الوحدة 15-6-2024
مازلت أسمع وقع خطواتك على نبضي، وألمح ظلال حزنك ترتمي على الجدار الفاصل بين قلبي وعقلك، فيحملني الشوق إلى ذكرى لقاء محببة فاحت منها رائحة الهيل والمسكة.
إن كنت تظن أنها كانت مجرد قهوة تغلى على سخان كهربائي، فأنت مغفل بالفعل…!
وتلك الشهادات العليا والمناصب الإدارية التي شغلتها والتي تخفي وراءها شغف روحك للتحرر من روتين المكاتب، ماهي إلا أختام فوق أوراق وقرارات غير مجدية.
كان تاريخاً كاملاً للأمة العربية يغلي مع قهوتك، مذ أمر كليب بن ربيعة بعقر الناقة لتشتعل نار الحرب بين بكر وتغلب، كما اشتعلت الأسلاك في السخان البدائي الذي تجرأت على استخدامه كرمى لمزاجك، و مرغمةً في ظل غياب باقي مصادر الوقود.
لم تكن ذرات بن مطحون وملعقة تدور…كان عمراً من الاشتهاء يتقد وينطفئ كلما علت الرغوة أو انخفضت.
حركتُ قهوتك بأعصابي التي أتلفتها أشلاء بجحودك.
أذبت شبابي وفيض أنوثتي مع حبات السكر في فنجانك…ذقتُ رشفة صغيرة بالملعقة لأتأكد من حلاوتها.
لم أحملها بأصابعي…بل حملتها بروحي إليك.
هل شعرت بها؟!
هل راودك شعور مختلف…أم أن فرعون اكتفى بإنهاء شرابه…. هكذا من دون إحساس بكل ما يكتنزه مشروبه من شبابي واحتراقي وشغفي؟
ألم تشعر بذلك كله حقاً…؟
أيعقل أن تكون محصّناً من سحر الحب وجبروته…؟
سكبت ماتبقى من القهوة في فنجان، وشربت منتشية بمعرفة أنك تشرب من القهوة ذاتها وتتناول الحلويات التي أعددتها. أيضاً لم تكن مجرد قطع من المعمول بالتمر.. كانت مستوعباً من الأشجان والآمال والخذلان والانكسارات…
ياصاحب الظل الثقيل.. هل شعرت بنكهة مختلفة في التمر، أم أنك تناولتها كأي شيء آخر مر؟
عزيزي… لِمَ لم ترشح نفسك للانتخابات.. لم يبق شخص وراء مكتب إلا ورشح نفسه إلا أنت، كنت سأعطيك صوتي المبحوح، ومعه سكاكر بنكهة النعناع… أو ربما سكاكر حامضية.
عزيزي ياصاحب الظل الثقيل… هل سيتحسن وضع الكهرباء في العيد، وهل ستقصر المدة المنتظرة لوصول رسائل الحصول على الوقود؟
هل أعجبك موقف عمرو دياب من المعجب والصفعة التي وجهها إليه؟
هل سينخفض سعر زيت الزيتون، ومتى سيفرج عنه التجار المحتكرون له؟ ماتقييمك لامتحانات هذا العام في ظل القانون الجديد، ألم تؤلمك حالة الرعب التي عاشها الجميع، ألم يكن التوتر فوق الاحتمال؟
عزيزي… هل أضجرتك بتساؤلاتي… لاتكترث… وحاول التأقلم…
أوهم نفسك أنك في إحدى المؤتمرات النقابية أو الاتحادية المكررة والمنسوخة عن الأعوام السابقة بالمطالب والردود وعدم الاستجابة والإنجاز، أو أنك تحضر مهرجاناً أدبياً شبابياً دُعي للمشاركة فيه كل من حمل قلماً أو هجّأ حرفاً.
هل أعجبك اللون الجديد لأظافري؟
وهل راقتك تسريحة شعري؟
عزيزي…. هل تشعر بالفوضى كلها التي تعتريني في غيابك؟ هل ترى حالة التشتت التي أحياها في ظل انقطاع أوكسجين حضورك عن روحي؟ هل..وهل…وهل…وهل؟ هل سيأتي يوم… وألقى إجابات أو استجابات شافية؟!!!!!
نور نديم عمران