الجمهور… بوصلة المسرح الحقيقيّة

الوحدة : 10-1-2024
يبقى المسرح أبو الفنون من أكثر الأنواع التصاقاً بالجمهور، والواجهة الثقافية الحضارية الموجهة نحو توعية الجماهير، حتى أن المسرحيات لم تعد مجرد عروض، بل لها دور هامّ وحقيقي لا يستهان به إلى حد كبير، واستطاع جذب الجمهور والحفاظ على رواده، ولا نستطيع التأكيد على أهميته لأنها تؤكد نفسها بنفسها، وذلك من خلال العروض التي يقدمها والتي تلامس قضايا جوهرية ووطنية، حتى العروض الموجهة للأطفال فهي هادفة وذات دلالات ومعانٍ.
والمسرح اليوم يفتح أبوابه للمواهب الشبابية والهواة كما فتحها للفنانين المحترفين، لكن خشبة المسرح تفرز الغث من السمين، والمبدع من يثبت جدارته ويحافظ على اسمه كفنان موهوب، وتلعب النصوص دوراً هاماً في جذب الجمهور لاسيما إذا كانت عالمية أو لأسماء لامعة، وهذا له دوره في تحديد معايير فشل ونجاح العروض وفق مقاييس ومعايير العرض والطلب، وبعض العروض لا تحتاج شهادات نجاح، كل عرض يحمل مقوماته الخاصة به، لكن المقياس الحقيقي والدالّ على نجاح التجربة المسرحية هو الجمهور الذي يتهافت على الحضور أو يُحجم عنه ويرفضه..
ويبقى غياب النقد المسرحي الحقيقي المشكلة الأهم لواقع المسرح اليوم، وهو مشكلة عامة وليست خاصة، ما يؤثر على مفردات العرض المسرحي كافة، فالنقاد المتخصصون ابتعدوا عن مهامهم الأساسية وانصرفوا عنها إلى مهامّ أخرى، فخسر المسرح نقّاده الذين تركوا الساحة لبعض مَن يدّعون النقد وفق أهوائهم ومصالحهم الشخصية، وبالتالي يبقى الجمهور هو البوصلة الحقيقية لتصويب وتقويم التجارب المسرحية.
ولا شكّ أن الحركة المسرحية ماتزال تحافظ على رونقها رغم ما يكتنفها من صعوبات وعقبات يحرص القائمون على الفعل المسرحي على تجاوزها وتذليلها، بتقديم كافة آليات ووسائل وأساليب الدعم والتعاون، ويشهد مسرح اليوم تطوراً ملحوظاً سواء على صعيد التنظيم أم التخطيط أم الإنتاج أم الإخراج وحتى أداء الممثلين والمستوى الفني لهم وللنصوص المقدمة، حيث قُدمت أعمال لافتة لها نكهتها الخاصة التي تحاكي الواقع بطريقة بعيدة عن التكلّف والتصنع والتعقيد، وحققت حضوراً جماهيرياً كبيراً، إضافة إلى تنوع العروض تبعاً للمواضيع وطريقة الإخراج، لتبقى الكوميديا والكوميديا السوداء والتراجيديا ملوك المسرح.
في يوم المسرح العربي نأمل أن تشهد الحركة المسرحية مزيداً من التألق والحضور والتطور الدائم، وتصويب الأخطاء الراهنة وتجاوزها، ودعمه والقائمين عليه بكل السبل والأساليب، ليبقى محافظاً على شعلته متّقدةً لا تخبو.

ريم جبيلي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار