(محمية الأرز والشوح بين الماضي والحاضر)… في ثقافي طرطوس

الوحدة :15-1-2024

تعتبر غابات الأرز  والشوح، والتي أُعلنت كمحمية طبيعية في ٢٢ – ٦- ١٩٩٦ بالقرار رقم /١٩/  بمساحة تقدر ب ١٣٥٠ هكتاراً كنزاً وطنياً هاماً في جبال الساحل السوري، وقد مرت ثلاثة عقود من الزمن على المحمية طالتها فيها حوادث وانتهاكات لا حصر لها والأكثر ترويعاً منها كان الحريق الكبير في عام ٢٠٢٠ م والذي أودى بالقضاء على مساحات كبيرة من المحمية والحيوانات الموجودة فيها، وعمّا آلت إليه المحمية بعد الحريق وحتى اليوم تحدث  الدكتور محمود علي القادم من لاذقية العرب خلال محاضرة أقامها المركز الثقافي العربي بطرطوس بعنوان: محمية الأرز والشوح بين الماضي والحاضر،  والدكتور علي أستاذ في قسم الحراج والبيئة في كلية الزراعة جامعة تشرين – حاصل على درجة الدكتوراه في علوم الغابات من جامعة تكساس في الولايات المتحدة الأمريكية – شغل منصب مدير مكتب دمشق للمنظمة العربية للتنمية الزراعية جامعة الدول العربية – مدير المعهد العربي التقاني للزراعة والثروة السمكية – منسق البرنامج العربي  للتدريب الزراعي والسمكي المنظمة العربية للتنمية الزراعية – مدير المعهد العربي للغابات والمراعي – مدير مركز بوقا للبحوث والإنتاج النباتي، ولفت د.محمود علي أن هذه البقعة الجغرافية اغتيلت عبر العقود الثلاث الماضية عشرات المرات، وسلطت عليها سواطير ومناشر رعاع لا يرحمون عن قصد جهل وسابق إصرار وترصد، مع أنها من أغنى المحميات بتنوعها الطبيعي و تصل مساحتها إلى ١٣٥٠ هكتاراً، وهي موطن آمن للعديد من الحيوانات البرية التي واجهت الانقراض “كالنمر والدب البني والفهد والماعز البري والغزال الجبلي “، ومحطة مهمة للطيور المستوطنة والمهاجرة في فصل الصيف، وهي المنطقة الوحيدة في سورية المصنفة من قبل المجلس العالمي للطيور كمنطقة عنق زجاجة للطيور المهاجرة ، المحمية ما قبل النار كانت تحوي بشكل رئيسي على أشجار الأرز والشوح وأنواع مختلفة أخرى من شجر الصنوبر والسنديان والبلوط ناهيك عن وجود أشجار معمرة تعود أصولها لمئات السنين، ونباتات نادرة مثل الفاوانيا – زهرة الربيع – زهرة الثلج، كما عثر على أنواع جديدة من النباتات التي لم تكن معروفة مسبقاً  كاللوز الشائع – الخوخ الزاحف والسفندر الزيني، ليصبح عدد الأنواع النباتية التي تحويها المحمية / ١٤٢ / نوعاً نباتياً موزعة على ١٠٧ أجناس و ٥٠ فصيلة نباتية مشكلة ٣٨ % من الفصائل النباتية الموجودة في سورية، أشجار الأرز الثروة الوطنية المعمرة منذ آلاف السنين هي – للأسف الشديد – من أخذ النصيب الأوفر من النار، وبعد أن كان للسفح الشرقي المعتم إطلالته الساحرة على سهل الغاب والبحر أصبح اليوم رماداً أجرد لا حياة فيه وعليه للشجرة المباركة المقدسة، وبعد موت هذه الشجرة وللأبد أصبح المناخ نقمة للسكان المحليين بسبب التغير المناخي الذي طرأ على هذه البقعة من الأرض بعد انكشافها لعوامل الطبيعة والآتي ليس بهين ما لم يتم التعامل مع هذه البقعة على أنها محمية طبيعية قولاً وفعلاً، ما جعل خسارة أجمل غابات سورية كارثة بيئية ألمّت وتلم بالثروة الحراجية، وسواء كانت الحرائق مفتعلة أم نتيجة الحر الشديد فإنها تصب في مصلحة بعض الفاسدين من المتنفذين الواضعين نصب أعينهم تدمير هذا الإرث الوطني الطبيعي من أجل حفنة من المال، لتصبح أجمل غابات العالم العربي رماداً منثوراً بين جهل وفقر ، وجشع الطامعين من الأغنياء.

 

 نعمى كلتوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار