الوحدة:4-2-2024
يقبعون في حديقة الباسل بطرطوس مكان الغرف التي تم هدمها لتتحول إلى مقاعد مسقوفة في الجزء الشمالي الغربي من الحديقة، يراهم العشرات من المارة والموظفين يومياً، فيما يطلون حيث ينامون في العراء على مباني عدة جهات رسمية ، لو كانوا فقط كباراً ورجالاً لكنا تجاهلنا أمرهم قليلاً، ولكن هناك ثلاثة أطفال أعمارهم (١٤ – ١٣ و٣ سنوات) مع أمهاتهم يتحملون برودة الطقس والأمطار ومخاطر الشارع أيضاً، هناك من يحن عليهم بمال أو طعام أحياناً، تقول أم علي وهي أم لولدين منهم أنها أرملة شهيد، ولكنها لم تجد أحن من الشارع حيث لا منزل لها ولا مكان يأويها وكل ما تقبضه عن زوجها لا يتجاوز ال٧٥ ألف شهرياً، وتقول أنها تتابع دعوى قضائية مع عائلة زوجها لا نعلم إن كانت ستربحها يوماً وإن كانت ستغير حالها، وتتابع أنها تسكن في هذه الحديقة منذ ٣ سنوات وقد تم العرض عليها أن تذهب لملجأ في دمشق ولكنها خشيت أن يتم فصلها عن ولديها علي وأسامة وخافت من الذهاب إلى دمشق لأنها لا تعرف أحداً ولا شيئاً هناك.
بدورها فاطمة أم لطفل لايتجاوز عمره الثلاث سنوات قالت إنها لا تستطيع الكلام لأن لديها وضع خاص، مضيفة أن لديها ابنة أخذها والدها وترك الصبي معها وتتحفظ عن إضافة أي شيء آخر، وإلى جانبهم يجلس المشرد الكبير عبد الرزاق بالقية والذي ينام أيضاً في الحديقة ويعمل بالعتالة متى تيسر له ذلك، الثلاثة يعيشون كجيران ويساعدون بعضهم أحياناً حيث تقول أم علي إنها ترعى ابن الثلاثة أعوام في حال اضطرت أمه للذهاب لأنها تتمنى أن تجد من يحن على ولديها في حال غابت، وعن تعرضهم لبعض المضايقات أو الأخطار تؤكد أم علي أنها تستنجد بالشرطة في حال تعرضت لأي خطر، وحين سألنا الطفلين الذين لم يعرفا مدرسة ولم يتلقيا الرعاية اللازمة مذ خلقوا عن أحوالهم سبقتهم عيونهم اليائسة وردّا بأنهما تعودا وأنهما يتغطيان وينامان في الليل العاصف، وعن أحلامهما يسكت الاثنان دون أي جواب، وأمام هذا الواقع نضع هذه الحالات التي رصدناها في هذا الشتاء القاسي برسم أهل الشأن والشؤون الاجتماعية والمنظمات والجمعيات الإنسانية، علها تستوعب وضعهم النفسي والعقلي وتحتضنهم بخاصة الأطفال علهم يجدون أياماً وغداً أفضل.
رنا الحمدان