أسعار العقارات وصعوبة البحث عن المشاريع المؤجّلة؟!

الوحدة : 24-1-2024

مليارات من الّليرات وكذلك مئات الملايين، هذه الأرقام العظيمة أصبحت الحديث الرسمي لغرف العمليات الخاصّة بأصحاب المكاتب العقارية ذات السطوة الأولى والأخيرة لعمليات بيع وشراء المنازل .. ويبدو أن أسعار العقارات خلال هذه المرحلة أصبحت بعيدة جداً عن الواقع، فقد استقر السوق إلى ركود عميق ينتظر حلولاً مجهولة الهوية.
وبعيداً عن قلب المدينة وضواحيها الراقية، فعقارات طوق البلد التي تُصنّف درجة دُنيا، طالتها الأسعار الخيالية التي لا يمكن الّلحاق بها بأي شكل من الأشكال، غالبيتها أسهم عقارية لم يطالها التنظيم حتّى الآن، حيث بات امتلاك المسكن ضرباً من الأحلام، إلّا لمن استطاع تحمّل الغربة لسنين عديدة وحينها سيظفر صاحب المشروع الأُسروي باستقرار منزلي ويخسر جزءاً مهماً من ربيع العمر الذي بدوره سيُكسبه النضج والاستقامة في تقرير المصير والنظر إلى الأفُق البعيد، تاركاً المجال مفتوحاً للتريّث والنظر إلى الأمام بتمعّن، حارقاً المزيد من السنين، فبات الشاب يفكّر كثيراً قبل الانضمام إلى السرب المجهول (أصحاب الأُسر) الذي يترنّح بحسرة وألم، باحثاً فقط عن لقمة العيش اليومية، وبالتالي السير في الطريق الأسلم، إلى كهولة قسرية صنّفها وفرضها الواقع الحالي، في صعوبة الزواج والعزوف عن تكوين أسرة.
وبالعودة إلى طفرة أسعار العقارات وخروجها عن الواقع، فقد قدّمت المصارف الحكومية بعض القروض التيسيرية، في سبيل امتلاك منزل الزوجية، لكن وبحسبة سريعة، هناك خياران كلاهما صعب، فإمّا المنزل، وإمّا الزواج، والراتب القزم في حالة لا يُحسد عليها، فالقسط الشهري للقرض كفيل بتأجيل أي مشروع ومغامرة غير محسوبة النتائج، وعملية امتلاك المنزل بعد تقديم مساعدات أهلية وبعض القروض المصرفية هي ضغط آخر وورطة مشتركة للأهل وأبنائهم، وفي هذه الحالة ستتوقف عقارب السير لصاحب المشروع، الشاب الباحث عن الاستقرار، ويكتفي بممارسة حياته الوظيفية، بانتظار السكن الذي تم اختراعه لهذه الفئة، عندما كانت الأوضاع مُتاحة لكلا المشروعين، المنزل والزواج بآنٍ معاً، لكن هذه المعادلات مجتمعة، أخذت تقدّم أفكاراً وتصرّفات هي بالأصل غير جيدة، ولم يعتد عليها أحد في السابق، لكنها الحلّ الأمثل للكثيرين – السفر والهجرة – الذي بدوره شكّل فراغاً مجتمعياً لفئات متعلّمة ومتخصّصة تّعد بالأساس هي بنية المجتمعات والمحرّك الأساسي لنموها وتطورها .. وهنا الطامّة الكُبرى.

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار