صناعـــة ســـورية عريقــــة بامتيــــاز.. 2040 ليرة كلفة إنتاج الكيلو الواحد من صابون الغار

رقــم العــدد 9369
الأربعاء 19 حــزيــران 2019

 

تعد صناعة صابون الغار من الصناعات التقليدية التي تميزت بها سورية التي استطاعت أن تحجز لها مكانة مرموقة في الأسواق الخارجية مستفيدة في ذلك من الخبرة المتراكمة لدى صناعها ومن جودة المواد الأولية الداخلة في صناعتها وفي مقدمتها زيت الزيتون وزيت الغار ونظراً لأهمية هذه الصناعة فقد أعدت دائرة الاقتصاد الزراعي في مديرية زراعة اللاذقية دراسة متكاملة عنها أضاءت من خلالها لأهمية هذه الصناعة والمزايا النسبية التي تحققها ولكافة الجوانب المتعلقة بتكاليف إنتاج هذه الصناعة وآليات تصنيعها.
وقالت المهندسة ميس شحادة رئيسة دائرة الاقتصاد الزراعي بأن الغار الذي ارتبط باسمه صابون الغار هو من الأشجار الكبيرة المعمرة التي استخدمها اليونانيون والرومانيون كمادة طبية حيث تحتوي أوراقه على زيت طيار تصل نسبته إلى 3% تقريباً علماً بأن الموطن الأصلي لهذا النبات هو دول البحر الأبيض المتوسط حيث يصل طول هذا النبات الدائم الخضرة إلى ما بين 2-10 أمتار أما صفاته فهو ذو ساق أجرد ولحاء ناعم أسود واللون وأوراق خضراء قاتمة لماعة من الأعلى أما فترة إزهاره فهي في منتصف نيسان حيث تتجمع أزهاره على هيئة عناقيد ذات لون أبيض مصفر مع وجود أشجار مذكرة لا تعطي الثمار وأشجار مؤنثة تعطي ثماراً تشبه ثمار الكرز والزيتون حيث يستخرج من هذه الثمار زيت عطري معقم يدعى زيت الغار الذي يتم استخراجه بطرق تقليدية يدوية حيث يستعمل هذا الزيت في صناعة الصابون الطبيعي وذلك بالنظر لما يتمتع به من خواص جيدة ولكونه ينتج صابون رائع وآمن للاستحمام لدرجة أنه ينصح بالاستغناء عن الشامبو والاكتفاء به كبديل جيد له.
وأشارت م. شحادة بأن ورق الغار والذي يعرف في بعض الدول العربية بورق موسى استخدم في الطهي كنوع من التوابل التي تعطي رائحة ونكهة مميزة للطعام ولو أن استخدام زيته في صناعة الصابون هو أهم استخداماته مشيرة إلى أن صابون الغار هو من أقدم أنواع الصابون التي تم استعمالها منذ القدم حول العالم حيث يعتبر هذا الصابون من أنقى أنواع الصابون التي صنعها الإنسان لكونها مكونة من عناصر طبيعية بحتة حيث تشمل هذه المكونات زيت الزيتون وزيت ورق الغار وهيدروكسيد الصوديوم والماء مشيرة إلى أن صابون الغار يعد منتجاً سورياً متميزاً تتركز صناعته في مدينة حلب وفي المناطق المنتجة لزيت الزيتون حيث تحتوي أوراق الغار وثماره على زيوت طيارة إضافة للدهون الثلاثية حمض الأوليك وحمض الميرستيك وحمض اللوربك.
وحول طريقة صنع صابون الغار تنقل م. شحادة عن الدراسة القول بأنها تتم إما على الطريقة الساخنة التي تتم عن طريق غلي الماء وزيت الزيتون بالكميات المطلوبة لمدة 3 أيام لتضاف إليهما مادة زيت الغار ومن ثم سكب المزيج على ورق الشمع حتى يبرد تماماً ويصبح صلباً ليتم تقطيعه بعد ذلك على شكل مكعبات ومن ثم تخزينه بشكل جيد لمدة 7 أشهر بحيث يتم تحول اللون الأخضر إلى اللون الأصفر أو البني ليكون جاهزاً للاستعمال.
أما الطريقة الثانية التي تتم بها هذه الصناعة فهي الطريقة الباردة حيث تذاب الزيوت الصلبة وتضاف إلى الزيوت السائلة وتترك حتى تبرد ويحل هيدروكسيد الصوديوم في الماء في مكان جيد التهوية ويقلب جيداً للتأكد من تمام الذوبان ويترك حتى يبرد عندما يصل الوسطان إلى درجة الحرارة المطلوبة حيث يتم سكب القلوي فوق الزيوت ببطء مع التقليب الذي يستمر إما باستخدام ملاعق خشب كبيرة أو باستخدام خلاط كهربائي حتى يتم وبعد 24 ساعة إخراج الصابون من القالب وتقطيعه بالشكل المرغوب ومن ثم تجفيفه من خلال نشره على رفوف جيدة التهوية لمدة تتراوح ما بين 4-6 أسابيع يصبح بعدها جاهزاً للاستعمال حيث يشترط في هذا الأمر أن يكون المكان بعيداً عن أشعة الشمس وأن تتم عملية تقليب الصابون باستمرار وذلك من أجل التأكد من تعرضها للهواء بصورة متجانسة.
أما بالنسبة لفوائد صابون الغار فتقول رئيسة الدائرة بأنها كثيرة حيث يتمتع هذا الصابون بخاصية الترطيب الهائلة الذي تجعل من استخدامه كمرطب للجلد لدى البالغين والأطفال ولجميع أنواع البشرة دون استثناء أمراً هاماً حيث يعمل هذا الصابون على ترطيب البشرة وإعطائها ملمساً حريرياً ومنتعشاً ناهيك عن أن هذا الصابون مناسب جداً للأشخاص الذين يعانون من حساسية البشرة والجلد بالإضافة إلى قدرته على علاج بعض الأمراض الجلدية ومنها الأكزيما وحب الشباب والصدفية والتهاب الجلد البكتيري إلى جانب مساهمته في تأخير ظهور التجاعيد وعلامات التقدم بالعمر وتوحيد لون البشرة والقضاء على البقع ومساعدته على التخلص من خلايا الجلد الميتة.
واختتمت م. شحادة بالإشارة إلى أنه ومن خلال تشجيع استهلاك زيت الزيتون والذي تنفذه بعض المديريات التابعة لوزارة الزراعة فقط ظهرت الحاجة لتوعية الأسر بطريقة صناعة صابون الغار ولاسيما وأن عملية تحضير هذه المادة سهلة وقليلة التكاليف مؤكدة بأن الهدف من الدراسة التي أعدتها دائرة الاقتصاد الزراعي في مديرية زراعة اللاذقية هو تشجيع هذه الصناعة التي تعتبر من الصناعات التقليدية المعروفة مشيرة إلى إمكانية استعمال زيت الغار وزيت الزيتون النقي أو المخزن أو الزيت المستعمل الناتج بعد قلي اللحوم والخضار في هذه الصناعة التي تعتبر من المشاريع غير المكلفة والتي تحتاج إلى رأسمال قليل والتي يمكن أن تدخل ضمن نطاق المشاريع المنزلية الصغيرة والمربحة والناجحة مشيرة إلى أن تكاليف إنتاج الكيلو غرام الواحد من صابون الغار بنسبة 100 كغ زيت زيتون إلى 30 كغ من زيت الغار تصل وسطياً ووفقاً للدراسة التي قامت بها دائرة الاقتصاد الزراعي تصل إلى 2040 ليرة سورية للكيلو الواحد.

نعمان أصلان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار