال الحيوي..
* الضرب بقسوة على يد كل فاسد، لأنّ مصلحة الوطن فوق كل مصلحة، وكذلك إتباع سياسة مدروسة، لضبط الهدر في الوزارات والإدارات والمؤسسات..
* التشديد على التهرب الضريبي، وقمع ظواهر التهريب، التي تأكل من اقتصاد البلد وتدمره.
* ترتيب عمل وزارة التنمية الإدارية، وهيكلة الإدارات والتسلسل الوظيفي، والاعتماد على المبادرات وعلى الطاقات الشابة والديناميكية في برمجة العمل الوظيفي والارتقاء في الأداء، والتركيز على عمل النافذة الواحدة.
* بث الروح في شركات القطاع العام، وتشبيك العمل ما بين العام والخاص والمشترك، حيث مازالت للقطاع العام بصماته الوطنية والمميزة، منذ بدء عهد التصحيح، الذي أسس لسورية قوية، تعتمد على ذاتها وعلى إمكانياتها الذاتية.
* تطوير شبكة النقل البري والبحري والجوي لخلق شريان حقيقي، يسهم في العملية الاقتصادية، والتركيز على شبكة الطرق والسكك الحديدية، التي تربطنا بالعراق وإيران، وصولاً إلى الصين، طريق الحرير في القرن الحادي والعشرين.
* وضع خطة مدروسة للتسويق، وآلية جديدة للتصدير وللتجارة، وفق أسس معتمدة إقليمياً ودولياً.
* الاعتماد على مختلف وسائل الإعلام الوطنية، في نشر وتفعيل وترويج وتوصيل ونقل تلك الرؤية الشاملة للنهوض الاقتصادي، سواء للداخل أو للخارج، وفق آلية عمل إعلامية مبتكرة ومتطورة وجاذبة، وبذات الوقت مقنعة وصادقة، مع إطلاق موقع الكتروني، يتمّ من خلاله التواصل مع المغتربين والمستثمرين.
* كل هذه الخطوات، التي ستصبّ في حركة النهوض باقتصادنا الوطني وسواها، ستجعلنا وكأننا في حالة طوارئ أو استنفار اقتصادي متواصل، غايتها إعمار البلد والنهوض به من جهة، وكذلك النهوض بالإنسان السوري، العامل في سائر قطاعات العمل، وما سيحققه من فرص عمل كثيرة لشبابنا وخريجينا ولليد العاملة على تنوعها، وما سيعطيه من بحبوحة في العيش الكريم.
قبل أن أختم، هناك رقم توقفت عنده ملياً، وهو 7 مليارات دولار وأكثر، يضخها المغتربون اللبنانيون لأهلهم في لبنان المقيم، كما سأذكر مثالاً صغيراً مشرقاً، عن أسرة من (عرب ريف حلب): أسرة صغيرة تستثمر في إحدى قرى اللاذقية (بستان الباشا)، في مجال تربية الغنم، 130 غنمة، وفي جني المحاصيل الزراعية، وتعيش الأسرة في بحبوحة، حسدتهم عليها، بعد ما سمعته منهم، وما أوردوه لي، بسعادة، عن ومن تفصيلات نشاطهم اليومي الدؤوب والمثمر..
جورج شويط