العولمة… وأد للهوية الإنسانية وللانتماء الوطني

الوحدة:25-1-2024

خلال العقود الثلاثة الماضية قلما خلا مؤتمر أو ندوات إذاعية ومرئية، ومحاضرات ثقافية من الحديث عن “العولمة” وتداعياتها واختراقها للهوية الإنسانية والانتماء الوطني.
عن نظام العولمة تحدث الكاتب والمحلل السياسي الصحافي عماد يوسف مدير مجلة رؤى الحياة الثقافية والاجتماعية واصفاً إياها بنتاج الرأسمالية العالمية التي صارت تتحكم بكل مفاصل الدول وقراراتها السيادية والسياسية، ومع التطور التكنولوجي والتقنيات العالمية بدأ الفرد ينساق في برمجة عقله الباطن وراء مسألة وثقافة العولمة، وأكبر مثال على ذلك هو ” قضية المثلية الجنسية “، حيث كان الحديث في الموضوع برمته في العقود الثلاثة الماضية من الكبائر ومستهجناً ومنفراً بشكل عام، اليوم المثلية الجنسية أصبحت ” زواجاً مثلياً ” بعد أن كان مخالفاً للطبيعة والقدر والكون، وبات يمر مرور الكرام على مرأى ومسمع العالم أجمع، وهنا العقل الباطن خضع لبرمجة لغوية عصبية زرعت هذا المفهوم، فإما أن تقف على الحياد – لا ترفضه ولا تقبله – أو أن تصمت نهائياً، وهذا ما نصفه باستلاب الفكر الغربي والثقافة الغربية الأمريكية..
العالم البريطاني رونالد روبرتسون أقدم من عرف العولمة وأكد بأنها الطريق نحو انكماش العالم، وزيادة وعي أفراد المجتمعات ليصبح وعياً جمعياً عالمياً وليس فردياً. تعريفات كثيرة ظهرت للعولمة وجميعها تصب في فكرة
“التوحد” الخطيرة في القيم والأهداف والقواعد، مع إدماج الإنسانية جمعاء ضمن إطار سياسي اقتصادي وإيديولوجي، والأخير هو الأخطر *الأدلجة*.. أدلجة النظريات الثقافية والفكرية، وهذه مشاريع احتلالية للفكر مفروضة من قبل الفكر الخارجي، ما يؤدي إلى انهيار وحدة الدولة الوطنية عبر هيمنة دول المركز القوية، دول الشمال على دول الجنوب، وفرض أفكارها على الدول الضعيفة، فيما استطاعت مثلاً الجمهورية الإسلامية الإيرانية حماية كيانها وحدودها من اختراقات وخروقات العالم الغربي على مدى ثلاثين عاماً من العقوبات والحصار عبر تطور صناعي في صناعة (السيارات – الطائرات – برنامج قنبلة نووية، تطور زراعي، واكتفاء ذاتي)، وبينما طرحت العولمة بمفهومها مصطلح سلعنة القيم الكونية كحقوق الإنسان والحرية والعدالة والكرامة والمبادئ الوطنية، واستخدمتها انتهازياً لابتزاز الشعوب وشن الحروب عليها كما حصل في العراق عام ٢٠٠٣ تحت ذريعة نشر الديمقراطية، وكما يجري في فلسطين من مجازر وتدمير ممنهج، وكذا الأمر في سورية وليبيا وتونس وبلدان كثيرة.. ويبقى السؤال المطروح ما الحل؟!، أما الجواب فهو أن حركة التاريخ متجددة لا تتوقف والعولمة ليست نظاماً ثابتاً ودائماً وكل المؤشرات توحي بأننا أمام عالم مستقبلي متعدد الأقطاب، وعلى الصعيد المحلي يمكن مواجهة العولمة عبر كوادر وطاقات سورية المبدعة، من خلال العمل لتلبس سورية مما تصنع وتأكل مما تزرع..

نعمى كلتوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار