الوحدة: ١٢-٤-٢٠٢٤
ضمن الإطار العام، نيسان هو شهر الجمال، من خلاله يظهر كامل الألق الرّباني على طبيعة تُعد حلقة ربط بين الفصول الأجمل – الربيع والصيف، منه تتكون نواة الحياة لجميع المخلوقات، تفاصيله تأخذنا إلى ماضٍ أبيض بعيد فيه كامل الذكريات لطفولة وريعان المراهقة والشباب.
رائحة أزهار الحمضيات تعطّر طُرقات نيسان في كل مكان، فتنتعش القلوب عبر رحلات مدرسية طلابية ونقابية منوّعة، ترسم البهجة على مُحيّا الجميع، باصات ومجموعات سياحية من كافة المحافظات تملأ الجبال والشواطئ، على مفارق الطرق تنتشر الأعمال اليدوية الريفية والأفران التي تجيد نكهة القرى، تأخذ المنحى الاقتصادي المهم لدخل مادي يُفرح جيوب عائلات كثيرة، فترنو إلى هناك مشاريع واستثمارات كبيرة على طبيعة ساحرة ترسم العناوين والأفكار الكبيرة لصناعة سياحية مهمّة تنتظر النُضوج.. وهذا واقع اقتصادي سياحي مهم.
خدمياً .. ضاقت الأحوال وتقلّصت المشاريع داخل الوحدات الإدارية والمركزيّة، ففي الماضي كانت الطرقات في هذا الشهر تلبس سواداً جميلاً يختمر على شرايين فرعية بعيدة، لكن ومنذ سنين مضت لعب الشتاء وقسوته بجودة الكثير من هذه الطرق، في وقت أطبق العجز وقلّة الحيلة على كيان تلك الميزة السنوية من صيانة وتعبيد وشق طرقات جديدة تكون نواة خدمية على مناطق تشتهي أن تكون سياحية بامتياز، على أمل عودة بسمة أخرى تُنعش تلك الانتكاسات والعثرات (المفروضة) لجغرافيا واسعة كانت قد اكتفت من كل شيء حضاري.
نيسان يفتح باباً عالياً للصيف وعشاق الحياة، من خلاله تتهيأ الفعّاليات والبرامج على كافة المستويات تتسابق لتقديم ما هو أفضل من السابق، يكون طريقاً شرعياً لعودة الحياة فتنبض على بلد مزّقته الأحقاد، وتكالبت على خيراته جميع أصناف الأعداء من ذوي الدم البارد.
أكثر من عقد من الزمن أشبه بالكابوس أطبق على كل شيء، حتى كذبة نيسان المعهودة كانت جميلة بيضاء، لكنها قُتلت بالموت البطيء ولم تعد كسابق عهدها، لأنها أصبحت واقعاً أسوداً لامس كل أشكال وأنواع الحياة، وأهمها قسوة المعيشة وسوء الأحوال.
سليمان حسين
تصفح المزيد..