م. ديانا حميدوش.. وأول بحث يتناول تأثير بعض العوامل البيئية على المركبات الفينولية والزيوت العطرية لـ «القطلب والبقص»
العـــــدد 9368
الثــــــلاثاء 18 حزيــران 2019
تعد النباتات الطبية والعطرية أغنى الموارد الحيوية لنظم الطب التقليدية، المكملات الغذائية، الأدوية العشبية، المواد الصيدلانية والمركّبات الكيميائيّة للأدوية نصف الاصطناعية، وقد أكدت منظمة الصحة العالمية أن الطب التقليدي ما زال له دور أساس في الرعاية الصحية، حيث تشير التقديرات إلى أن 60% من سكان العالم و80% من سكان البلدان النامية يعتمدون على الطب التقليدي، وتعود القيمة الطبية لهذه النباتات إلى بعض المكونات الكيميائية الفعالة حيوياً والتي تنتج بشكل طبيعي. دراسة تأثير بعض العوامل البيئية على المركبات الفينولية والزيوت العطرية لكل من القطلب والبقص Arbutus andrachne L. والبقص Rhus cotinus L في منطقة جبلة
هذا ما تصدت له الباحثة المهندسة ديانا حافظ حميدوش بإشراف الدكتور محمود علي، كلية الهندسة الزراعية والدكتورة ريم سلامة كلية الصيدلة.
تتطلب الصناعات الغذائية الحديثة مكونات جديدة كمصدر للملونات والنكهات غير العادية للمنتجات التجارية، وكمصدر للمكملات الغذائية أو الأطعمة، لذا يعد استهلاك النباتات الصالحة للأكل شبه البرية المزروعة محلياً مهماً في منطقة المتوسط مما يسهم إسهاماً كبيراً في صحة المجتمعات.
تتضمن المركّبات الفينولية التي تعد واحدة من أكبر مجموعات المستقلبات النباتية وأكثرها انتشاراً، مجموعة كبيرة من المركّبات، وقد دُرست في البداية لدورها في تفاعلات الاستمرار وفي إعطاء اللون والطعم المر، وتبين لاحقاً أنها تتشكل لحماية النبات من تأثير العوامل البيئية، إضافة لاعتبارها مضادات الأكسدة الأكثر فعالية في الغذاء، حيث تتمتع بتأثيرات صحية كثيرة كتحفيز الأنزيمات المزيلة للسمية وتثبيط الأنزيمات المحفزة للورم.
كذلك اكتسبت الزيوت العطرية اهتماماً كبيراً كمستقلبات ثانوية، لديها خواص فيزيائية، كيميائية وأنشطة حيوية متنوعة (مضادة للجراثيم، للفطريات وللفيروسات)، إضافة للخصائص الطبية الأخرى، واستخدمت مع المستخلصات النباتية منذ القدم، خاصة في حفظ الأغذية.
تعد الاختلافات البيئية (الارتفاع عن سطح البحر، المعرض، الميل، الحرارة، الإضاءة، الأمطار، التربة والرطوبة..) من العوامل المهمة المؤثرة على عملية التمثيل الغذائي ومراكمة المستقلبات الثانوية، وتساهم في اختلاف التراكيب الكيميائية والنشاط المضاد للأكسدة للنباتات الطبية، وتم مؤخراً ربط درجات الحرارة المنخفضة مع زيادة المستقلبات الثانوية في النباتات إضافة لتأثيرها على الخصائص المضادة للأكسدة.
أهمية البحث وأهدافه
تتميز الأنظمة البيئية في الجبال الساحلية السورية بأنها هشّة وعرضة للتخريب بسبب الاستغلال الجائر لها، مما يهدد الانتشار الطبيعي للكثير من الأنواع النباتية بما في ذلك الأنواع ذات الأهمية الطبية والعطرية، من جهة أخرى، لا تحظى الدراسات الكيميائية والبيئية للأنواع النباتية الحراجية المنتشرة طبيعياً في سورية وذات الفوائد الطبية بالأهمية الكافية مما يؤدي إلى خسارة كبيرة بمعرفة الفوائد التي يمكن أن تقدمها تلك الأنواع.
يؤدي غياب عمليات التنسيق على المستوى المحلي وبمشاركة كل من (الجهات البحثية، المنظمات المهتمة بحماية البيئة، المؤسسات الرسمية المعنية والشركات الطبية)، إلى تدهور حالة التجمعات النباتية الطبيعية الطبية والعطرية، وبالتالي ضياع مخزون كبير من المركّبات الفعالة الهامة في مختلف المجالات سواء الغذائية، الطبية والعلمية..
لذا تأتي أهمية البحث من كونه البحث الأول في سورية الذي يتناول تأثير بعض العوامل البيئية على التركيب الكيميائي لكل من القطلب والبقص المنتشرين طبيعياً في غابات المنطقة الساحلية، وبالتالي تأثير تلك العوامل على الأهمية الطبية للنوعين الحراجيين من حيث محتواهما من المركّبات الفينولية والزيوت العطرية، ومن هنا هدفت الدراسة تقييم امكانية الاستفادة من النوعين النباتيين في الصناعات الدوائية والغذائية وذلك من خلال:
* تقييم تأثير بعض العوامل البيئية (الارتفاع عن سطح البحر والمعرض) على المركّبات الفينولية للأجزاء النباتية (الأوراق، الأزهار، الثمار واللحاء) لكل من القطلب والبقص.
* تحديد الفعالية المضادة للأكسدة للأجزاء النباتية (الأوراق، الأزهار، الثمار واللحاء) لكل من القطلب والبقص .
* التعرف على بعض خصائص ثمار القطلب والفائدة الصحية منها من خلال تحديد محتواها من بعض المركّبات الغذائية.
* التعرف على التركيب الكيميائي للزيت العطري للأجزاء النباتية (الأوراق، الأزهار واللحاء) لكل من القطلب والبقص مع الارتفاع عن سطح البحر.
* التعرف على بعض المركّبات الكيميائية للمستخلص الميثانولي (الأوراق، الأزهار واللحاء) لكل من القطلب والبقص..
وتوصلت الباحثة إلى الاستنتاجات التالية
* يمتاز المستخلص الايثانولي للأجزاء النباتية لكل من البقص والقطلب باحتوائه على كميات هامة نسبياَ من المركبات الفينولية.
* سُجلت التراكيز الأعلى من المركّبات الفينولية للأجزاء النباتية (الأوراق، الأزهار واللحاء) لكل من البقص والقطلب على الارتفاع الرابع (900م)، يليه الارتفاع الثالث (600-900م)، وأخيراً الارتفاع الأول (0-300م).
* تفوق المعرض الجنوبي بمحتوى الأجزاء النباتية المدروسة من المركّبات الفينولية على الارتفاعات الأربعة، يليه المعرض الغربي ومن ثم المعرض الشمالي.
* وجد ارتباط إيجابي بين المحتوى الكلي من المركّبات الفينولية لكل من البقص والقطلب بالارتفاع التدريجي عن سطح البحر على المعارض المدروسة.
* وجد ارتباط قوي بين المحتوى الكلي من المركّبات الفينولية وفعاليتها المضادة للأكسدة المقاسة بطريقة FRAP (R2= 0.939 للبقص و R2= 0.952للقطلب).
* تمتاز ثمار القطلب بغناها ببعض المكونات الغذائية كالألياف الكلية، السكريات (الفركتوز والغلوكوز والسكروز)، حمض الأسكوربيك وبعض العناصر المعدنية خاصة البوتاسيوم K والفوسفورP.
* المجموعات الكيميائية الرئيسة في الزيت العطري المستخلص من الأجزاء النباتية (أوراق وأزهار) للبقص على الارتفاعات المدروسة هي: فحوم هيدروجينية أحادية التربين، فحوم هيدروجينية أحادية التربين والنصف أحاديات تربين مؤكسجة، أحاديات تربين ونصف مؤكسجة، لكن أظهر الزيت العطري للحاء ترتيباً مختلفاً للمجموعات الكيميائية حيث ارتفعت نسبة مجموعة بالمقارنة مع مجموعة على عكس الأوراق والأزهار.
* المركب السائد في عينات الزيت العطري المستخلص من الأوراق والأزهار واللحاء لنبات البقص على الارتفاعات الأربعة هو مركب ألفا بينين، يليه الليمونين ومن ثم مركب بيتا بينين .
* لا يوجد زيت عطري في لحاء البقص على الارتفاعات الثلاثة الأولى ضمن الكميات المستخدمة في العمل والتي بلغت 8 كغ.
* لا يوجد زيت عطري في الأجزاء النباتية للقطلب (الأوراق، الأزهار، واللحاء) على الارتفاعات المدروسة ضمن الكميات المستخدمة في العمل والتي بلغت 8 كغ.
* المجموعات الأساسية في المستخلص الميثانولي للأجزاء النباتية للبقص والقطلب هي الأحماض العضوية، تليها مجموعة الكحولات، ومجموعة الإسترات.
المقترحات والتوصيات
* يُنصح بجمع عينات كل من القطلب والبقص من الارتفاعات الأعلى عن سطح البحر بهدف الحصول على أكبر مردود فينولي.
* نقترح الاستخلاص من الأجزاء النباتية للنوعين المدروسين باستخدام مذيبات أخرى للمقارنة مع الدراسة الحالية.
* إدخال ثمار القطلب في الصناعات الغذائية باعتبارها من الأغذية الوظيفية الداخلية.
* إجراء دراسة على إنتاجية شجرة القطلب وإمكانية إكثارها والتوسع في زراعتها نظراً لأهميتها الصيدلانية.
* دراسة الخصائص المضادة للأكسدة للزيت العطري للبقص للاستفادة منه في المجال الغذائي والصيدلاني.
* نقترح دراسة فعالية الزيت العطري لأزهار البقص ضد الليشمانيا لارتفاع نسبة مركب ألفا بينين.
* نقترح إجراء دراسات الفعالية الحيوية للمستخلصات النباتية والزيت العطري للبقص لتقييم استخدامها الطبي لاحقاً.
* الاستفادة من الخصائص المضادة للأكسدة من أجل تطوير المنتجات الغذائية الآمنة.
* متابعة الدراسات لتحديد الإمكانيات الاقتصادية والطبية للأنواع النباتية المنتشرة طبيعياً في الغابات السورية ذات الأهمية الطبية.
تألفت لجنة الحكم من: الدكتور محمود كامل علي عضواً ومشرفاً، الدكتور زهير صديق شاطر عضوا، الدكتور عماد جريس حداد عضواً، الدكتور مفيد ميكائيل ياسين عضواً، الدكتور أحمد قره علي عضواً، هذا وقد نالت الباحثة مرتبة الشرف.
رنا رئيف عمران