الوحدة:14-1-2024
سهل عكار، جنوب طرطوس، وكافّة القرى المتاخمة للنهر الكبير الجنوبي، هذه المناطق تحت خط الكوارث الطبيعية، بالشكل العام هي منكوبة بكل المقاييس، الطبيعة الجغرافية للسهل مكّنت غزارة الأمطار والسيول من توسّع رقعة التخريب والسيطرة على المناطق وتقطيعها، مع العلم أن ريف اللاذقية بالأمس تعرّض لنوبات متتالية من العواصف المطرية التي كانت كفيلة بحدوث الكثير من الأضرار، لكن الطبيعة الجبلية استوعبت تلك الغزارات وحدّت من مفاعيلها، واقتصرت آثارها على جرف التربة والحصى ووضعها أمام العيان.
وبالعودة إلى تداعيات المنخفض الجوي وغزارة الأمطار في الريف الجنوبي لطرطوس، فقد خلّف أضراراً جسيمة على المنازل وأراضي الفلاحين وكذلك الأملاك العامّة والخاصّة في العديد من قُرى سهل عكار، وهذا استدعى جميع الدوائر المعنية ومحافظة طرطوس لوضع إمكانياتها في استنفار شامل للتخفيف عن الأهالي والأراضي في تلك القرى المنكوبة، التي تعدّ سلّة زراعية متكاملة، سواء بما تنتجه البيوت المحمية أم الزراعات الحقلية الواسعة وخاصّة البطاطا، جميع الأملاك التي وقعت على خط الفيضانات أصبحت في خبر كان، فكانت عمليات الإجلاء والبحث عن المحاصرين في مقدّمة الأهداف والمساعدة، لكن ما حصل كان خارج إرادة الجميع.
الدفاع المدني في طرطوس دعا المواطنين لضرورة الحذر والتقيد بتعليمات السلامة والأمان حتى انحسار المنخفض الحالي، علماً أن جميع عناصر المديرية على أهبة الاستعداد والجاهزية الكاملة للوقوف على كافّة تداعيات المنخفض والفيضانات.
طرطوس وشريطها الساحلي على مواعيد مفتوحة مع قدوم عناصر غضب الطبيعة المتعدّدة سنوياُ، فكانت غالبيتها ناتجة عن تيارات بحرية وعواصف رعدية، وتعتبر الفيضانات الحالية من أصعب الكوارث التي يتعرّض لها أبناء سهل عكّار على امتداده، نظراً لغزارة الأمطار التي تتناوب على الجبال المتاخمة فتأخذ طريقها إلى هذه المناطق السهلية، وهذا الأمر يستدعي وقوف أصحاب القرار على الأضرار الجسيمة التي لحقت بسكان المناطق المنكوبة، والعمل على حصر كافة الخسائر التي مُنيت به أملاكهم، كي يتسنّى لهم الوقوف مجدّداً فيما بعد.
فهل سنشاهد عمليات سريعة بمتابعة أوضاع المتضرّرين وخاصّة أن الظروف المعيشية التي يتعرّض لها الجميع ليست على ما يرام؟ وهل ستكون هناك تعويضات مادية وعينية ومراكز لإيواء الخارجين من منازلهم بفعل الكوارث الطبيعية، أسوة بما حصل إبان زلزال شباط الماضي والذي خلّف ويلات وأضرار كثيرة لا زالت مفاعيلها قائمة حتى الّلحظة.
كل ذلك بحاجة لتضافر الجهود وحشد الإمكانيات وتجهيزها استعداداً لما قد يكون أكثر عنفاً، لأن الشتاء وتداعياته في خط البداية وهناك مجال متّسع لحدوث الكثير من الكوارث التي قد لا تحمد عقباها.
سليمان حسين